قطاع غزة و«الصفقة الشاملة» !!

هاني حبيب.jpg
حجم الخط

كادت تندلع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة خلال الأيام القليلة الماضية، لحظات وساعات من انتظار هذه الحرب ساهمت في إشاعة أجواء من الخوف والتوتر الشديدين لدى أهالي القطاع، تصعيد مستمر على طول الجبهة وداخلها من قصف صاروخي متبادل بالتوازي مع تصعيد بالتصريحات والتحذيرات من قبل المستويات الأمنية والسياسية على الجبهتين، حماس وإسرائيل، تدخلت الوساطات التي نجحت أكثر من مرة في لجم هذه الحرب ومنعتها من الاندلاع، هذه الوساطات انطلقت من حقيقة أن أياً من الطرفين لا يريد هذه الحرب، هكذا قد تبدو الأمور، ومع أن ذلك لا يجافي الحقيقة، إلاّ أننا نعتقد أن هناك سبباً آخر لنجاح هذه الوساطات في منع اندلاع الحرب الإسرائيلية الرابعة على قطاع غزة.
كنا نعتقد أن أحد أهم أسباب التصعيد على جبهة قطاع غزة، يعود إلى تكثيف الجهود للعودة إلى اتفاق الهدنة بين حركة حماس وإسرائيل الذي تم التوصل إليه برعاية مصرية إثر الحرب الإسرائيلية الثالثة على قطاع غزة، وأن هذا التصعيد يعتبر منطلقاً لتطوير اتفاقات وقف إطلاق النار، التي حدثت فعلاً خلال الأيام القليلة الماضية، إلى العودة إلى تلك التهدئة، ولكن مجمل التحركات الفلسطينية والإقليمية والإسرائيلية والدولية التي كانت تجري ولا تزال حتى الآن، تشير إلى أن أهم ما تهدف إليه حالة التصعيد العسكري والسياسي، هو الانتقال من تهدئة هشة يمكن وأمكن اختراقها، إلى هدنة طويلة الأمد في إطار صفقة شاملة، هي أقرب إلى "حالة سلام" من أن تكون مجرد هدنة.
يدّعي رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، وفقاً لما ذكرته القناة العبرية الثانية، أنه بصدد تقديم مبادرة سياسية بشأن قطاع غزة، والأصح حسبما نرى، أن الأمر لا يتعلق بمبادرة إسرائيلية، بل بخطة دولية إقليمية تدرسها إسرائيل حالياً، وكذلك الأطراف الفلسطينية والعربية والدولية، ومن الممكن أن تقوم الأمم المتحدة بطرح هذه الخطة، وهو ما يمكن أن نفهمه من التحركات المكوكية السريعة والنشطة من قبل المبعوث الأممي ميلادينوف، خاصة تلك الجولات التي قام بها خلال الأيام الأخيرة، متنقلاً عبر معبر بيت حانون بين قطاع غزة وإسرائيل أكثر من مرة في اليوم الواحد، واجتماعاته المتكررة مع القيادات السياسية والأمنية في إسرائيل وكذلك مع قيادة حركة حماس، خاصة رئيسها إسماعيل هنية.
كل ذلك، بينما كان رئيس جهاز المخابرات المصرية، اللواء عباس كامل يجري مباحثات هامة في البيت الأبيض مع مستشاري ترامب، جارد كوشنير وجيسون غرينبلات، واتصال "كامل" مع إسماعيل هنية أكثر من مرة خلال هذه المباحثات، علماً أن اللواء كامل غادر إلى واشنطن في اليوم الذي كان من المقرر أن يستقبل فيه وفد حركة فتح إلى المصالحة برئاسة عزام الأحمد، حول الجهود المصرية لإنهاء الانقسام.
نائب رئيس حركة حماس بقطاع غزة، خليل الحية، أكد في تصريح له نشرته وسائل الإعلام الفلسطينية أمس السبت، نفى وجود أية مقترحات "حتى اللحظة" توفر شروطاً مقبولة، مع أن الحركة ترحب بأي حراك من شأنه أن يمنع العدوان على الشعب الفلسطيني وينهي الحصار المفروض على القطاع، وأن حماس ستتعاطى بإيجابية مع أي طرح يستجيب لهذه الأهداف.
إلاّ أن ما يضفي أهمية على الحراك المتواتر في الأسابيع الأخيرة، بالتوازي مع التصعيد الإسرائيلي على جبهة قطاع غزة، ما يقال عن أن هناك ما يشبه الاجماع، فلسطينياً وإسرائيلياً، وعربياً، بل وأميركياً، من أن صفقة القرن الأميركية قد فشلت فشلاً ذريعاً، لأسباب عديدة أهمها التصدي الرسمي الفلسطيني لها ومقاطعة فلسطينية لأي حراك أميركي، باعتبار أن إدارة ترامب انتقلت من كون الإدارة الأميركية وسيطاً غير نزيه، إلى شريك للدولة العبرية، خاصة بعد قراراتها المتعلقة بالقدس والأونروا، الأمر الذي أقنع هذه الأطراف برفع ما يقال عن "الفيتو" حول المصالحة، وضرورة التوصل إلى مصالحة من شأنها إعادة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة، وهو ما تم تناقله من قبل مقربين من المبعوث الأممي ميلادينوف، فهل نحن على أبواب مصالحة وتهدئة من بوابة كارثة غزة واحتمالات الحرب عليها؟!