عن مستنبت حشيش

رامي مهداوي.jpg
حجم الخط

أصبحنا نسمع بشكل يومي ومتزايد عن ضبط مزارع الحشيش في شتى محافظات الوطن، وفي آخر تقرير استطعت الحصول عليه، أوضحت شرطة مكافحة المخدرات المعلومات التالية: أنها ضبطت خلال العام الجاري 2018، ما يزيد على 290 كيلوغراماً من الحشيش والقنب الهندي والكوكايين والكريستال. بلغ إجمالي ما تم ضبطه من الحبوب 1650 حبة أكستازي، و6500 حبة مخدرة، و1000 حبة كبتاجون، و15000 شتلة قنب، و34 مستنبتاً. وبينت الشرطة أنه تم القبض على 1426 شخصاً من الضفة الغربية وداخل الخط الأخضر متورطين بتهم المخدرات، وأن القيمة المالية لما تم ضبطه وصلت لما يقارب 15 مليون شيكل.
بالتأكيد هناك أسباب كثيرة لتزايد عمليات الضبط، لكن أهم سبب حسب وجهة نظري هو أن إسرائيل تعاملت مع هذا الموضوع بطريقة لن نستطيع أن نتعامل معه بالمثل؛ بل على العكس كلياً ستكون آثاره علينا أكثر ضرراً. لهذا علينا قراءة هذه المعطيات:
أولاً: اتخذت الحكومة الإسرائيلية سياسة جديدة تجعل تعاطى المخدرات في إسرائيل سهلاً ومتاحاً أكثر، حيث أعلن وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي "جلعاد أردان" اتباع سياسة جديدة فيما يتعلق بتعاطي "الماريجوانا" التي تنص على عدم حبس الأشخاص الذين يتعاطونها وعدم تقديم لوائح اتهام بحقهم، وإنما فرض غرامات إدارية على كل من يتعاطاها.
ثانياً: إسرائيل تتجه لتكون ضمن البلدان القليلة التي تسمح بتصدير الماريجوانا، بينما لا يزال من غير الواضح الجهات التي ستصدر لها.
ثالثاً: تعتبر إسرائيل مقارنة بالدول الأوروبية واحدة من أعلى النسب استخداماً لمخدر "القنب الهندي" مع نحو 30000 فرد مرخص لهم باستخدام المخدر لأهداف طبية.
رابعاً: تتعمد إسرائيل غض الطرف عن نشاط تجار المخدرات في القدس ومناطق (ج) في الضفة، وعلى صعيد آخر التجار الإسرائيليون يحاولون الاستفادة من اختلاف الأطر القانونية الناظمة في إسرائيل ومناطق السلطة الفلسطينية.
لذلك علينا أن نعترف بأننا دخلنا مرحلة جديدة بما يتعلق بهذه القضية، والأرقام التي ذكرتها في البداية تعكس دلالات الواقع، بالتالي علينا التعامل مع هذا الملف بطريقة إبداعية غير تقليدية، وألا نكتفي فقط بعمليات المكافحة التي تقوم بها الأجهزة الأمنية على أكمل وجه ولهم كل الاحترام والتقدير.
على باقي المؤسسات الحكومية وغير الحكومية العمل بأسرع وقت في مواجهة هذا المد من غزو المخدرات على مجتمعنا، الذي جعلنا مستنبتاً للحشيش للسوق الإسرائيلية. علينا جميعاً أن نتكاتف ونقوم بوضع إستراتيجية وطنية لمكافحة المخدرات. وربما إذا ما أردنا التفكير بعيداً .. هل نستطيع تغيير اللعبة بالكامل؟ لكن هذا بحاجة لشجاعة وإرادة كحرب الأفيون.