بقلم: د. رانيا اللوح
على مدار عدة عقود كانت حركة حماس توحي للآخرين أنها الثابتة على الثوابت، وأنه لاتغيير في مفاهيمها ومعتقداتها لدرجة أنه سرعان ماكان يصطحب مع كل قرار '' فتوى شرعية '' وما أكثر الفتاوي بهذه الحركة الربانية '' حسب زعمهم ''
مع بدايات انشاء السلطة الفلسطينية بداية التسعينات والبدء بالحديث حول انتخابات المجلس التشريعي، أصدرت حماس فتواها بتحريم الانتخابات وبالتالي مقاطعتها، وما أن لبست قليلاً لتغير حماس فتواها 2006 وتستبدلها بفتوى أخرى تجيز الانتخابات لتخوض غمارها منتشية بنتائج الفوز لصالحها '' تحت خيمة أوسلو الملعونة من قبلهم.
..
في حين كانت الصواريخ التي تطلقها حماس مع بداية تنفيذ أي اتفاق لتسليم مدن فلسطينية للرئيس الشهيد ياسر عرفات، كانت حماس تقدس تلك الصواريخ وهي تدرك جيداً أن اطلاق الصواريخ بهذا التوقيت تحديداً هو يضر بالقضية وليس لصالحها.
وفي حين كان الرئيس محمود عباس يسميها صواريخ عبثية، كانت حماس تخونه وتنزل به سيلا من السب والشتم،
في حين بعد سيطرتها بقوة السلاح على غزة تصدت حماس لكل من يطلق صواريخ على الاحتلال بقوة ووصل الأمر حد الاعتقال وتخوين من يطلقها.
كثيراً ما خونت حماس السلطة الفلسطينية وفتح كونها تقبل فقط بدولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران، مدعية تمسكها بفلسطين من البحر إلى النهر لنرى بعد ذلك إعلان حماس عن وثيقة '' تعترف بها بدولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران، بعد سلسلة الفتاوي والمحرمات والمرعبات التي اطلقتها سابقاً.
حماس''بعد تحريم التفاوض مع العدو الاسرائيلي يطل علينا د موسى أبومرزوق وغيره من قيادة حركتهم تقول أنه من الممكن جدا التفاوض مع العدو، لتبدأ بالاستعانة بمواقف من خلال الدين والتفحيص والتمحيص عن مخارج لتحليل فتاوي سبق تحريمها وصولاً بتغيير مواقفها إزاء المسيرات السلمية.
.
ومع ذلك فرغم كل هذه الفتاوى المتلاحقة والمتضاربة إلا أن حركة حماس تبتعد كل يوم عن القاعدة الجماهيرية، ولم تستطع أن تقدم الأفضل للشارع الفلسطيني ولا للقضية ويرجع السببب في ذلك حسب رأيي أن حماس لم تنشغل بهموم الوطن والمواطن على قدر انشغالها بتثبيت دعائم حكمها وسيطرتها على غزة، فتوالت الأزمات والكوارث على غزة، ووصلت حد الانفجار، مما استوجب على حماس إباحة المحرمات من وجهة نظرها للخروج من عنق الزجاجة '' مع مزيد من المكابرة ''
الخطير في الأمر هنا يكمن في عدة نقاط:
أولاً: إستمرار حماس في تعنتها وإدارة ظهرها للمصالحة الفلسطينية وتوجهها نحو الأمريكان والغرب والتعاطي معهم كفيل بفصل غزة عن باقي الوطن..
ثانياً: الموافقة بشكل مباشر أو غير مباشر على التعاطي مع من يدعون الإنسانية '' والحنية الزايدة'' على غزة والذي أيضاً يدخل في إطار فصل غزة لتأسيس كيان منفصل فيها.
ثالثاً: لايخفى على أحد أن إسرائيل لم ولن تلتزم بأي اتفاقات ''أوسلو نموذج حي.يموت ''
رابعاً: مهم العلم أن إسرائيل كعدو لا يعنيها تقوية أي فصيل فلسطيني، وانما تبيع وهما لحماس للضغط واضعاف السلطة
وكي لايعتقد البعض أنني هنا في إطار التحيز لجهة ما لكننا في مرحلة هي الأخطر على قضيتنا الفلسطينية تستوجب التحذير من الوقوع بالفخ الاخطر.
في كل الأحوال المرحلة تتطلب مزيداً من التنازلات، وكثيراً من الاجتهادات وتوفير نوايا حسنة مصحوبة بفعل يليق بانتمائنا وتضحيات شعبنا وحلمنا في دولتنا، التنازل للصالح العام مدعاة للفخر وليس العيب خاصةً أن صفقة القرن ليست اتفاقا أو صفقة تطبق رزمة واحدة، فهي على مايبدو إجراءات ميدانية تطبق على الأرض على مراحل تتدحرج بسرعة أكثر طالما بقينا منقسمين.
مطلوب من الكل الفلسطيني التوجه نحو إنهاء الانقسام و إستعادة الوحدة الوطنية، لايجوز أن نطلب من العرب أن يتوحدوا في نصرتنا، ونحن منقسمون على أنفسنا.