علّقت إيران اليوم الاثنين على محاولة تشكيل "ناتو عربي" ضدها، مشيرة إلى أنّها ليست المرة الأولى التي يطرح فيها مقترح من هذا النوع، مستبعدة هذه الخطوة، في ظل الظروف الراهنة للدول العربية التي وصفتها بأنّها "غير منسجمة، ومختلفة فيما بينها".
وقال المتحدّث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي في مؤتمره الصحافي الأسبوعي اليوم،إنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب، "يحاول استغلال الخلاف والضعف في علاقات الدول الإسلامية والعربية بما يصب لصالحه، ولكي يحصد النفط وعائداته"، ورأى أنّ "الحديث عن الإيقاع بإيران مجرد بلبلة واهية غير جادة، لا يمكن أن تصل لشيء".
وأكد قاسمي أنّ بلاده تريد تطوير علاقاتها مع جيرانها، مذكّراً بتصريحات الرئيس حسن روحاني التي قال فيها إنّ سياسات بلاده الحالية "ستركّز على ترميم العلاقات مع السعودية والإمارات والبحرين".
وأشار إلى أنّ ذلك "يعني تطوير العلاقات بهدف تحقق استقرار المنطقة والقضاء على الإرهاب فيها"، مستدركاً بالقول إنّ "الأمر يتطلب المزيد من التدقيق أحياناً، بسبب سياسات بعض هذه الدول الانحرافية وتدخّل أطراف ثالثة"، بحسب وصفه.
وأعرب عن أمله في "أن تركز دول المنطقة على أهمية تحقق مصالحها الوطنية، من خلال هذا التقارب".
وكشف مسؤولون أميركيون وعرب، أنّ إدارة ترامب تمضي قدماً خفية في مساع لتشكيل تحالف أمني وسياسي جديد، مع دول الخليج العربية ومصر والأردن، بهدف التصدي للتوسع الإيراني في المنطقة، وصفه مسؤولون في البيت الأبيض والشرق الأوسط، بأنّه نسخة عربية من حلف شمال الأطلسي أو "ناتو عربي" للحلفاء المسلمين السنة.
وذكرت أربعة مصادر لوكالة "رويترز" السبت أنّ البيت الأبيض يريد تعزيز التعاون مع تلك البلدان بخصوص الدفاع الصاروخي والتدريب العسكري ومكافحة الإرهاب، وقضايا أخرى مثل دعم العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية الإقليمية.
وفيما يتعلّق بالعرض الأميركي المقدّم لإيران، بشأن المشاركة في طاولة حوار مشروطة، قال قاسمي إنّ "التراشق والتوتر بين طهران وواشنطن، يدل على أنّ ذلك غير ممكن وغير متاح في الوقت الراهن"، معتبراً أنّ "الحديث عن هذا السيناريو مجرد عنوان إعلامي".
واتهم المتحدّث الإيراني، الولايات المتحدة الأميركية، بأنّها "ليست أهلاً للثقة، ولا يمكن الحديث عن التفاوض معها بعد أن خرجت من الاتفاق النووي، وأعادت فرض العقوبات، ومازالت تصر على سياساتها العدائية، وفرض الضغط الاقتصادي على الشعب الإيراني".
وفي الوقت عينه، استبعد قاسمي "سيناريو الاشتباك العسكري المباشر، ووقوع حرب بين الطرفين"، لكنّه توقّع "استمرار السياسات التصعيدية والعدائية من قبل ترمب"، قائلاً إنّ "ترمب سيضطر للعودة إلى إيران وتقديم طلباته إليها بشكل آخر".
من ناحية أخرى، نفى قاسمي أن يكون هناك اتصال بين طهران وواشنطن عبر سلطنة عمان، موضحاً أنّه لا يعلم سبب زيارة وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي، إلى الولايات المتحدة.
وأضاف أنّ "تصريحات ترمب حول التغيير في إيران، ليست محط اهتمام"، وتحدّث عن وجود ضغوط أميركية من نوع آخر على بلاده، "فكلما توجه وفد إيراني لدولة ثانية، بغية تعزيز التعاون الاقتصادي، يتواجد وفد أميركي هناك، ويحاول عرقلة الأمور، والتأثير على روابط طهران التجارية"، كما قال.
ولمّح قاسمي إلى أنّ "التهديدات الأميركية زادت من حجم التقارب بين التيارات الإيرانية المختلفة في الداخل"، مؤكداً، أنّ "لدى كل الأطراف رؤية مشتركة حول المسائل الدفاعية".
وأكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، أنّ المفاوضات مع الأطراف الأوروبية الباقية في الاتفاق النووي مع بلاده "ما زالت مستمرة"، قائلاً إنّ الاتصالات بين الطرفين "تبعث على التفاؤل".
وأعرب عن أمله في أن "يتم الاتفاق على التفاصيل المتعلّقة بحزمة المقترحات الأوروبية التي ستقدم لإيران كي تبقى في الاتفاق النووي، قبيل الموعد المطلوب الموافق في 6 أغسطس/آب المقبل، وفقاً لما أعلن مساعد وزير الخارجية عباس عراقجي سابقاً".
وأوضح قاسمي أنّ طهران "اتفقت مع تلك الأطراف على الشكل العام لحزمة المقترحات، إلا أنّ الاتفاق على الآليات والتفاصيل مازال معلقاً وغير منتهٍ".
وكانت الولايات المتحدة، قد انسحبت، في مايو/أيار الماضي، من الاتفاق النووي، الموقّع في 14 يوليو/تموز 2015، بين إيران ومجموعة "5+1" (الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا)، والذي ألزم طهران بتقليص قدرات برنامجها النووي، مقابل رفع العقوبات المفروضة عليها.
وأعادت واشنطن فرض العقوبات على طهران، إذ ستعود إليها بشكل عملي، في أغسطس/آب ونوفمبر/تشرين الثاني المقبلين، في وقت تسعى فيه طهران لتكثيف اتصالاتها مع الأطراف الباقية في الاتفاق، لتحصل على ما سمّته بـ"حزمة ضمانات" تحفظ المكتسبات الاقتصادية التي حققتها بموجب الاتفاق.
وعقد وزراء خارجية إيران ودول 4+ 1 الباقية في الاتفاق، اجتماعاً في فيينا، قبل فترة، بحث هذه الضمانات التي قدمها الأوروبيون للرئيس روحاني، خلال جولته الأوروبية التي شملت النمسا وسويسرا، مطلع الشهر الجاري.
واعتبر مسؤولون إيرانيون أنّ حزمة الضمانات "ناقصة"، كونها لا توضح آليات استفادة طهران من المقترحات الأوروبية بشكل دقيق، ولا سيما المقترحات التي تخص قطاعي التعاون المالي والصادرات النفطية الإيرانية.
وتحاول طهران، الوقوف بوجه المسعى الأميركي الرامي لتصفير صادراتها من النفط، وضمان حصولها على عائداتها منه، من خلال الإبقاء على وجود قنوات مالية مفتوحة معها.
من ناحية ثانية، أكد قاسمي أنّ الحوار مع الأوروبيين حول اليمن مستمر، واصفاً ذلك بـ"الأمر الضروري لإنهاء أزمة هذا البلد"، متهماً الإمارات بلعب دور رئيسي في ارتكاب "فاجعة إنسانية" هناك، مكرراً رفضه الاتهامات لإيران حول إرسال السلاح للحوثيين، داعياً أبوظبي لمراجعة سلوكها.