قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إن القيادة الفلسطينية عملت خلال العقدين الأخيرين على إنجاز سلام، يضمن تحقيق الحد الأدنى من الحقوق التاريخية المغتصبة للشعب الفلسطيني، وهو ما قوضته إسرائيل.
ودعا الرئيس في كلمة ألقاها نيابة عنه وزير الخارجية والمغترين رياض المالكي في الدورة الحادية والثلاثين لقمة الاتحاد الأفريقي، المنعقدة تحت شعار "الانتصار في مكافحة الفساد "مسارٌ مستدامٌ لتحول أفريقيا"، الاتحاد الأفريقي إلى مراجعة العلاقات مع الدول والأنظمة السياسية العنصرية المعتدية، على الصعد السياسية والدبلوماسية والاقتصادية، والتي تمثل إسرائيل نموذجها الصارخ في القرن الحادي والعشرين.
وأضاف الرئيس أن القضية الفلسطينية، التي كانت وما زالت مفتاحاً أساسياً، لتحقيق الأمن والسلم الدوليين، قادرة بما تتسم به من قوة دفع سياسي وتضامن عالمي، على إفشال كافة المخططات العدوانية، وذلك لما تتمتع به من عدالة جعلتها نقطة ارتكاز تضامني، لكافة أحرار العالم، الذين يتقدمهم رفاقنا وشركائنا في القارة الأفريقية.
وأكدعلى أن الإدارة الأميركية، التي ارتضت على نفسها أن تكون خارج الإجماع الدولي، لحل القضية الفلسطينية، وأعلنت بقرارها المتعلق بالقدس، عدم احترامها لنضالات وحقوق الشعوب التي تناضل من أجل استقلالها وحريتها وحقوقها، باتت غير مؤهلة أخلاقيا أو سياسيا، لفرض أي حل، أو تمرير أي صفقة، تقوم على هضم واجتزاء الحقوق الفلسطينية، لصالح شرعنة الاحتلال الإسرائيلي.
وفيما يلي نص كلمة الرئيس التي ألقاها المالكي:
فخامة الرئيس/ محمد ولد عبد العزيز .. رئيس الجمهورية الإسلامية الشقيقة، رئيس الدورة الحادية والثلاثين لقمة الاتحاد الأفريقي.
فخامة الرئيس/ بول كاغامي .. رئيس جمهورية رواندا، رئيس الدورة الثلاثين لقمة الاتحاد الأفريقي .
معالي السيد/ موسى فكي محمد .. رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي.
أصحاب الجلالة والفخامة والمعالي ..
السيدات والسادة ..
أسعد الله أوقاتكم بكل خير ...
"يطيب لي أن أقف بينكم، ممثلا لأخيكم ورفيقكم، سيادة الأخ الرئيس محمود عباس، رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، رئيس دولة فلسطين، ناقلا لكم تحياته وتمنياته الصادقة، لمؤتمر القمة الأفريقية الحادية والثلاثين، بالنجاح والتوفيق، حتى تحقيق مقاصدها وأهدافها العليا، في ترجمة طموحاتها وخططها، بما يحقق للقارة الأفريقية وشعوبها المكافحة، ما تصبو إليه من رفاه واستقرار وتنمية مستدامة".
سأقرأ عليكم كلمة السيد الرئيس محمود عباس، رئيس دولة فلسطين لهذه القمة الهامة:
إنني إذ أتقدم باسم دولة فلسطين، في هذا الانعقاد الهام، للدورة الحالية للقمة الأفريقية، بصادق مشاعر التقدير والاعتزاز، من فخامة الرئيس محمد ولد عبد العزيز، على مجهوداته المشكورة، وسعيه الدؤوب، للإعداد والترتيب للدورة الحالية، وما رافق ذلك من ضيافة كريمة، كما أشكر سيادة الرئيس بول كاغامي، على قيادته أعمال الدورة الثلاثين، وما رافقها من إطلاق رؤى طموحة، تتخذ الدورة الحالية شعارا منها.. آملا أن تتضافر جهودنا وإمكانياتنا المشتركة، من تحقيق ما تتطلع له شعوبنا جميعا، في هذه المرحلة الحساسة، التي تشهد تغيرات وتكتلات سياسية واقتصادية دولية هامة.
سيدي الرئيس ..
الأخوات والإخوة ..
إن شعارا كالذي تنعقد تحت رايته، أعمال الدورة الحادية والثلاثين، لقمة الاتحاد الأفريقي، حول "الانتصار في مكافحة الفساد، مسارٌ مستدامٌ لتحول أفريقيا"، يعد أساسا حيويا في نمو وريادة القارة الأفريقية عموما، ومرتكزا فاصلا في تعزيز القدرة الأفريقية، على مواجهة التحديات السياسية والتنموية والاقتصادية. كما أنه يعتبر ضرورة قصوى لتقوية المناعة لكافة الدول والنظم السياسية في القارة، بما يراكم على منجزات شعوبنا الأفريقية، في مسيرة التحرر والاستقلال، التي عاشتها منظمة التحرير الفلسطينية، بمنطق التضامن دائما، والشراكة غالبا، في عدد كبير من الدول الأفريقية، منذ ستينيات القرن الماضي.
إن التجربة الفلسطينية الأفريقية، تتجلى دائما، في منجزنا السياسي الفلسطيني، كمبعث اعتزاز وطني، ومدعاة فخر لكل فلسطيني، كان ولا يزال يعتبر أفريقيا عمقا استراتيجيا، وحاضنا سياسيا وتضامنيا، ورافعة أولى في دعم حقوق الشعب الفلسطيني الأعزل، في نضاله المشروع، من اجل تحقيق غاياته وأهدافه، في الدولة والحرية والاستقلال، كما نصت على ذلك معظم مقررات القمم الأفريقية، مدعومة بقرارات الشرعية الدولية، في المحافل ذات الصلة، وعلى رأسها الأمم المتحدة، ومؤسساتها المختلفة .. وهو ما يجعلنا دائما نتعاطى مع القضايا الأفريقية، من منظور أخلاقي وسياسي ناضج، أسس في العقيدة السياسية الفلسطينية، على قاعدة الإيمان العميق، بالشراكة في المصير، والارتباط العضوي في الهموم والوقائع والتطلعات .
أصحاب الفخامة والجلالة والمعالي ..
إن تحقيق المرجو من نتائج لهذه القمة الأفريقية، يتصالح مع نفسه تماما، إذ إنه يستند إلى أهمية توفير بيئة مناسبة، تتأسس على اشتراطات الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة، وهي اشتراطات مسببة منطقيا وسياسيا وأمنيا، بحكم التداخل الجغرافي والديموغرافي والتاريخي، وكذاك تتشابك التفاصيل في التجربة والمصالح بين أفريقيا والعالم العربي، وتعزيز من ضرورة حل القضية الفلسطينية لصالح هذه الاشتراطات، عبر إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، على حدود الرابع من حزيران لعام 1967م.
لقد عملت القيادة الفلسطينية، طوال العقدين الأخيرين، مع كافة الأشقاء والأصدقاء والشركاء، في الأسرة الدولية، على مستوى الإقليم والقارة والعالم، على انجاز سلام، يضمن تحقيق الحد الأدنى من الحقوق التاريخية المغتصبة، للشعب الفلسطيني، وأبدت مرونة منقطعة النظير، للوصول إلى حل شامل، يحترم الإرادة والشرعيات الأممية، وراهنت بكل ثقلها على الأسرة الدولية، وهو ما واجهته دولة الاحتلال الإسرائيلي، بمزيد من التصلب والانكار، وحولت المفاوضات إلى غطاء لترسيخ احتلالها للأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967م، من خلال زيادة الاستيطان، وتقويض السلطات الفلسطينية المكتسبة على الأرض في اتفاق أوسلو، وضرب مقومات ومؤسسات الدولة الفلسطينية المنشودة، وشن حروب مدمرة على قطاع غزة المحاصر، وفصل المدن الفلسطينية عن بعضها بالمستوطنات ومئات الحواجز العسكرية، وأسرلة وتهويد العاصمة الفلسطينية، القدس الشريف، والتي توجت بقرار أميركي عدواني أحادي، نهاية العام الماضي، يعترف بالقدس المحتلة عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، وينقل السفارة الأميركية بموجبه من تل أبيب إلى القدس المحتلة، في تحد أميركي استفزازي معيب، للإرادة الدولية، التي تمثلون جزءا أصيلا منها.
السيدات والسادة ..
إن القضية الفلسطينية، التي كانت وما زالت مفتاحا أساسيا، لتحقيق الأمن والسلم الدوليين، قادرة بما تتسم به من قوة دفع سياسي وتضامني عالمي، على إفشال كافة المخططات العدوانية، وذلك لما تتمتع به من عدالة جعلها نقطة ارتكاز تضامني، لكافة أحرار العالم، الذين يتقدمهم رفاقنا وشركائنا في القارة الأفريقية.
إن الإدارة الأميركية، التي ارتضت على نفسها أن تكون خارج الإجماع الدولي، لحل القضية الفلسطينية، وأعلنت بقرارها المتعلق بالقدس، عدم احترامها لنضالات وحقوق الشعوب التي تناضل من أجل استقلالها وحريتها وحقوقها، باتت غير مؤهلة أخلاقيا أو سياسيا، لفرض أي حل، أو تمرير أي صفقة، تقوم على هضم واجتزاء الحقوق الفلسطينية، لصالح شرعنة الاحتلال الإسرائيلي، بما يشمل استمرار حصار قطاع غزة، وما تتعرض له القدس الشرقية، من ابشع عملية تطهير عرقي، حيث تُسن لها قوانين خاصة، تشبه تلك القوانين التي قام عليها نظام الفصل العنصري في جمهورية جنوب أفريقيا الصديقة.
سيدي الرئيس ..
إن دولة فلسطين التي تتطلع دوما إلى دعم القارة الأفريقية، في نضالها المشروع من أجل فرض سيادتها، وإنهاء الاحتلال عن الأراضي المحتلة عام 1967م، ومحاسبة دولة الاحتلال الإسرائيلي، تدعوكم إلى تطبيق المبادئ التي قام عليها الاتحاد الأفريقي، في مراجعة العلاقات مع الدول والأنظمة السياسية العنصرية المعتدية، على الصعد السياسية والدبلوماسية والاقتصادية، والتي تمثل إسرائيل نموذجها الصارخ، في القرن الحادي والعشرين.
كما تساند دولة فلسطين، كافة المطالب الأفريقية المحقة، لجهة إعادة تشكيل مجلس الأمن الدولي، بما يضمن تمثيلا مستحقا للقارة الأفريقية، ويحقق أيضا مبدأ العدالة واحترام الأغلبية، وتوازن في المنظومة الدولية.
وفي الختام؛ لا يفوتني إلا أن أشكر كافة الدول الأفريقية الشقيقة، التي صوتت لصالح توفير الحماية للشعب الفلسطيني، في الأمم المتحدة، شهر حزيران الماضي، كما أوجه التعازي والتضامن مع الدول الأفريقية التي تعرضت لهجمات إرهابية مؤخرا، وأخص بالذكر جمهورية نيجيريا الصديقة، وزيمبابوي وأثيوبيا.
مرة أخرى؛ أتمنى لمؤتمر القمة الأفريقية في دورته الحادية والثلاثين، النجاح والتوفيق في مقاصده، كما وأشكر لكم إتاحة هذه الفرصة، وحسن الاهتمام.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته