بقلم: أمير أورن
في مثل هذه الليلة قبل 46 سنة في 20 – 21 تموز 1969 خرج مقاتلو الوحدة 13 ووحدة هيئة الاركان للهجوم «جدال 6» على هدف محصن في جنوب قناة السويس، في فيلم يصل طوله طول ملعبين – الجزيرة غرين. غرين غير مهمة بالفعل، رغم المحاولات اللاحقة لتعظيم أهميتها، حيث أصيب تقريبا نصف المقاتلين الاربعين: قتل 6 وأصيب 11. والى الشمال من هناك في عملية «بوكسر» التي قادها سلاح الجو تم اسقاط طائرتين. الصدمة وخيبة الأمل نزلتا على الجمهور الاسرائيلي.
القصة معروفة بشكل عام، لكن المنطق الخاطئ في «الجدال» أصبح غير مصنف في الفترة الاخيرة فقط عندما تم الكشف عن يوميات الارشادات السرية للجنة الخارجية والامن، التي تُعرفنا على ما قاله وزير الدفاع، موشيه ديان، وقائد الاركان، حاييم بار ليف، والجنرال عيزر وايزمان لاعضاء اللجنة، ومنهم مئير يعاري الذي أصيب حفيده ديدي يعاري اصابة بالغة.
هذا الكشف الذي تقشعر له الأبدان يُبين أن مقاتلي الوحدة المختارة الذين هم متطوعون، تمت التضحية بهم على مذبح تبريرات غريبة: التضليل، قتل العدو من مسافة صفر، البطولة وفخر الوحدة. وعندما تشوش كل شيء تم اخراج الكليشيهات: المواجهة العسكرية دائما غير يقينية، وحينما يتم تحطيم الاشجار تتناثر الشظايا؛ لكن الضحايا هم أبناؤنا واخوتنا واصدقاؤنا.
حرب الايام الستة أعطت اسرائيل مسافة سهم كواق خارجي، اقامة مواقع ومستوطنات في الخطوط الجديدة، حيث تحولت الى هدف للقصف. تمت العملية في جزيرة غرين في الشهر الخامس لحرب الاستنزاف في القناة بعد سقوط عشرات القتلى هناك. ومن أجل تغيير التوجه وردع الرئيس عبد الناصر من استمرار الاستنزاف تم اقتراح عمليتين منفصلتين (العملية الثالثة كانت هجوم المظليين في غرب القناة وقد تم الغاؤها) والموافقة عليهما. التاريخ: عندما كانت عيون العالم تتوجه بعيدا الى إنزال رجال الفضاء من مركبة «أبولو 11» على القمر. هناك أرمنسترونغ وهنا اليد القوية. وعندما شكك عوزي ديان، وهو ضابط شاب في وحدة هيئة الاركان وشقيق وزير الدفاع، بضرورة تعريض حياة الجنود للخطر فقد قيل له إن الهدف هو زرع المرارة في قلب المصريين.
دودو والضباط رفيعو المستوى قالوا فيما بعد: «كنا نريد قتل أكبر عدد من المصريين في موقع محصن هناك، وأن نفعل بهم ما فعلوه بنا. المجيء الى النقطة الاصعب وليس الاكتفاء بالجبهة الداخلية المكشوفة أو المواقع القليلة على شاطئ خليج السويس». وقد تم تحويل المسؤولية الى الميدان. قلنا مسبقا إن عشرة قتلى سيكونون فشلا. أما ستة؟ هل هم نجاح؟.
وهناك مبرر آخر: «عرفنا أن المصريين ينتظرون عملا كبيرا منا. واعتقدنا أن التوتر عندهم سيزول وعندها سنفاجئهم بضربة جوية». وايضا «كل شيء هو حظ. ولولا مصري واحد في المراقبة وآخر ألقى قنبلة لكانت العملية انتهت بدون قتلى أو بقتيلين فقط». الامر الذي يعزينا هو أنه في الشهر السابق قُتل وأصيب 140 جنديا في عمليات بادر اليها المصريون. وحينما انتقلت المبادرة الى الجانب الاسرائيلي جزئيا أصيب 160 جنديا. اضافة بسيطة هي 20 جنديا فقط.
هذا ما قيل سرا للمنتخبين. أما للجمهور فقد قيل لهم إنه لا مناص. الجنود والمواطنون استمروا في الاعتماد على غولدا مائير وعلى ديان وعلى القيادة العسكرية. صحيح أن عبد الناصر ذُهل لكنه لم يستسلم. وقد عمق السوفييت تدخلهم في مصر. وحينما انقضت ثلاث سنوات من وقف النار، جاءت الحرب الكبيرة.
إرث معركة جزيرة غرين ليس فقط بطولة الافراد بل ايضا عدم منح الثقة العمياء للقيادة الوطنية – ليس لتقديرها ولا لسذاجتها. إنه أمر صحيح، دائما ولاسيما اليوم، أن جودة القيادة لا تقارن بقيادة اليوم، رغم الكوارث التي تسببت بها.
عن «هآرتس»