هل ما زالوا يصفقون لأنفسهم؟

صلاح هنية.jpg
حجم الخط

يتساءل الناس: هل ما زالوا يصفقون لأنفسهم، وعن سر هذا التصفيق، ترى ما هي الدافعية للتصفيق في الوقت الذي لا يلمس المواطن الإنجاز او التغيير الا صوت تصفيقهم، ضبطنا 76 طناً من الأغذية الفاسدة ومنتهية الصلاحية، ويصفقون بعنف، تُرى متى ستسد ثغرة التهريب والبضائع الفاسدة والمنتهية الصلاحية؟ وعندما يفرغون من التصفيق يقولون: سد الثغرات ليست مسؤوليتنا، وعندما يصفقون لأنفسهم عندما ينفذون خط أنابيب لشبكة المياه، وبعد التصفيق لأنفسهم نسأل عن المياه، لماذا لا تجري في الشبكات، يتضح السبب أنها مرهونة بموافقات اللجنة المشتركة التي تقرر بخصوص الكميات الإضافية من المياه، بينما المستوطن له كميته وزيادة دون الرجوع للجنة المشتركة.
يصفقون لأنفسهم ويعلنون أننا سنتملك كل مقار الوزارات والهيئات غير الوزارية لخفض بند الإيجارات، وينشأ مجمع الوزارات الحكومية في الماصيون في رام الله، ويصفقون  لأنفسهم، ويقال في العام 2016 سينجز المبنى الأخير وستتم الأعمال الخارجية ويصفقون، ولم يُنجز لليوم. وما زالت الهيئات الحكومية تنتظر ان تفك عقد الإيجار، والأعمال البطيئة ماثلةٌ أمام أركان الحكومة في اجتماعهم الأسبوعي وتنقلهم اليومي.
وعندما يقصون شريط مشغل صناعي جديد أو مزرعة حديثة تلتهب حناجرهم بالحديث عن المنتج الفلسطيني والمزارع والزراعة والصناعة، وما هي الا أيام حتى يغرق السوق بمنتجات إسرائيلية ومستوردة تضارب المنتج الفلسطيني بجودة لا توازيه وسعر لا يغطي تكلفة الانتاج، نتيجة للتهرب الضريبي وعدم الفحص على الموانئ. لماذا كنا نصفق قبل أيام؟ أليس من أجل الملكية الفكرية وحماية العلامة التجارية ومن أجل دعم المنتجات الفلسطينية والمزارع الفلسطيني؟!!!!!
اجزم أن تصفيقهم لأنفسهم يجب ان يتوقف فوراً، وأن يذهبوا صوب المضمون والعمق كما فعل ويفعل الرئيس محمود عباس، عندما وضع حجر الأساس لمصنع الإسمنت الأول في فلسطين، وعبّر عن فخره بالمستشفى الاستشاري في رام الله، وظل يقول: ذهبت هناك لقص الشريط واذا بي أمكث ثلاث ساعات، وأنا فخور، وفخره بالصناعة الفلسطينية وتشكيله في اجتماع مع حشد من القطاع الخاص قبل عامين لجنة لمتابعة الشأن الاقتصادي ودعم الصناعة الفلسطينية.
محزن ان الاحتلال لا يصفق لذاته، ولكنه يخطط ويتواصل من أجل تنفيذ مشروعه، فقد بات مطار القدس في قلنديا موقفاً للباصات العاملة على الخطوط، وها هو مشروع غلاف القدس ينفذ قطعة قطعة دون ضجيج، وتتواصل خطط الإلحاق الاقتصادي للاقتصاد الإسرائيلي.
أيعقل ان نصفق لأنفسنا بعدما ألغينا وزارة التخطيط، ولم يعد لدينا مركز للدراسات الاستراتيجية، وخطابنا يدغدغ العواطف ولا يخاطب العقل، ونكون معترضين ومتشددين في الاعتراض عندما تطالنا شعرة من السلبية، وعندما لا يطالنا شيء يصبح الموضوع قضيةً حيادية وبحثاً علمياً واستخلاصات متوازنة ومعايير دولية مهنية!!!.
ويمتد منطق التصفيق للذات ليطال حقوق الانسان والديمقراطية، نعم نحن ننتقد كل الاطراف ولا ننحاز لأحد، راجعوا بياناتنا، لقد توازنّا في حجم النقد، وذات العبارات قسمت هنا وهناك بالتساوي، اين يقع التأسيس لمنظومة حقوق الإنسان والديمقراطية والتعددية؟ أين هو نتاج عشرات الورشات والمؤتمرات والسفرات واللقاءات والدراسات؟ لماذا لم تصنعوا فرقاً؟.
وتبقى الشفافية والمساءلة قضية معيارية، فمن يسأل محصناً ضد المساءلة وضد الشفافية، والحصانة تؤهله لمساءلة كل شيء، أما هو وفريقه فلا يجوز ان ينتقد احدٌ تصريحاً له أو فقرة على مواقع التواصل الاجتماعي، أما ميدانياً فممنوع ان يقال له موقفك خاطئ وغير شفاف، فينعتك بكل صفات القاموس الحزبي، مستعيناً بمفردات ما نتفق عليه وليعذر بعضنا بعضاً، ويسنده من يسنده في حرب شعواء، وتصبح رؤية الآخر غير دقيقة وهو من رأى فقط، وحتى من كان يقف بجانبه لم يرَ ولم يستوعب.
أما مَن رفع الأسعار وحصل على امتياز تسويق سلع حساسة وأساسية واستطاع أن يعدل تعليمات واضحة، فالساحة له مفتوحة لكي يكون في موقف اعتراضي ليقول : شوفوني ها انا ذا بين الشعب، مش زي ما بقولوا عني إنّي احتكر وأتلاعب بالأسعار كما أشاء.
ونظل نُصر ونصر على التعددية وحرية الرأي والتعبير، وحقوق الإنسان وحقوق المستهلك، ورفض الاحتكارات، والديمقراطية، وقبول الآخر ووحدة كل القوى والتيارات في بوتقة واحدة موحدة تحت قاعدة "لنتحد على ما نتفق عليه وليعذُر بعضُنا بعضاً فيما نختلف عليه".