كشفت مؤخراً وثائق وكالة الأمن القومي الأمريكي عن دور إسرائيل باغتيال أحد كبار القادة السوريين والمستشار المقرب لرئيس النظام السوري بشار الأسد. واصفة قيام زروق حربي إسرائيلي باغتيال الجنرال محمد سليمان في طرطوس عام 2008.
وقال إيان بلاك في صحيفة "الغارديان" إن الوثائق التي ظهرت تكشف عن مسؤولية القوات الإسرائيلية الخاصة عن اغتيال المسؤول الكبير، وأحد مقربي الأسد. فقد أطلق النار على الجنرال سليمان وهو على شاطئ مدينة طرطوس على البحر المتوسط في آب/ أغسطس عام 2008.
وذكرت الصحيفة في حينها أن مقتل الجنرال تم من خلال قناص أطلق النار على يخت كان راسيا على الميناء. ولم تعلق إسرائيل في ذلك الوقت على العملية، أو تعلن مسؤوليتها عنها، ولكن الشك ظل يحوم حول تورطها فيها. ولهذا كشفت وثائق خاصة للاستخبارات الأمريكية عن تورط حقيقي للقوات الإسرائيلية الخاصة بمقتل الجنرال.
ويشير التقرير إلى أن الكشف يأتي من الوثائق، التي سربها التقني الأمريكي إدوارد سنودين من وكالة الأمن القومي، وحررها غلين غريوورلد من الموقع الأمني "إنترسيبت".
وتقول الوثيقة، التي وردت في الموسوعة الأمنية "إنليبيديا" المشابهة لـ"ويكيبديا"، الموسوعة الحرة، التي وصفت عملية الاغتيال، التي قامت بها "قوات الكوماندوز البحرية الإسرائيلية قرب طرطوس"، بأنها "أول مثال تستهدف فيه إسرائيل هدفا حكوميا حقيقيا". وضمنت تفاصيل الاغتيال في "الجدول الزمني لعمليات الاغتيال المسجلة في مستودع وكالة الأمن القومي"، بحسب الصحيفة.
ويبين بلاك أن السفارة السورية في دمشق علقت وقت الحادث أن إسرائيل هي المشتبه به الأول المتهم بالقيام بالعملية. ففي برقية سربها الموقع الأمني "ويكيليكس" في عام 2010، فقد اتهم الإعلام الإيراني بشكل علني إسرائيل منذ البداية.
ويفيد التقرير، بأن استهداف سليمان جاء بسبب علاقته بالشؤون الدفاعية والأمنية، بحسب مسؤولين سوريين، حيث كان يعمل في مكتب الأسد الخاص في دمشق.
وتنقل الصحيفة عن المصادر الإسرائيلية والمعارضة للنظام قولها إنه عمل منسقا مع حزب الله المدعوم من إيران.
ويستدرك الكاتب بأن وثائق الحكومة الأمريكية وصفت مهمة وعمل سليمان بدقة، قبل مقتله بأشهر بأنه "مستشار رئاسي خاص لشراء السلاح والأسلحة الاستراتيجية". وذكرت أنه كان مسؤولا عن أمن المنشآت النووية السورية التي دمرتها إسرائيل قبل ثمانية أشهر من مقتله.
وينقل التقرير عن موقع "إنترسيبت" قوله إنه "بحسب ثلاثة مسؤولين أمنيين أمريكيين لهم خبرة طويلة في الشرق الأوسط، فإن صفة الوثيقة المختومة بختم وكالة الأمن القومي تشير إلى أن الولايات المتحدة ربما رصدت عملية القتل من خلال التجسس. والعلامة التي كتبت على الوثيقة (إس آي)، ما يعني أن المعلومات الواردة في الوثيقة تم الحصول عليها من خلال المراقبة والتجسس".
وتوضح الصحيفة أن المعرفة داخل وكالة الأمن القومي حول التجسس على الوحدات العسكرية الإسرائيلية تظل حساسة؛ بسبب وجود ضباط إسرائيليين يعملون بشكل مشترك مع ضباطها في مقر الوكالة في فورت ميد في ميريلاند.
ويذكر بلاك أن الإعلام السوري، الذي تمارس عليه رقابة شديدة، لم يشر إلى عملية القتل في ذلك الوقت. ولكن مصادر سورية أكدت في حينه مقتل الجنرال سليمان، من خلال سلاح كاتم للصوت، حيث تلقى رصاصا في الرأس والرقبة عندما كان في شاليه في منتجع الرمال الذهبية على شاطئ طرطوس، حيث يملك أصحاب الحظوة المالية شاليهات هناك.
ويلفت التقرير إلى أن إسرائيل كانت قد شنت في أيلول/ سبتمبر 2007، هجوما جويا دمرت فيه موقعا نوويا في منطقة الكبار قرب نهر الفرات، وكان على ما يبدو واحدا من المشاريع الخاصة التي "لم تكن معروفة للقيادة العسكرية السورية بشكل عام"، بحسب ما قالته السفارة الأمريكية.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أن اغتيال سليمان جاء قبل ستة أشهر من اغتيال القيادي العسكري في حزب الله عماد مغنية في دمشق. وكشفت صحيفة "واشنطن بوست"، ولأول مرة، عن ضلوع إسرائيل في اغتيال مغنية. وكانت الولايات المتحدة تلاحق مغنية؛ لدوره في عدد من العمليات، بينها استهداف المارينز الأمريكيين في بيروت عام 1982.