حذّر مجلس الوزراء الفلسطيني، من خطورة التساوق مع ما يحاك من مؤامرات ومخططات تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية، وتقزيم المطالب الفلسطينية، وحصرها في قضايا إنسانية، مع تجاهل تام لحقوقنا الوطنية المشروعة التي يناضل شعبنا من أجلها، وقدم في سبيلها قوافل الشهداء والجرحى والأسرى، وفي مقدمتها حق العودة وتقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة على حدود 1967م وعاصمتها القدس الشريف.
جاء ذلك في مستهل جلسته الأسبوعية التي عقدها اليوم الثلاثاء، في مدينة رام الله، برئاسة رامي الحمد الله، مستهجنًا استمرار محاولات التضليل والافتراءات المزعومة عن المسؤولية الحقيقية لمعاناة شعبنا في قطاع غزة، واختزال كافة المشاكل التي يعانيها قطاع غزة في مسألة الرواتب، والترويج بفرض عقوبات على قطاع غزة، والتي تبرئ الاحتلال من المسؤولية عن معاناة شعبنا في القطاع، نتيجة حصارها الظالم للعام الحادي عشر على التوالي، تخللها ثلاث حروب طالت كافة مناحي الحياة، إضافة إلى الاعتداءات اليومية المتكررة وعمليات القتل والتدمير، بالإضافة إلى تجاهل الحديث عن الانقلاب الأسود الذي قامت به حركة حماس، وفرض سيطرتها على قطاع غزة، وما تخللها من إجراءات أثقلت كاهل المواطن، من فرض "الإتاوات" تحت مسميات مختلفة من الرسوم، والضرائب، لصالح خزينتها.
وجدد المجلس ، دعوته لحركة حماس بالعدول عن مواقفها الرافضة للوحدة، وإنهاء سيطرتها على قطاع غزة، وعدم مقايضة ثوابتنا الوطنية بالمساعدات الإنسانية وعلى حساب وحدة شعبنا ووطننا، والالتزام بخطة سيادة الرئيس محمود عباس بالتسليم الكامل والشامل دون تجزئة لكافة المهمات والصلاحيات في قطاع غزة، وتجنيب شعبنا المزيد من ويلات الانقسام المرير، وإكساب قضيتنا الوطنية المزيد من المنعة والصلابة والقدرة على مجابهة التحديات، والتركيز على إنجاز حقوقنا الوطنية المشروعة في إنهاء الاحتلال، ونيل استقلالنا الوطني.
وأكد، على أن الحكومة لم تفرض أي عقوبات على القطاع، والخصومات التي يتم الترويج لها على أنها عقوبات مفروضة على قطاع غزة هي إجراءات مؤقتة، وقد بلغ عدد الموظفين الذين يتقاضون 50% من الراتب 15 ألف موظف مدني، و20 ألف موظف عسكري، جميع حقوقهم محفوظة.
كما وأشار، إلى أن الحكومة قامت الشهر الماضي بصرف حوالي (96 مليون دولار) في قطاع غزة رغم العراقيل التي يستمر الانقسام بوضعها أمام الحكومة، ودون تحويل أي إيرادات من القطاع إلى الخزينة العامة، ورغم ما تعانيه الحكومة من أزمة مالية، وانخفاض الدعم الخارجي بحوالي 70%.
ورحب بكافة الجهود الرامية لتحقيق المصالحة وإعادة اللحمة بين شقي الوطن، وجدد شكره العميق للدور المصري الهام لإتمام المصالحة وإنجازها بشكل شامل وكامل، مثمناً دور مصر القومي وموقفها الثابت تجاه القضية الفلسطينية.
ودعا المجلس، أبناء شعبنا الفلسطيني بكافة مكوناته وفئاته إلى التوحد خلف القيادة الفلسطينية، وعلى رأسها سيادة الرئيس "محمود عباس"، في مواجهة التحديات والمخططات الإسرائيلية الأمريكية التي تستهدف شعبنا وقضيتنا، ومشروعنا الوطني، وخاصة ما يسمى بـ "صفقة القرن". واستنكر المجلس مشروع القانون في مجلس الشيوخ الأمريكي الذي يتعلق بالمساعدات الأميركية لـ "الأونروا"، ويختزل عدد اللاجئين الفلسطينيين بـ (40 ألفاً) بدلاً من (5.2 مليون)، لتكون "الأونروا" ملزمة بالاعتناء بهذا العدد فقط، ويتم تحديد المساعدة المالية لها استناداً إلى هذا المعطى الجديد.
واعتبر أن هذا المشروع يأتي في إطار سياسة الإدارة الأميركية الهادفة إلى إلغاء "حق العودة" وإخراج قضية اللاجئين من طاولة المفاوضات، بعد إخراج قضية القدس بالاعتراف بها "عاصمة لإسرائيل"، ونقل سفارتها إليها.
وشدد المجلس، على أن مشروع القانون الأميركي مرفوض وغير قانوني ولا يمكن أن يؤثر في الوضع الراهن، معتبراً أنه جزء لا يتجزأ من "صفقة القرن" الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية وتجريد الشعب الفلسطيني من كامل حقوقه المشروعة، بالإضافة إلى شطب وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" وإسقاط حق اللاجئين، وهو ما يتوافق بشكل واضح مع قانون القومية العنصري، الذي يعتبر الحجر الأساس للصفقة المشبوهة.
كما وأدان تدشين سلطات الاحتلال الإسرائيلي كنيساً وبؤرة استيطانية جديدة في حي سلوان جنوبي المسجد الأقصى، وشدد المجلس على أن هذا التدشين، وبمشاركة وزراء في حكومة الاحتلال، يعتبر تحدياً سافراً للأمتين العربية والإسلامية وللمجتمع الدولي وقرارات الشرعية الدولية. وشدد المجلس على أن إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، مستمرة وبتشجيع من الإدارة الأمريكية، في تحدي قرارات الشرعية الدولية وتجاهلها، ومصرّة على ترسيخ مشروعها الاستيطاني العنصري، وإحكام سيطرتها على الضفة الغربية، بما فيها القدس والأغوار، وإدامة احتلالها، وإغلاق الباب نهائياً أمام تجسيد الدولة الفلسطينية كاملة السيادة، وهو ما يستدعي من المجتمع الدولي، ومجلس الأمن الدولي ممارسة صلاحياته بوقف الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني، وقانون حقوق الإنسان والقانون الجنائي الدولي، وإلزام إسرائيل بوقف مواصلة نهب الأرض الفلسطينية، وتقطيع أوصالها وزرعها بالمستوطنات الاستعمارية وبالمستوطنين المتطرفين.
وتقدم المجلس بالشكر إلى الاتحاد الأوروبي وهولندا على تقديم مبلغ (10.62 مليون يورو) للمساعدة في دفع الرواتب ومخصصات التقاعد، بالإضافة إلى تشغيل أكبر حقل طاقة شمسية في قطاع غزة، والذي سيوفر (0.5 ميغاواط) من الكهرباء يومياً لتشغيل "محطة تحلية مياه جنوب غزة".
وبدوره، رحب الحمد الله، وأعضاء مجلس الوزراء بانضمام نبيل أبو ردينة نائباً لرئيس الوزراء ووزيراً للإعلام في الحكومة السابعة عشرة "حكومة الوفاق الوطني"، متمنياً له التوفيق والنجاح في مهامه.
كما رحب بافتتاح رئيس الوزراء مدينة "محمود عباس" للحجاج والمعتمرين في معبر الملك حسين، مؤكداً أن افتتاحها يأتي ضمن توجهات القيادة والحكومة لخدمة الحجاج والتسهيل عليهم، وتوفير كافة وسائل الراحة لهم حيث بلغت تكاليف إنجاز المرحلة الأولى (4.7 مليون شيقل)، بعد أن قامت الحكومة خلال الأعوام الماضية بتحسين الخدمة على المعابر من خلال افتتاح عدة أقسام منها قاعتي المغادرين والقادمين، وتطوير البنية التحتية للاستراحة وتوسيعها، وإنشاء أبنية جديدة للمنامات والجمارك، وبدء العمل بالحجز الإلكتروني للتسهيل على المسافرين، إضافة إلى فتح المعبر (24) ساعة.
وتقدم المجلس بالشكر للمملكة الأردنية الهاشمية ملكاً وحكومةً وشعباً، على التكامل بالعمل، للتخفيف على أبناء شعبنا، وثمّن دور الهيئة العامة للإدارة العامة للمعابر والحدود، والتي تعمل في ظل ظروف صعبة، وعلى مدار الساعة لتوفير كافة وسائل الراحة للمسافرين.
وعلى صعيدٍ آخر، ناقش المجلس توصيات اللجنة المشكلة لدراسة مطالب منظمات ذوي الإعاقة بشأن الحقوق الصحية للأشخاص ذوي الإعاقة من حيث منح التأمين الصحي لهم، إضافةً إلى تعديل رزمة الخدمات التي يشملها نظام التأمين الصحي الحكومي على نحو يشمل بشكل واضح عدداً من الفحوصات التي تتطلبها عمليات التشخيص، وخدمات التأهيل، والأجهزة الطبية، وعدد من الأدوات المساعدة، والأطراف الصناعية، والأدوية المكلفة التي يحتاجها الأشخاص ذوو الإعاقة بشكل مستمر، واعتماد مرجعيات أكثر شمولية وإنصافاً في تشخيص وتصنيف نوع ودرجة الإعاقة، تستند في منطلقاتها وإجراءات عملها على المعايير الدولية ذات العلاقة، والذي من شأنه أن ينعكس بشكل دقيق ومهني على تحديد ماهية وطبيعة الخدمات الصحية والطبية والتأهيلية التي يحتاجها الأشخاص ذوو الإعاقة، واتخاذ التدابير اللازمة لتعديل الإطار القانوني الناظم لحصول الأشخاص ذوي الإعاقة للخدمات الصحية والطبية بما يضمن العدالة لهم من جهة وانسجام التشريعات والقوانين ذات العلاقة من جهة أخرى.
وناقش التقارير المقدمة من رئيس سلطة المياه ورئيس مجلس تنظيم قطاع المياه، وبحضورهما، حول الديون المستحقة على الهيئات المحلية نتيجة عدم التزام هذه الهيئات بتسديد أثمان المياه بشكل دوري، الأمر الذي فاقم مشكلة تراكم الديون وعدم قدرة الهيئات المحلية على تسديدها. وشدد على ضرورة التزام هذه الهيئات بالتسديد، وجدولة الديون السابقة، وإيجاد حلول للمشاكل التي تواجهها من حيث تحصيل الديون المستحقة لها، وبحث سبل تحسين الجباية ومكافحة ظاهرة سرقة المياه، وذلك لحماية المال العام وتجنب قيام إسرائيل بخصم الديون مباشرة من إيرادات المقاصة الفلسطينية، وتعريض الخزينة العامة للمزيد من الأعباء المالية.
وأكد المجلس وجوب تضافر الجهود وأهمية العمل على ترسيخ ثقافة الالتزام بتسديد بدل الخدمات المقدمة للمواطنين حتى تتمكن هذه الهيئات من تنفيذ المشاريع لصالح المجتمع المحلي.
كما ناقش قضايا تهريب السلع والبضائع وخاصة تهريب المحروقات بحضور العميد إياد بركات مدير عام الضابطة الجمركية، لما لها من تأثيرٍ سلبي على الأمن الاقتصادي والاجتماعي وحياة المواطنين وسلامتهم.
قرر المجلس تكليف الجهات المختصة بتكثيف الجهود للحد من ظواهر التهريب، مثمناً إصدار القرارات بقانون المعدلة لتشديد العقوبات التي أصدرها سيادة الرئيس بناءً على تنسيب مجلس الوزراء لا سيما قانون الجمارك والتبغ ومكافحة المخدرات وقانون الصحة وحماية المستهلك التي تم نشرها في الجريدة الرسمية، وستدخل حيز التنفيذ في الأسابيع القادمة.
وصادق على توصيات لجنة مواءمة التشريعات بالمعاهدات والمواثيق الدولية بشأن مشروع قرار بقانون حماية الأُسرة من العنف، وخاصةً الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الخاص بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، واتفاقية القضاء على كافة اشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) والتوصيات المتعلقة بها، إضافة إلى مواءمة القانون مع التشريعات الفلسطينية.
كما صادق على توصيات اللجنة الفنية لدراسة طلبات تخصيص عدد من قطع الأراضي الحكومية، وذلك لغايات المنفعة العامة.
وصادق على الاتفاقيات الموقعة بين وزارة التربية والتعليم العالي وكل من وزارة التربية والتعليم العالي في جمهوية كوبا، ومركز إبداع المعلم، لتطوير قطاع التعليم في فلسطين.
وصادق على مشروع نظام استعمال وحماية شارات الهلال الأحمر الفلسطيني والصليب الأحمر والبلورة الحمراء، الذي ينظم استعمال وحماية شارات الهلال الأحمر الفلسطيني والصليب الأحمر والبلورة الحمراء، وضوابط استعمالها.
كما قرر إحالة كل من مشروع نظام معدل لنظام موظفي الهيئات المحلية رقم (1) لسنة 2009م، ومشروع نظام عمل المركبات الحكومية في قطاع الأمن، إلى أعضاء مجلس الوزراء لدراستهما وإبداء الملاحظات بشأنهما تمهيداً لعرضهما على جلسة مجلس الوزراء، واتخاذ المقتضى القانوني المناسب بشأنهما.