أحداث مؤسفة، النظام القضائي، والقضاء العشائري! سميح شبيب

Sameeh-Shebeb
حجم الخط

وقعت أحداث مؤسفة في الضفة الغربية وغزة، إبان العيد الفائت نتيجة خلافات عائلية ومجتمعية، معظمها يتعلق بالخلاف على الملكيات. ما كان لافتاً في تلك الاحداث، انها كانت دموية، ما تسبب بمقتل اشخاص ابرياء، وبأنها استندت تماماً لقواعد الثأر وأخذ القانون باليد.
عند الاطلاع المباشر، على حيثيات تلك الاحداث، بامكان المطلع ان يعرف، أن من قاموا بتلك الاحداث رغم خطورتها وما يترتب عليها، لا يثقون بالنظام القضائي القائم، وبأنهم سابقاً لجؤوا للمحاكم وللقانون، دون ان يتمكنوا من الوصول لحلول مرضية، بات المواطن يرى في تلك المحاكم مماطلات طويلة، ولا حلول.. بل تأجيلا للقضايا يليه تأجيل وهكذا دواليك. قد تكون نظرة المواطن للنظام القضائي في فلسطين، خللاً ما. قد ترضيه وسائل عمل تلك المحاكم، لأنه يريد حلاً مستعجلاً للأمور، يتناسب مع ما يريده وما يهواه، لكن نظرة متفحصة لنظامنا القضائي القائم، من شأنها ان تدلنا، بأننا بحاجة ماسة لقصور عدل في محافظاتنا، وبأننا نريد اضعافاً مضاعفة من القضاة المختصين، وبأننا بحاجة ماسة لهيئات ادارية قضائية من شأنها تسيير الامور والقضايا القضائية بسلاسة وبسرعة معقولة. وكل ذلك، بحاجة لأموال وموازنات، لا تقوى عليها سلطتنا الوطنية العتيدة!!
يلجأ الناس، كما في كثير من الاحداث المؤسفة التي جرت، الى القضاء العشائري، ولجان المصالحة ... وهي لجان ذات خبرة واسعة، وهناك وجوه كثيرة معظمها في الخليل، لها خبرات تُرضي الناس، وتوصل الامور الى بر الأمان. لا يستطيع احد ان يقول بأن تلك اللجان والوجوه، تمثل جانباً متخلفاً في حياتنا الاجتماعية والقضائية، لكننا ونحن نعيش في ظل سلطة وطنية، وبوجود فصل ما بين السلطات الثلاث، واولها السلطة القضائية، فمن واجبنا ان نطور نظامنا القضائي، ليكون نظاماً قادراً على احقاق الحق، وان يكون الواجب واجباً .. دون ذلك، ستعود الامور الى الوراء، وسيسود اعتقاد عميق، داخل قرانا وبلداتنا، بأن الحق يجب ان يؤخذ باليد مباشرة، وبأن القضاء العشائري هو القضاء الاجدى والاقوى ... وبأن النظام القضائي في بلادنا لا جدوى منه ولا نفع.
ما حدث من احداث عنف، وقتل ومحاولات قتل، واقفال بعض قضاياها، نتيجة الوصول لحلول عشائرية تعتمدها الاطراف المتخالفة.
لا يمكن اصلاح الامور وبناء الثقة بالنظام القضائي دون اصلاح النظام القضائي نفسه، عبر تطوير هيئاته، وزيادة عدد اعضائه من قضاة واداريين مع العمل على تدريب الاجهزة التنفيذية من أمن وشرطة.
ما يقوم به النظام القضائي، هو أمر هام للغاية، وعظيم، بل يفوق طاقة العاملين به. الخلل القائم يكمن نتيجة عدم توافر الامكانات وعلى رأسها الامكانات المادية، القادرة على تطوير النظام القضائي برمته مبنى ومعنى.
ثقة الناس، تأتي عبر ممارسات وعبر نتائج ملموسة، ولا تأتي نتيجة دعاية او ادعاء.
يا حبذا لو توافرت لدينا دراسات ميدانية، عن خلافات ومنازعات وجرائم ميدانية. احداثها وسير التحقيق فيها، وما نتج عنها .. لنعرف رأي الناس الحقيقي والعملي، ما سيساعدنا كثيراً على تطوير الوعي الشعبي، كما تطوير النظام القضائي