لا أحد يسأل الشعب رأيه .. التنظيمات تقرر وتنفذ بلا رقيب ولا حسيب

thumb (3).jpg
حجم الخط

 

 

 

نفس المعادلة التي دأبت عليها القيادات العربية منذ دهر . من يحكم أي بلد يقرر نيابة عن الشعب مدى الحياة ، لا رقيب ولا حسيب ولا علم إجتماع ولا معارضة ولا حتى معارضة داخلية . بل ان العقوبات التي تتعرض لها المعارضة الداخلية في أية مؤسسة أو منظمة او تنظيم تفوق بعشرات المرات قوة العقوبة التي تقع على المعارضة من خارجها . واللافت للإنتباه أن التنظيمات نفسها صارت لا تقرر . وإنما فئة حاكمة في رأس التنظيم هي التي ستقرر ، والفئة لا تقرر أساسا وإنما واحد أو إثنان إو ثلاثة في كل تنظيم هم الذين سيقررون كل شئ وباقي التنظيم لا يقول رأيه أساسا .

ثقافة السيطرة بالقوة ، وازدراء الجمهور وإحكام قبضة الفئة الحاكمة على كل شئ وليس فقط السياسة ( في العلوم وفي الفن والرياضة والغناء .. ) ، لدرجة أن هذه القوى التي تتحكم في حياة الناس وفي أية منطقة صارت تنتحل عناوين لها على مواقع التواصل الاجتماعي لتعبث في عقل الجمهور في العالم الافتراضي . فلكل حكومة جيش الكتروني ولكل جهاز امن ضباط فيس بوك ولكل تنظيم كوماندوز على تويتر وهكذا . ولم تكتف بسيطرتها على حياة الناس بل صارت تريد السيطرة على عالمهم الافتراضي .

لن أؤيد ولا اعارض أية صفقة تعقدها حماس مع الاجتلال . لقناعتي ان اوسلو هو اكبر مشروع انفصالي وصار هدفا وطنيا كبيرا . وصفقة غزة ستتحول الى انجاز كبير للنضال حتى لو كانت مخلوقا مشوّها . ويلفت انتباهي ان اوسلو تم توقيعها خلسة ومباغتة . وهذه مثلها وهي نفس السمفونية التي عزفت عليها جميع التنظيمات طوال مئة عام مضت . والجماهير دائما لا تشارك بقرار الحرب ، ولا تشارك أيضا بقرار السلام .

لست اؤيد الحروب ، ولست أعارض السلام . ولكنني اعارض التفرد بالقرار عند الفئات التي أقنعت نفسها أنها الاكثر وعيا واستراتيجية من باقي فئات الشعب .

وبهذا تكون التنظيمات الفلسطينية قد استكملت سيطرتها على المجتمع الفلسطيني بالكامل ولعشرات السنين القادمة . لا برلمان ولا بطيخ ، لا منظمات اهلية ولا بطيخ . لا معارضة ولا بطيخ . لا مجلس استشاري ولا بطيخ . ولا حرية صحافة ولا بطيخ . ولا مجلس وطني ولا بطيخ . ولا مجلس شورى ولا بطيخ . ومن يعارض سينال من الشتائم وجيوش القمع الافتراضي ما نال شارب الخمر من الإمام مالك .

هم يقررون الصح والخطأ ونحن نصفق ، نصفق للحرب ونصفق للسلام وطالما صفقنا لمرحلة لا حرب ولا سلام . وحين يذهب الحاكم ويأتي بعده حاكم مختلف بكل الصفات والمبادئ ، يفترض ان نصفق للجديد وهكذا حتى أولاد أولادنا .

لم نكسر عصا الطاعة للتنظيمات منذ قرن ، وإنضبط أجدادنا لاجدادهم ، وإنضبط اّباؤنا لابائهم ، وإنضبطنا لهم . فهل ينضبط أولادنا لأولادهم !

انا أعرف يقينا ان ما تريده التنظيمات وتقرره في الجلسات المغلقة هو الذي سيتم في النهاية ، ولكنني كنت اّمل استشارة الجمهور في أي شئ ، وإذا ليس من باب الديموقراطية ، ليكن حفاظا على "سمعة المحل ". او ليعتبروننا زبائن في دكاكينهم ومن باب التسويق ليقولوا ( الزيون على حق ) .