البناء خارج محيط القدس سيدمر مواقع طبيعية ذات قيمة تاريخية

صحافة اسرائلية
حجم الخط

-خبر-بقلم: تسفرير رينات ونير حسون
20 تموز 2015


    في العام 2007 حققت المنظمات الخضراء في اسرائيل أحد الانتصارات الكبيرة. فبعد نضال جماهيري متواصل نجحوا في الغاء خطة "سفاديا" التي شملت بناء عشرات آلاف الوحدات السكنية عن طريق توسيع القدس غربا على حساب الاراضي المفتوحة والمواقع الطبيعية، وأثبتوا أنه يوجد متسع كاف لتوسيع المدينة داخليا، وأنه لا حاجة الى الحاق الضرر بقيم الطبيعة والمناظر التي تحيط بالقدس.

رغم ذلك فان الخطة التي ستطرح للنقاش، الاسبوع القادم، في لجنة تخطيط مناطق مفصلة، من شأنها ان تكون المرحلة الاولى في طريق احياء خطة سفاديا. وفي يوم الثلاثاء سيناقش اعضاء اللجنة خطة بناء حي جديد غرب القدس.
الحي الذي سوف يبنى بالقرب من كريات مناحم كان احد المشاريع المركزية في الخطة التي الغيت قبل ثماني سنوات.
الموقع الثاني ايضا والذي ظهر في الخطة الاصلية – جبل حارات، القريب من مفسيرت تسيون" طرح من جديد على طاولة النقاش. ويتم فحص امكانية اقامة المشروع، يضاف لذلك عدة  مواقع اخرى في منطقة غرب القدس، حيث ان المشروع قيد التخطيط، من ضمنها متسبيه نفتوح بالقرب من رموت، وأورا ومنطقة هداسا في محيط مستشفى هداسا عين كارم وبات هاريم – المدينة الجديدة المخططة على مساحة واسعة بالقرب من تسور هداسا.

منذ بضع سنوات والمنظمات الخضراء وجهات في بلدية القدس تشعر أن هيئة التخطيط وسلطة اراضي اسرائيل ووزارة المالية يخططون الى اعادة الخطة التي تم الغاؤها واضافة بناء مكثف اليها في غربي المدينة. 
في السنة الماضية، مع ازدياد ازمة السكن والضغط من اجل البناء المكثف للوحدات السكنية، طرحت الخطة من جديد مع اضافات لم تكن فيها. القاسم المشترك بين المؤيدين والمعارضين هو الادعاء بأن البناء سيتم على مناطق ذات قيمة طبيعية مهمة وسيسبب زيادة حركة السيارات الخاصة والحاق الضرر بالاحياء القديمة.

إن نقل خطط البناء للنقاش يهدف الى تحسين فرصة المصادقة عليها خلال فترة قصيرة. يدور الحديث عن لجنة ذات صلاحيات واسعة، وفيها اغلبية واضحة لممثلي الحكومة التي تتغلب قراراتها على خطط البناء، ولا مجال للاستئناف على قراراتها. وبعد موافقتها على خطة بناء يمكن ارسال الجرافات للعمل دون الحصول على الاذن من لجان اخرى. ايضا بسبب السرعة التي تعمل فيها اللجنة، يصعب على الجمهور مراقبتها، وأن يكون مؤثراً في قراراتها.


تثير خطة البناء الكبيرة في غربي القدس الاحتجاج ليس فقط في اوساط المعارضين الدائمين – المنظمات الخضراء – بل ايضا في اوساط رؤساء السلطات، وعلى رأسهم رئيس بلدية القدس نير بركات. ففي رسالة قام بارسالها قبل اسبوعين الى وزير المالية، موشيه كحلون، هاجم بركات نقل خطط البناء في متسبيه نفتوح وتجاوز صلاحياته.
خطة اقامة 1400 وحدة سكنية تثير المعارضة بسبب الحاق الضرر بالتلة الفارغة الاخيرة في القدس التي تتركز فيها انواع كثيرة من الاشجار والحيوانات. في رسالته لكحلون قال بركات إن الاعلان عن الخطة كأفضلية للسكن تجاوز اللجنة المحلية التي تمثل مصالح سكان القدس واللجنة القطرية التي تعرف اماكن التخطيط، وهي الجهة التي تستطيع أن تقرر بشأن مستقبل هذه المناطق.

وأضاف أن القدس هي المدينة الرائدة بعدد الشقق السكنية، وأنها تتقدم بسرعة نحو عملية التجديد. "لا أعرف لماذا اختارت سلطة اراضي اسرائيل أن تدوس على سياسة البلدية ومؤسساتها بدل العمل والتعاون مع منتخبي الجمهور"، كتب بركات.
احدى النقاط المهمة في رسالة بركات هي أن رئيس البلدية يطلب الدفاع عن صلاحية اللجنة المحلية للبناء التي يترأسها نائبه، كوبي كحلون. وقد أعلن الاخير عن استقالته من الوظيفة، وهو شقيق ومستشار وزير المالية. وحسب زعم جهات متصلة على الامر فانه المقرر في الجانب التخطيطي لوزارة المالية من اجل حل مشكلة السكن.
على مدى سبع سنوات شغل فيها منصب رئيس اللجنة، قاد كحلون معارضة البناء في غرب المدينة ودعم تطور القدس داخليا. الآن يدعي بعض معارضي الخطة أنه تحت ضغط ازمة السكن غير موقفه حول البناء في غرب المدينة. ولم يرد كحلون على هذه الاقوال.

تدمير المشهد الطبيعي
حسب توضيحات خطة ريخس ابيض، التي سيتم طرحها للنقاش من جديد في الاسبوع القادم، فان الهدف هو تقليص النقص في السكن في القدس وتخفيض اسعار الشقق. 20 بالمئة من الوحدات السكنية تعتبر صغيرة، اضافة الى بناء 690 وحدة سكنية محصنة. وحسب خطة البناء لمدينة القدس، التي لم يصادق عليها نهائيا، فان معظم الاراضي كان يفترض أن تكون جزءاً من حديقة عامة كبيرة.
ياعيل اليشار، المُركزة لاتحاد انقاذ جبال القدس تزعم أن إحياء خطة سفاديا ليس دليلا على الانجاز الذي تحقق مع الغائها في العام 2007. "يوجد قول يقول إن الصراعات البيئية لا تنتهي إلا عند فشلها. لكني لا أؤمن بهذا، فالانتصار في العام 2007 بقي حتى اليوم ودخل الى خطة البناء الاقليمية في العام 2013".
وحسب أقوالها فقد بادرت البلدية في السنوات الاخيرة الى البناء في الداخل وتقوية مركز المدينة. "كل وزير داخلية جديد طلب اعادة النظر في الخطط". الاتحاد الذي أقيم رسميا في شباط الماضي يشمل منظمات خضراء ومجلسا اقليميا والكيرن كييمت لاسرائيل، وهو يقود الصراع ضد البناء حول القدس.
          إن اقامة حي ريخس ابيض اليوم، اضافة الى اعادة تخطيط البناء في جبل حرات، يلزم باقامة شارع يصل بين الاحياء الجديدة – شارع الطوق الغربي، وتواصل بناء جديد سيكون لهما تأثيرات على المشهد الطبيعي والبيئة غربي القدس. والمخططون الذين تم استئجارهم من وزارة الداخلية يعرفون ذلك وقد تطرقوا اليه في استشارتهم.
في وثيقة أعدتها شركة ليشم شيفر لجودة البيئة تمت الاشارة الى أن الحديث يدور عن حوض ناحل رفائيم، الذي يعتبر ممرا بيئيا، حيث توجد في المنطقة كمية كبيرة من النباتات والحيوانات – يمكن مثلا رؤية الظبي الاسرائيلي – وتوجد اراضي غابات واراض زراعية ذات أهمية كبيرة. 
أشار معدو الوثيقة الى أن منطقة ناحل رفائيم تنقل من يدخل الى بوابة القدس عن طريق مشهد من التراسات وبقايا البساتين والزراعة التقليدية والينابيع التي تحافظ على تاريخ الزراعة في القدس ومحيطها. هذه مناظر طبيعية ذات قيمة تاريخية وثقافية وهي خاصة بالمنطقة.
المستشار البيئي، يوسي جملئيل، كتب أن "الخطة تقلص بشكل كبير المناطق المفتوحة في حوض ناحل رفائيم والممر البيئي. الخطة لم تنجح في الحفاظ على الأنواع التي وجدت، باستثناء هوامش ضيقة جنوب الأراضي". نظرا لأن الخطة لن تلغى، فان كل ما بقي لجملئيل هو التوصية من اجل تقليص الاضرار، مثل جمع النباتات ونقلها الى منطقة اخرى. وأشار ايضا الى أن هناك خطر الحاق الضرر بالينابيع القريبة من منطقة البناء بسبب قلة مياه الامطار.
حسب وزارة التخطيط والبناء التي بادرت للخطة، فان البناء في ريخس ابيض سيتركز على الجزء العلوي، وهكذا ستبقى خطوط الجداول مفتوحة، وهذا سيُمكن من اقامة متنزه مع مناظر طبيعية. حسب استشارة شركة ليشم فيشر ستبنى في المنطقة مبان عالية، لكن بارتفاع أقل من مباني اورا القريبة ولن تغطي المشهد. لكن هذا لن يساعد الغزلان وباقي الحيوانات في المكان، حيث لن تنجح في البقاء في محيط سكني محاط بالشوارع. شركة الدفاع عن الطبيعة أشارت الى أنها تعارض الخطة بشكلها الحالي، لا سيما لأن البناء يستوجب شق طريق الطوق الغربي، الامر الذي تعارضه الشركة.
خطة اخرى يفترض أن تتم المصادقة عليها في متسبيه نفتوح – المعروفة كأحد الاماكن الطبيعية المهمة في القدس – وبركات يعارض ذلك بشدة. بعد أن وافق كابنت الاسكان على نقل الخطة، قدم الوزير يوفال شتاينيتس استئنافا على القرار، حيث أشار الى أن المنطقة لها أهمية طبيعية وبيئية كبيرة. وقد قرر الكابنت، هذا الاسبوع، رفض الاستئناف. ايضا وزير البيئة آفي غباي أيد رفض الاستئناف.
في رسالة اخرى ارسلها بركات الى الوزير جلعاد اردان قبل اربعة اشهر كتب أن طريقة أداء "الفوت ميل" تلحق الضرر بعاصمة اسرائيل وبالتوجهات الايجابية التي تقوم بها المدينة. أولا يدور الحديث عن الحاق الضرر بالاماكن الطبيعية والاراضي الخضراء حول القدس. واشار بركات ايضا الى ان الاحياء الجديدة ستستقطب سكان نوعيين من القدس الى خارجها، لذلك يتم اضعاف الاحياء في المدينة.
رئيس المجلس الاقليمي متيه يهودا، موشيه دادون، قال إن جزءاً كبيراً من الخطط يجب أن تبنى في مناطق تحت مسؤوليته، وهذا يعني تدمير مستقبل اولادنا وتدمير المكان المقدس والثراء الطبيعي. جنون السكن أمر مبالغ فيه.
في وزارة المالية يرفضون الانتقاد، ويقولون إن رؤساء السلطات تسببوا في ازمة السكن حيث فضلوا البناء التجاري وليس البناء من اجل السكن.
حول نقل خطط البناء قيل من هيئة السكن في وزارة المالية إنه من اجل حل ازمة السكن يجب اختصار اجراءات التخطيط، لذلك أقيمت لجنة خاصة هدفها العمل بسرعة وفعالية، وليس ببيروقراطية لا لزوم لها بخصوص الخطط الكبيرة في الوسط اليهودي والعربي.
رغم أن اللجنة تختصر الاجراءات إلا أن أسس التخطيط والادارة بقيت. اللجنة تعطي أهمية للجوانب البيئية، والدليل على ذلك أنه لم تتم المصادقة على خطط اعترض عليها المهنيون في وزارة البيئة، وقيل ايضا إن اللجنة قبل موافقتها على خطة البناء فهي تستمع الى الاعتراضات والتحفظات وتأخذها في الحسبان.
في سلطة أراضي إسرائيل قالوا إن القدس تعاني ازمة خطيرة في مخزون الخطط وتسويق الاراضي للسنوات القادمة. حجم البناء المطلوب في القدس من اجل تلبية الطلب هو 2500 وحدة سكنية في العام، أو 50 ألفا خلال العقدين القادمين. وحسب ادعائهم لا يمكن الاكتفاء بالبناء داخل المدينة، ويجب تحديد مواقع جديدة في محيط المدينة تكون ملائمة للبناء.