تشريع العنصرية والتمييز بــ "قانون"

751011512704751.jpg
حجم الخط

 

مع إقرار البنود الأساسية لما يسمى "قانون القومية" في إسرائيل، تستكمل العنصرية الصهيونية إعلانها التدريجي عن منهجيتها وتوجهاتها المستقبلية. فقد مر قانون هؤلاء العنصريين، بمخاض استمر سبع سنوات، واستفاد أخيراً من تردي الأحوال في مناطق السلطة الفلسطينية وفي الإقليم.، وذهب نتنياهو ومن معه، أمس، الى إقراره في "الكنيست".  ويُجيز قانون العنصريين، لدولتهم، أن تتدخل في شؤون مواطني الدول الأخرى من اليهود، ويجعل إسرائيل معنية بالحفاظ على سلامتهم، حسب الفقرة ( أ ) من البند السادس،  سواء كانوا في دول وازنة أو في مستوطنات لا مشروعية لها في عمق أراضي الضفة. أما القدس التي يصفها "القانون" في البند الثالث بــ "الكبرى والكاملة" فهي عاصمة إسرائيل!

في هذا الذي يُسمى قانوناً، يجري تشريع منطق التدخل في بلدان الآخرين، بتسويغ الوصاية على المواطنين فيها من أتباع الديانة اليهودية، وكذلك تشريع ما يحدده القانون صراحة في البند السابع منه، وهو أن الدولة "تعتبر تطوير الإستيطان اليهودي قيمة قومية، وتعمل لأجل تشجيعه ودعم إقامته وتثبيته". أي إن حكومة إسرائيل، التي أصر رئيسها بنيامين نتنياهو على إلغاء الإعتراف باللغة العربية كلغة رسمية يتحدث بها 17% من سكان الدولة، وهم العرب الفلسطينيون، بالإضافة الى نحو 14% من اليهود ذوي الأصول العربية؛ لا تريد للغة العربية أن تحتفظ بمكانتها، لا سيما وهي  تتطلع الى عبرنة المزيد من الأراضي الفلسطينية في الضفة. فاللغة العربية ستكون محض لغة ذات مكانة خاصة وليست لغة رسمية حسب الفقرة ( ب ) من البند الرابع. وفي الوقت الذي يؤكد ما يسمى بالقانون، على أن أراضي فلسطين التي قامت عليها دولة إسرائيل بالإرهاب والحروب، ستكون مفتوحة لكل العالم للاستيطان فيها، في موازاة سياسة الإنتقاص من الحقوق الثقافية والمدنية لأهل البلاد الفلسطينين داخل الدولة، وحقوق إخوتهم الآخرين خارجها، الذين لا زالوا ممنوعين من الوصول اليها أو المرور منها!

إن هذا التطور الإحتلالي والإقصائي، على مستوى التشريع، من شأنه الإجهاز تماماً على المطلب الحضاري والدستوري القويم، للفلسطينيين في إسرائيل ولجزء معتبر من العلمانيين فيها، بأن تكون الدولة  لكل مواطنيها. بل إن ما يُسمى "قانون القومية" يكرس هيمنة الصهيونية الدينية المتطرفة والإستيطانية وتأثيرها السياسي والأيديولوجي، وبالتالي تثبيت كل أسباب الصراع المديد جيلاً بعد جيل!

نتنياهو نفسه، عبّر عن تطرفه وتماهيه مع الأوساط الأكثر عنصرية وتطرفاً، عندما واجه بعناد محاولات البعض اليهودي، من أوساطه نفسها، عدم إلغاء مكانة اللغة العربية. فعندما حاول عضو الكنيست أوري ماكليف، من كتلة "يهدوت هتوراة" الحريدية، بطلب من نواب عرب فلسطينيين، منع تغيير مكانة العربية كلغة رسمية ثانية، وهو عضو في "لجنة قانون القومية" المكلفة بالاستماع لملاحظات أعضاء الكنيست على صيغة القانون، هدد نتنياهو بحل الحكومة والذهاب الى انتخابات مبكرة، إن لم تتغير مكانة اللغة العربية. ومن جانبه أعرب "مركز" عدالة الإسرائيلي في ورقة "تقدير موقف" عن استهجانه للقانون، جاء فيها، أن صيغته، على الرغم من كونها "تضمن دستورياً، وللمرة الأولى، هوية إسرائيل كدولة يهودية، إلا أنها مناهضة للديموقراطية، وتضمن الطابع العرقي للدولة، وترسخ منطق التمييز المتأصل، ضد المواطنين الفلسطينيين وتُضفي الشرعية على الإقصاء والعنصرية وتبرز العناصر الأساسية للفصل العنصري، مثل الفصل في السكن وإنشاء مسارين منفصلين للمواطنة على أساس الهوية العرقية والدينية"! إن ما يُسمى "قانون القومية" يؤسس لصراع مديد على أرض يشتبك فيها أصحابها الأصليين مع غزاة ومستوطنين، ويبعث برسالة الى الواهمين المُعجبين بإسرائيل ويعتبرونها دولة ديموقراطية علمانية ويمدون اليها حبال الوداد والنفاق الوضيع!