بقلم: حيمي شليف
يعتبر رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ايران شيطانا كبيرا يسعى الى القضاء على اسرائيل والى السيطرة الإقليمية. ويعتبر الرئيس براك اوباما طهران شيطانا صغيرا لم تنعدم فرص إعادتها الى المسار الصحيح، حول ذلك ستندلع حرب يأجوج ومأجوج السياسية بين إسرائيل والولايات المتحدة، اذا تم التوقيع على الاتفاق النووي بين واشنطن وطهران.
الحرب ستكون مدروسة: الطرفان لديهما ما يخسرانه. نتنياهو لا يستطيع أن يسمح بشرخ كامل مع الإدارة الأميركية التي بقي لها 18 شهرا في السلطة، واوباما لا يريد انفصالا لا يمكن إصلاحه بين اليهود الأميركيين والحزب الديمقراطي، بالذات في سنة الانتخابات. لكن كما يقول الكليشيه فان الجميع يعرفون كيف تبدأ الحرب ولكنهم لا يعرفون كيف تنتهي، لا سيما في صراعات تكون فيها الخسارة غير واردة من قبل الطرفين.
نتنياهو يؤمن بصدق أن الاتفاق يعزز ايران ويقربها من القنبلة النووية ويشجع الإرهاب ويضعضع الاستقرار الإقليمي. لكن بعد أن فشل في منع الاتفاق، وبعد أن عمل على تدهور علاقاته مع إدارة اوباما واليسار الأميركي ووضع كل نقوده على الوحش الجمهوري وعلى مؤيديه المسيحيين الصهاينة، فان الفشل في منع الاتفاق في الكونغرس من شأنه أن يكون جسرا محروقا أكثر من اللازم ايضا نحو ناخبيه في البيت. ومثلما أثبت في تصريحاته عن الناخبين العرب في يوم الانتخابات، حيث المسدس موجه نحوه، فان نتنياهو لا يتوقف في الإشارة الضوئية الحمراء.
أوباما ايضا يؤمن أن الاتفاق مع ايران سيكون في صالح السلام العالمي، وسيخدم مصالح الولايات المتحدة ويعزز أمن اسرائيل. لكنه يعرف ايضا أن مكانته الدولية والشخصية وارثه التاريخي ستتلقى ضربة قوية اذا نجح الكونغرس في إفشال الاتفاق. بعد ست سنوات من عدم الثقة والتوتر فان اوباما ومستشاريه لن يستطيعوا التسليم بانتصار نتنياهو وحلفائه في واشنطن ولاس فيغاس.
الصراع السياسي في الولايات المتحدة من اجل انتخابات 2016 يضع المزيد من أطنان الوقود المخصب على النار المتأججة. المرشحون الجمهوريون الـ 15 – باستثناء راند بول – لا يوافقون على شيء باستثناء تأييدهم لنتنياهو وكراهية أوباما، سيستغلون الستين يوما التي منحت للكونغرس من اجل مدح نتنياهو ومحاولة دفن أوباما عن طريق الاتفاق. وسيحظى هجومهم على اهتمام خاص من الخطباء الميدانيين للمرشحين والمناظرات التلفزيونية فيما بينهم. الهدف سيكون ليس فقط أوباما بل المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون. الجمهوريون سيعتبرون عدم منع الاتفاق في الكونغرس خطوة استراتيجية حاسمة في الصراع على الرئاسة.
مشكلة الجمهوريين، وربما مشكلة نتنياهو، هي أن كراهيتهم لأوباما تشوش أحيانا على التفكير والتقدير وتتسبب بخسارتهم. مثلما أن خطاب نتنياهو في الكونغرس في شهر آذار وحد الديمقراطيين في تأييدهم للرئيس، فان هجوما ساحقا من الجمهوريين على اوباما في الشهرين القادمين قد يوحد الصفوف ايضا في أوساط الديمقراطيين المتحفظين من الاتفاق ويخشون من المتبرعين اليهود. وبعد تحول الموضوع الى مسألة مركزية في الانتخابات فان كثيرا من المشرعين الديمقراطيين سيخشون أكثر من خلق انطباع لدى اليسار العسكري، لأنهم ساعدوا العدو على احتلال البيت الأبيض.
يصعب تقدير نتيجة ما يحدث، هل ستهدأ علاقات إسرائيل والولايات المتحدة أربعين عاما أم أن الأرض ستبقى محروثة لفترة طويلة. وما نُسي عندنا هو أن الحديث لا يدور عن طرفين متكافئين: الولايات المتحدة سترفع يدها عن إسرائيل اذا أصيبت. وإسرائيل في المقابل قد تخرج صلعاء من الجانبين: ستخسر في الحرب وتبعد نفسها عن نصف أميركا في فترة تواجه فيها الواقع الجديد الذي انشأه الاتفاق.
الأمر الوحيد الذي يخيف اكثر من الهزيمة هو الانتصار. فهزيمة اوباما تعني إهانة الرئيس والإدارة، وغياب التأييد الديمقراطي وتفكيك التحالف الدولي الذي عمل ضد طهران، ومنح بطاقة «بلانش» للإيرانيين من اجل تحضير القنبلة المعادية لإسرائيل في أساسها، وفي هذه المرة بتشجيع دول كثيرة في العالم.
عن «هآرتس»