وجه مفوض عام الأونروا بير كرينبول، مساء اليوم السبت، رسالة إلى اللاجئين الفلسطينيين، وموظفي وكالة الغوث في مناطق عملها الخمس، بما فيها قطاع غزة.
وفيما يلي نص الرسالة:
زميلاتي وزملائي الأعزاء،
لقد شهدت الشهور الستة الماضية حالة من عدم الاستقرار الشديد لمجتمع لاجئي فلسطين، وقد أدت مسألة نقل سفارة الولايات المتحدة الأمريكية إلى القدس وما تبعها من اضطرابات في قطاع غزة بالإضافة إلى الصراع المدمر في مخيم اليرموك إلى التأثير على المجتمع الفلسطيني بشكل كبير وبطرق عدة مما أثار مخاوف عميقة حيال المستقبل.
وعلاوة على ذلك، وبتاريخ 17 يناير 2018، فقد أبلغتكم كما وأبلغت لاجئي فلسطين بأنه ولاحقا لقرار الولايات المتحدة الأمريكية بخفض تمويلها بواقع 300 مليون دولار، فقد باتت الأونروا تواجه أزمة هائلة وعجزاً تمويلياً هو الأسوأ في تاريخها حيث بلغ 446 مليون دولار، وقد قلت بوضوح بأننا سنبذل كل الجهد لحماية تفويض الأونروا والتصدي لهذه الأزمة بعزيمة صلبة وإبداع وانضباط، كما وقلت أيضا لكافة موظفي الأونروا أن هذه هي لحظة للتضامن والتلاحم الداخلي.
واليوم، أود أن اطلعكم على وضعنا من الناحيتين المالية والمؤسساتية مستعرضا ما أنجزناه خلال الشهور الستة الماضية وأحدد الإجراءات، بعضها داخلي والبعض الآخر خارجي، والتي سأتخذها لضمان أن نستمر بحماية الخدمات للاجئين والموظفين بالحد الأقصى الممكن في ظل الظروف الحالية الحرجة.
الإنجازات من يناير حتى يونيو 2018
لقد كان منهجنا في التواصل بحثاً عن شركاء وتحالفات تمويل جديدة، بالإضافة إلى إطلاق حملة #الكرامة لا تقدر _ بثمن، ناجعاً خلال الشهور الستة الأولى من العام 2018، حيث تمكنا من الإبقاء على مدارسنا وعياداتنا وباقي المرافق مفتوحة ومتاحة لخدمة المجتمع دونما انقطاع، لقد عبر العديد من الأشخاص عن مخاوفهم أن هذا لن يكون ممكنا وإنني ممتن لجميع من ساهم ودعم استراتيجيتنا الطموحة هذه.
لقد وافقت 25 من الجهات المانحة على تسريع تحويل مساهماتهم المحددة لهذا العام مما ساعدنا التغلب على التداعيات الأولية لفقدان التمويل الأمريكي، وعلاوة على ذلك فقد تمكنا في الفترة بين شهري مارس ومايو من تحقيق دعم قارب 200 مليون دولار كتمويل إضافي (100 مليون دولار في مؤتمر روما و 100 مليون دولار من تعهدات مالية قدمت بعد المؤتمر).
وأثناء مؤتمر التعهدات الأخير في نيويورك، فقد استلمنا تعهدات إضافية بلغت 38 مليون دولار(من بلجيكا وقبرص والدنمارك والاتحاد الأوروبي والكرسي البابوي وإيرلندا ومالطا والمملكة المتحدة) وبالتالي فإن المبلغ الإجمالي الجديد من الدعم المحقق منذ بداية الأزمة بلغ 238 مليون دولار وهو المبلغ الإضافي الأكبر الذي استطاعت الأونروا تأمينه في فترة زمنية قصيرة، وإن أخذنا بعين الاعتبار الموارد التي أضيفت لدعم احتياجات التدخلات الصحية الأخيرة في غزة بمبلغ 10 ملايين دولار فإن مبلغ العجز المالي المتبقي قد تقلص إلى 217 مليون دولار.
التدابير الفورية والخطوات التالية:
أثناء الاجتماع الأخير للجنة الاستشارية ومؤتمر التعهدات، فقد طالبت المانحين والدول المضيفة دعم جهودنا للتغلب على ما تبقى من عجز مالي والبناء على النتائج الإيجابية للشهور الستة الأولى من هذا العام، وقد قلت لهم، كما أقول لكم الآن، وبكل صراحة أن عجزاً مالياً بمبلغ 217 مليون دولار ما زال يشكل أكبر عجز شهدته الأونروا في تاريخها، وبصفتي المفوض العام للأونروا فلا استطيع اخفاء المخاطر الهائلة التي سنواجهها في خدماتنا إذا لم نتلقى تمويلاً إضافياً وعلى وجه السرعة، نحن نتواصل بكثافة مع الجهات المانحة ولكننا نحتاج لأن نكون واضحين تماماً حيال ضرورة اتخاذ بعض من الإجراءات الداخلية للحد من التهديدات التي قد تمس خدماتنا الأساسية المقدمة للاجئي فلسطين.
إن التخفيض في التمويل الأمريكي يؤثر تأثيرًا مباشرًا على تدخلاتنا عبر برامج الطوارئ، حيث نفذت أموال برنامج الطوارئ المخصصة للأراضي الفلسطينية المحتلة مع نهاية شهر يونيو، وبهدف منح المزيد من الوقت لجهود جمع التبرعات وأيضا للتحضير للتعديلات الضرورية فقد وافقت على توفير دفعة من ميزانية البرامج للسماح باستمرار النشاطات والعقود على ميزانية الطوارىء لشهر إضافي (حتى نهاية يوليو).
ويمكنكم التيقن بأننا سنواصل طلب التمويل لهذه الإنشطة، ولكننا في الوقت الحالي بحاجة لإتخاذ تدابير صعبة واضعين اللاجئين موضع الأولوية ووفقاً لاحتياجاتهم الأكثر إلحاحا، إن هذا يأتي في صلب مسؤوليتنا الإنسانية.
إن تدخلات الطوارئ في الضفة الغربية، نسبيًا، هي الأكثر تأثراً وذلك لأنها كانت مدعومة بالكامل تقريبا، ولعدة سنوات خلت، من الولايات المتحدة الأمريكية، وهذه الموارد لم تعد موجودة لما تبقى من عام 2018. لقد اتخذنا تدابير فعّالة لحماية تدخلات الطوارئ هذه خلال الشهور الستة الماضية من هذا العام ولكن، وفي غياب التبرعات الإضافية، يتوجب علينا تعليق التدخلات الطارئة "المال مقابل العمل" لما تبقى من 2018 والحد من عملنا في مجال الحماية والذي سيؤثر على برنامج مكتب دعم العمليات (OSO)، وسيطبق هذا الإجراء أيضا على عملنا في مجال الحماية في باقي مناطق عمليات الوكالة، وسوف تحتاج بعض أعمال الدعم والإسناد إلى استحداث تعديلات عليها كذلك، وسوف نحافظ على المساعدات الغذائية (البطاقات الاليكترونية) في الضفة الغربية لهذا العام وهذا سيكون ممكنا من خلال دمجها ضمن ميزانية البرامج العامة. وسنجري مراجعة لهذه المساعدة خلال الفترة المتبقية من العام الحالي باذلين كل الجهود الممكنة لتأمين احتياجات اللاجئين الأشد حاجة لها ومع استمرار الجهود للحصول على الدعم المطلوب من الدول المانحة، وبالإضافة إلى ذلك، فإننا ننظر في بعض التدخلات الأخرى في برنامج الطوارئ للضفة الغربية.
أما في قطاع غزة، حيث معدلات الفقر والبطالة فيها تصل لمستويات عليا واعتماد ما يقارب مليون لاجئ، والذين يشكلون أكثر من 50 بالمائة من السكان، على المساعدات الغذائية من الأونروا كونها ضرورة إنسانية قصوى وأولوية لنا، وعليه فإننا سنتخذ كافة التدابير الممكنة لحماية هذه المساعدات الحيوية بما في ذلك توفير التمويل لها عبر ميزانية البرامج، ولضمان نجاحنا في هذا المسعى يتوجب علينا إجراء تعديلات في التدخلات الأخرى، واحدة من هذه التدخلات تتعلق ببرنامج الصحة النفسية المجتمعية للوكالة، إننا مصممون على التخفيف من الآثار المترتبة على اللاجئين والذين يعتمدون على خدمات برنامج الصحة النفسية.
وفي هذا السياق إننا ننظر في بعض الطرق للحفاظ على جزء من هذا التدخل، وستكون هنالك حاجة للحد من تدخل "المال مقابل العمل – خلق فرص العمل" في غزة حيث أن التمويل لم يعد متوفراً للاستمرار به على نفس المستوى الحالي، وبالنسبة للمساعدات المالية الانتقالية للمساكن (بدل سكن) فيتم مراجعتها أيضاً مع التأكيد أنه تم الموافقة على الدفعة المجدولة بنهاية يوليو 2018، أما الدفعات الإضافية فإنها ستتطلب موارد مخصصة وإضافية، لقد تمكنا من إيجاد موارد للسماح بتقديم دفعة نهائية واحدة للاجئين الفلسطينيين من سوريا المتواجدين في غزة لتغطية الربعين الأول والثاني من هذا العام.
أما في سوريا، فإن نداء الطوارئ للأونروا يعاني من نقص تمويلي حاد على ضوء القرار الأمريكي بتخفيض تمويلها للأونروا، ولكننا سنتمكن من الإبقاء على خدماتنا الطارئة بفضل تمويل متبقي من عام 2017، وكما يتضح فإن الوضع حاليا، وبفضل التدابير التي اتخذناها، ستتمكن الأونروا الإبقاء على نفس المستوى من المساعدات الطارئة في سوريا لنهاية 2018، إن هذا لإنجاز كبير نظرا للأزمة المالية غير المسبوقة لهذا العام.
وإنني أعمل الآن على مراجعة التفاصيل المتعلقة بآليات التنفيذ لهذه التدابير كافة وسيتم إطلاعكم على القرارات النهائية خلال الأسابيع القادمة.
دعوني أؤكد مجددًا، على أن الوكالة تسعى إلى حماية قدرتها على الاستمرار بخدماتها الأساسية وألتقليل قدر الإمكان من الآثار السلبية على الخدمات وعلى موظفي برنامج الطوارئ، وبينما استمر بالمناصرة وتوظيف الجهد لتحقيق الدعم من المجتمع الدولي لكي تلبي استجابتنا الطارئة للاحتياجات المتنامية، إلا أننا في وضع صعب حيث لا يتوفر لدينا أموال وإن التعديلات هذه حتمية وهناك حاجة لها، إذا فشلنا في اتخاذ خطوات أو أمّلنا أنفسنا بأنه وببساطة سوف تنتهي المشكلة، فسوف تفرض علينا قرارات أكثر صعوبة.
أدرك بأننا نتفق جميعا أن أثر هذه الإجراءات عليكم كموظفين هو مصدر قلق عميق، ولكنني أدرك أيضا بأننا نتفق أن ما يأتي في المقام الأول هو قدرتنا على حماية الخدمات الأساسية بما في ذلك التعليم للاجئي فلسطين، لقد تأثرت كثيراً خلال زيارتي هذا الأسبوع إلى سوريا عند سماعي للتشجيع المبدئي من الموظفين للقيام بذلك إلا وهو إعطاء الأولوية في تقديم الخدمات للاجئين في جميع قراراتنا.
وفي ذات الوقت، فسوف نستمر وبكل طاقتنا بالسعي لتحقيق تمويل إضافي لبرنامج الطوارئ من الجهات الدولية المانحة وعبر حملة الكرامة لا تقدر بثمن، إذا توفرت الأموال الإضافية، سوف نراجع هذه التدابير بهدف رفع مستوى التدخلات ضمن الاستجابة الطارئة.
وفيما يتعلق بميزانية البرامج، فإننا أمام أولويتان اثنتان، نحن نعمل بكل جهد مع جميع المانحين الذين تعهدوا بمساهمات إضافية ولكن لم يقوموا بتحويل التمويل حتى اللحظة لكي يقوموا بتحويل تعهداتهم بالسرعة القصوى.
والسؤال الهام الآخر في ذهن جميع الطلبة والمعلمين والموظفين واللاجئين هو: هل سنتمكن من فتح مدارسنا في وقتها، لقد أبلغت اللجنة الاستشارية والأمين العام للأمم المتحدة والجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر يونيو بأن جُلّ طاقاتنا تصب في التغلب على العجز التمويلي في ميزانية برامجنا، سأتخذ قراراً حيال هذا السؤال الهام والمتعلق ببدء العام الدراسي وفتح المدارس خلال النصف الأول من شهر أغسطس، وإنني مصمم على تحقيق هذا الهدف الهام.
زميلاتي وزملائي الأعزاء،
أدرك أن هنالك العديد من الإشاعات حيال مستقبل الوكالة، أستطيع القول لكم وبكل وضوح بأن الوكالة ستحقق أهدافها وتنتصر، نحن نعمل وبكل حزم للتغلب على هذه الأزمة والحد من الآثار السلبية لقرار الولايات المتحدة الأمريكية بقطع التمويل عن الوكالة، لقد أكدت الدول المضيفة والمانحة مراراً وتكراراً على الدور الذي لا غنى عنه للوكالة ولأنشطتها.
يجب علينا أن نبقى متحدين وأن نقاوم الإغراءات المحرضة للهجمات ذات الطابع الشخصي والتي لا أساس لها وأيضا المزاعم غير الصحيحة والتي لا تؤدي إلا إلى إضعاف الوكالة.
إنني ممتن للدعم الهائل والثقة التي تجلت خلال الشهور الستة الماضية وإنني أدعوكم بكل الاحترام والحزم للحفاظ على هذا التماسك والتلاحم الضروري.
نحن لن تتخلى أبداً عن مجتمع لاجئي فلسطين ولن نضعف في دفاعنا عن حقوق وكرامة اللاجئين الفلسطينيين.
مع خالص الاحترام والتقدير
بيير كرينبول
المفوض العام