فخ نتنياهو في غزة: بين التخوف من انتقاد تقديم التسهيلات وعدم الرغبة بالحرب

765.jpg
حجم الخط

 

، أن تبادل إطلاق النار، ليلة الأربعاء، على حدود قطاع غزة جرى وفقا للشكل المعتاد في الأسابيع القليلة الماضية. في سياق النضال ضد الخلايا التي تطلق البالونات والطائرات الورقية وتحرق الحقول والغابات في محيط غزة، قصفت إسرائيل سيارة تابعة لناشط من حماس، تدعي إسرائيل ضلوعه في تفعيل الخلايا. وردا على ذلك أطلقت حماس الصواريخ وقذائف الهاون على بلدات النقب. في إسرائيل لم يعد هناك شك بأن حماس هي المسؤولة عن إطلاق النار، وليست تنظيمات "متمردة" - وأن المنظمة تريد ترسيخ معادلة جديدة للردع، والتي بموجبها سيكون هناك ثمن فوري لأي هجوم إسرائيلي.

في غضون ذلك، فإن الأحداث المتكررة على الحدود تقوّض هدوء المستوى السياسي في إسرائيل. على وجه الخصوص، أزعجهم استطلاع نشرته شركة الأخبار هذا الأسبوع. خلال أقل من شهر، انقلب تماما الرأي العام بشأن أداء رئيس الوزراء نتنياهو والوزراء في التعامل مع الأزمة في قطاع غزة. في الاستطلاع السابق، اعتقد 62٪ أن الأداء كان جيداً مقارنة بـ 28٪ وصفوه بأنه "غير جيد". الآن، قال 64 ٪ إنهم لا يشعرون بالرضا مقارنة بنسبة 27 ٪ قالوا إنهم راضون عن الأداء.

هذه هي الخلفية لبالونات الاختبار المتكررة التي تم إرسالها إلى وسائل الإعلام في الأيام الأخيرة، بما في ذلك بيان الاتفاق - الذي نفته قبرص - على إنشاء رصيف ميناء في قبرص لغزة وإعادة طرح خطة لبناء مجمع طاقة شمسية في إسرائيل لتزويد قطاع غزة بالطاقة. لقد تمت مناقشة هذه المشاريع وغيرها الكثير في الأشهر الأخيرة مع الولايات المتحدة ومصر ودول الخليج، التي يأمل ترامب أن يتم إقناعها بتمويلها. لكن العقبات لا تزال كثيرة.

الدول العربية تتفاعل ببطء، والمعسكر الفلسطيني ممزق بين حماس والسلطة الفلسطينية، اللتين ترفضان التعاون والمساعدة في تحسين وضع سكان غزة. إن العقبة المباشرة ترتبط بوضع المدنيين الإسرائيليين وجثث الجنود المحتجزين في غزة. يبدو أن قيادة حماس ما زالت تعتقد أنها ستتمكن من ابتزاز نتنياهو واطلاق سراح عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين مقابلهم.

إذن، فإن نتنياهو محاصر. إن التسهيلات الإنسانية لغزة، من دون التوصل إلى صفقة تبادل للأسرى، ستواجه على الفور الانتقاد الشديد من العائلات. وفي الخلفية، يقوم وزراء في حكومته وبقية موزعي النصائح، في وسائل الإعلام وعلى الشبكات الاجتماعية، بتمزيقه إلى شظايا بسبب ضعفه في وجه الإرهاب. وكلما أطالت القيادة الإسرائيلية وجودها في هذا المستنقع، كلما زاد غرقها.

عندما تخبط الجيش بشأن أهمية القرار في حقبة القتال غير المتماثلة ضد المنظمات الإرهابية والعصابات، حدد رئيس هيئة الأركان غادي ايزنكوت، هدفا آخر للعمليات العسكرية: تحسين كبير في الوضع السياسي والأمني. ولكن السؤال الذي يواجه نتنياهو، ووزير الأمن افيغدور ليبرمان ورئيس الأركان العامة، عندما يجري فحص الاحتمالات في غزة، هو: كيف تحقق العملية العسكرية في قطاع غزة هذا الهدف. هل من الممكن إجراء عملية محدودة في الوقت والثمن، وتحسين الظروف؟ في نهاية المطاف، لا تزال إسرائيل تنظر إلى نظام حماس باعتباره أهون الشرين مقارنة بالبدائل الأخرى - الاحتلال الإسرائيلي (الباهظ الثمن مع مرور الوقت)، وإعادة تتويج السلطة (من غير المرجح)، واستيلاء جهات متطرفة مثل داعش أو حدوث فوضى لفترة طويلة (لا سمح الله).

ولذلك، فإن القيادة السياسية تقع في الأكاذيب التي ترويها لنفسها وللجمهور. إنها تعد بالتصميم والقوة، ولكنها تريد فقط إنهاء الاحتكاك مع المظاهرات الكبيرة والصواريخ وحرائق الطائرات الورقية. الثمن العسكري المنوط في العملية يبدو لها مرتفعا جدا، في حين أن التسهيلات الإنسانية يمكن أن تجبي ثمنا سياسيا. في هذه الأثناء، بدأ ظهور الخلافات الاستخبارية. وكما ذكرت "هآرتس" هذا الأسبوع، تعتقد بعض الجهات الاستخبارية أن حماس لم تعد تخاف من مواجهة عسكرية في قطاع غزة وتفكر في جر إسرائيل إلى ذلك من أجل تحقيق الترتيب الضروري لتخفيف أوضاع البنية التحتية والاقتصادية في غزة.