يشعر بالعار لانه اسرائيلي

hamada_faraina_ecrivain_palestinien1.jpg
حجم الخط

 

ليست فرصة انتهازية أرغب في تسجيلها ضد المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي وحكومته اليمينية العنصرية الداعشية، حكومة نتنياهو، ليست فرصة من جانبي أرغب في توظيف براءة الموسيقار اليهودي الاسرائيلي دانيال بارنبويم من اسرائيليته، كوني وأسرتي من المتضررين من مجمل المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي، فقد طردت عائلتي من بيتها الذي مازال صامداً في اللد، وعاشت أسرتي فقر المخيمات وعذاباته، وكرم وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين ومساعداتها الشهرية وتعلمت في مدارسها مع أشقائي وشقيقاتي بعد أن استقبلنا الأردنيون بالمحبة والمساواة، على قاعدة أننا أهل وشعب واحد، وامتداد لقومية واحدة، وعقيدة مشتركة. 

لا أرغب في الاستدلال على ما كتبه هذا الموسيقار المبدع في التبرأ من سياسات المستعمرة الاسرائيلية كونه يحمل صفة مواطنيها، والمحمية من الولايات المتحدة الأميركية سياسياً وعسكرياً ودبلوماسياً ومالياً وتوفر لها التفوق، وكذلك من قبل الطوائف اليهودية المتنفذة في العالم، الا لأنه صوتاً يهودياً اسرائيلياً من داخل البيت، يحكم على عنصريته وتماديه وغبائه في نفس الوقت. 
يُجيب دانيال باربنويم على سؤال يقول فيه « لماذا أشعر بالعار من كوني اسرائيلياً « يقول : « هل يمكننا تجاهل الفجوة بين الوعود التي وضعت في وثيقة الاستقلال وبين ما تحقق ؟ هل الاحتلال والسيطرة على شعب أخر يتوافقان مع وثيقة الاستقلال ؟؟ هل هناك أي منطق في استقلال شعب بسلب شعب أخر حقوقه الأساسية ؟؟ بل وهل يمكن لليهود الذي عانوا تاريخياً من العذاب والاضطهاد المتواصلين أن يسمحوا لأنفسهم أن يبقوا غير مبالين لانتهاك حقوق الانسان ومعاناة جيرانهم ؟ هل يمكن لدولة اسرائيل أن تسمح لنفسها أن تحقق الحلم غير الواقعي بنهاية أيديولوجية للصراع الاسرائيلي الفلسطيني، بدلاً من البحث عن طرق براغماتية وانسانية لانهاء هذا الصراع على مبدأ العدل ؟ «. 
وختم بارنبويم مقالته التي نشرتها هآرتس العبرية يوم 23/7/2018، بكلام حاد واضح شجاع وجريء على خلفية اقرار قانون القومية العنصري بقوله « لذلك أنا أشعر بالعار اليوم من كوني اسرائيلياً «. 
من من العرب أعلن أنه يشعر بالعار لأن النظام العربي أو أغلبيته أو بعضه، يواصل التعاون وتمرير التطبيع وتحويل هذا العدو الوطني والقومي والديني والانساني، الى جار يمكن التعايش معه رغم حرابه ووحشتيه وعنصريته التي يتبرأ منها يهودي اسرائيلي؟. 
شعب فلسطين سواء في مناطق 48 أبناء الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة، أو في مناطق 67 أبناء الضفة والقدس والقطاع يتطلعون لروافع عربية من المثقفين والمبدعين وأصحاب الضمائر كي يعملوا على ثلاث جبهات الأولى حشد القوى المحلية على امتداد العالم العربي لمواصلة رفضها التطبيع وبقاء التعامل مع عنوان المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي باعتباره عدواً يجب العمل على دحره، والثاني على الجبهة العالمية لكسب أصدقاء لعدالة النضال الفلسطيني ومطالبه المشروعة، وثالثها العمل على مطاردة رموز ومؤسسات المستعمرة الاسرائيلية وتقديمهم للمحاكم على جرائمهم ضد حقوق الانسان، وعزلها وقطع الطريق السياسي والاقتصادي والدبلوماسي على نشاطاتها ليبقى منبوذاً من قبل المجتمع الدولي. 
نحترم موقف وشجاعة الموسيقار اليهودي الاسرائيلي اللامع دانيال بارنبويم، حيث يُشاركه العديد من أقرانه من كتاب وصحفيين ونواباً وقادة رأي أمثال جدعون ليفي وعميرة هيس والنائب دوف حنين وغيرهم الذين تعرضوا للاضطهاد ويواجهوا عنصرية المستعمرة الاسرائيلية بشجاعة نادرة، فماذا نفعل لهم، وبدلاً من اللقاء مع قادة المستعمرة الاسرائيلية، لماذا لا نملك شجاعة دعمهم واسنادهم العلني واستضافتهم بما يليق مع انحيازهم للشعب الفلسطيني أكثر من بعض العرب والمسلمين ؟؟.