يصادف الثامن من يوليو الجاري الذكرى الـ46 لاغتيال الكاتب والصحفي الفلسطيني غسان كنفاني، صاحب "رجال تحت الشمس" و"ما تبقى لكم" و"أرض البرتقال الحزين"، وصاحب مفهوم "أدب المقاومة".
غسان كنفاني.. رجل اختزل هموم شعبه وقضيته، ولملم ملامح وطن لم يراه يوما إلا كلا متكاملا وحقا يأبى أن يفرط في ذرة تراب منه. رجل رحل ولا يمكن أن نستعيده إلا إذا استعدنا الوطن المسلوب. إنه فلسطيني القلب والهوى.
يعتبر غسان كنفاني أحد أشهر الكتاب والصحفيين العرب في عصرنا. فقد كانت أعماله الأدبية من روايات وقصص قصيرة متجذرة في عمق الثقافة العربية والفلسطينية.
وقد عرفته الجماهير صحفيا تقدميا جريئا، حتى أنه دخل السجن نتيجة جرأته في غمرة الدفاع عن القضايا الوطنية أكثر من مرة.
عاش في يافا حتى مايو 1948 حين أجبر على اللجوء مع عائلته في بادئ الأمر إلى لبنان ثم إلى سوريا، حيث عاش وعمل في دمشق قبل انتقاله إلى الكويت وبعد ذلك في بيروت منذ 1960.
وحينما تأسست الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عام 1967 قام بتأسيس مجلة ناطقة باسمها حملت اسم "مجلة الهدف" وترأس تحريرها، كما أصبح ناطقا رسميا باسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بعدها.
وفي الثامن من يوليو 1972، قتل في بيروت مع ابنة أخته لميس في انفجار سيارة مفخخة على أيدي عملاء إسرائيليين.
كان تاريخ غسان وعلى قصره حافلا بالإصدارات والاسهامات، فأصدر كنفاني حتى تاريخ وفاته المبكر ثمانية عشر كتاباً، وكتب مئات المقالات في الثقافة والسياسة وكفاح الشعب الفلسطيني.
وفي أعقاب اغتياله تمت إعادة نشر جميع مؤلفاته بالعربية، في طبعات عديدة. وجمعت رواياته وقصصه القصيرة ومسرحياته ومقالاته ونشرت في أربعة مجلدات.
وقد ترجمت معظم أعمال غسان الأدبية إلى 17 لغة ونشرت في أكثر من 20 بلداً، وتم إخراج بعضها في أعمال مسرحية وبرامج إذاعية في بلدان عربية وأجنبية عدة.
بل إن اثنتين من رواياته تحولتا إلى فيلمين سينمائيين، وما زالت أعماله الأدبية التي كتبها بين عامي 1956 و1972 تحظى اليوم بأهمية متزايدة.
ورغم أن روايات غسان وقصصه القصيرة ومعظم أعماله الأدبية الأخرى قد كتبت في إطار قضية فلسطين وشعبها، فإن مواهبه الأدبية الفريدة أعطتها جاذبية عالمية شاملة، فقد كان أدب غسان وإنتاجه الأدبي متفاعلا دائما مع حياته وحياة الناس وفي كل ما كتب كان يصور واقعا عاشه أو تأثر به.
وتنبع قوة أعماله من نقطة محاكاتها لهموم الناس وايقاع حياتهم فإصدار قصة "عائد إلى حيفا"، وهو عمل وصف فيه رحلة مواطني حيفا في انتقالهم إلى عكا، وقد وعي ذلك، وهو لا يزال طفلاً يجلس ويراقب ويستمع.
وقد تتالت اصداراته كـ"أرض البرتقال الحزين"، و"ما تبقي لكم"، وقصص "أم سعد"، وغيرها.
كانت لغسان عين الفنان النفاذة وحسه الشفاف المرهف ما أعطى أعماله الأدبية زخما حسيا وعمقا ملحوظا، حيث لم يكتب فقط في هموم القضية الفلسطنية بل كتب أيضا عن حياة أبناء الخليج في قصته "موت سرير رقم 12".
وفي أوائل ثورة الـ 58 بالعراق أيام حكم عبد الكريم قاسم زار كنفاني العراق، ورأى بحسه الصادق انحراف النظام فعاد وكتب عن ذلك بتوقيع "أبو العز" مهاجما العراق.
بعد أن استلم رئاسة تحرير جريدة "المحرر" اليومية استحدث صفحة للتعليقات السياسية الجادة وكان يحررها هو وآخرون.
كما كتب غسان كنفاني عن شعراء المقاومة ونشر لهم وتحدث عن أشعارهم وعن أزجالهم الشعبية فى الفترات الأولى لتعريف العالم العربي على شعر المقاومة.
ولم تخل مقالة كتبت عنهم من معلومات كتبها غسان، وأصبحت محاضرته عنهم ومن ثم كتابه عن "شعراء الأرض المحتلة" مرجعا مقررا فى عدد من الجامعات وكذلك مرجعا للدارسين.
وقد قدم دراسة نشرتها مؤسسة الأبحاث بعنوان "في الأدب الصهيوني" كانت فيها نظرة استباقية لمخاضات الأدب هناك غبر المنبت عن الواقع.
بالإضافة لذلك عمل كنفاني في صحف ومجلات عربية عدة، فقد كان عضوا في أسرة تحرير مجلة "الحرية" في بيروت، ورئيس تحرير جريدة "المحرر" في لبنان أيضا، ورئيس تحرير "فلسطين" في جريدة المحرر ورئيس تحرير ملحق "الأنوار"، وصاحب ورئيس تحرير "الهدف" في.
كما كان غسان كنفاني فنانا مرهف الحس، صمم العديد من ملصقات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، كما رسم العديد من اللوحات.