مروان لقلب نظام الحكم

e30ba9114c613e09366766481ce09eac.jpg
حجم الخط

 

كأن القائد الوطني الأسير، مروان البرغوثي، الغائب بشخصه عن عين جبريل الرجوب وعن عيون باقي الرهط، منذ منتصف إبريل 2002 أي منذ أكثر من ستة عشر عاماً ونصف العام تقريباً؛ قد أصبح طائرة فلسطينية مُسيّرة يتحسب منها الضالون المأزومون، علماً بأنها محض طائرة للتصوير وليس للقصف، تعود الى قاعدتها سالمة، في الزنزانة، بعد إنجاز كل مهمة استطلاع للحال الفلسطينية!

ولأن الضالين المأزومين، لا يملكون مثل هذه الطائرات ولا يريدونها أصلاً، باعتبار أن سبر أغوار المشهد، ورصد توجهات الرياح، وتفَحص قسمات الناس عندما تراهم، يزعجهم جداً ولا يناسبهم؛ فإن هذه الطائرة أصبحت فأل شؤم بالنسبة لهم. ولفرط ضيق رؤيتهم وضبابية آفاقهم، باتوا يظنون أن قدورة فارس وعيسى قراقع، وأهالي "كوبر" هم وحدهم الذين يؤيدون مروان ويحترمونه ويترقبون تحرره من أغلال السجن. كأن لم يعد هناك وطنيون في بلادنا، علماً بأن أفاعيل الضالين الظالمين المأزومين، من شأنها إيقاظ الروح الوطنية النائمة، في نفوس البعض القليل. فمروان إسم كالطبل وكالموسيقى العسكرية، وما ثرثرات هؤلاء إلا كنعيق البُوَم أمهات قويق!

ما الذي يريده هؤلاء من مروان البرغوثي؟ هل يريدون الحيلولة بينه وبين صناديق اقتراع تُعشش فيها العناكب؟ فإن كانوا ثابروا على تفصيل سلطتهم، بشروط نضمن لعباس موتاً هادئاً يتبعه صراع فيما بينهم؛ فلماذا هم قلقون؟ ولماذا يكبر خطر مروان في وعيهم الباطني، كلما سَلخ الرجل عاماً آخر في السجن؟

في الانتفاضة الطويلة  التي أخمدتها قوات الإحتلال باجتياح الضفة واقتراف المجازر؛ اختار مروان دوره وواجبه فطورد، وأصبح ناطقاً باسم انتفاضة شعبنا، دونما قرار سلطوي أو فتحاوي. الآخرون، في ذورة "الرصاص المصبوب" حافظوا على تصالحهم مع كومبيوترات العدو، ولم يفقدوا بطاقات الشخصيات المهمة جداً، لدى الإحتلال. وفي محاولة فاشلة وساذجة ومثيرة للسخرية، لرفع الحرج عن أنفسهم؛ بثوا الإشاعات قائلين ما معناه، إن الدور مرسوم لمروان بهدف تلميعه. ومعنى ذلك الطعن في وطنية الرجل المناضل، والإعلاء من شأن البطاقات التي لا يأتيها المس من يمين أوشمال. ولما قبض عليه العدو بجريرة وشاية، جرى التعديل الأسوأ على إحداثيات الإشاعة المبثوثة، ليصبح القبض على مروان خاتمة التلميع، وأن المسألة مسألة أيام، ويخرج مروان مزهوّاً، لكي يؤدي الدور المزعوم. ولما طالت غيبة القائد المناضل، صمتوا قليلاً في انتظار الحكم عليه، فإن كان أقل من عامين في السجن، فلا بأس من إبقاء الإشاعة في صيغتها الأولى، وإن كان أكثر، فلا بد من إظهار بعض الندم، في صيغة مديح كاذب لمروان! نطق العدو بالحكم كمن يقول  للضالين المأزومين: في الوقت الذي يرى فيه القاضي الصهيوني أن مروان يستحق الحكم عليه بتأبيدة رباعية أو خماسية؛ فإن أوسعكم حُنجرة، وأعرضكم خيالاً في تمنياته وأوهامه، وأكثركم "تفتفة" على الشاشات، لا يعنينا أمره، ولا يستحق أيقافاً عند حاجز!

بناء عليه، امتشقوا لأنفسهم أكذوبة وداد لمروان، لن تكلفهم شيئاً، إذ سمحوا بانتخابه عضواً في اللجنة المركزية لحركة فتح، وهم مطمئنون أن العضو مقصوص موضوعياً!

ولعل أكثر ما أغاظهم، بعدئذٍ، أن أبا قسام أصبح رمزاً وطنياً، وباتوا هم يتنافسون على رمز الضفدع، دون أن يعلو سقف أصواتهم عن نقيقها. وباعتبار أنهم لا يملكون طائرات مُسيّرة، لسبر أغوار المشهد الشعبي الفلسطيني، ورصد قسمات وجوه الناس كلما رأت سحناتهم، فلا زالوا يثرثرون. ولعل من طرائفهم وأكثرها خفة، أن صوت نقيق الضفدع، رفع دون أن يدري، سقف قدرات مروان في سجنه، ليجعله جديراً بالإنقلاب على نظام الحكم، وكأنه جيش!