خمس وعشرون عضوة إلى المجلس المركزي

ريما كتانة نزال.jpg
حجم الخط

ضَمَّن المجلس المركزي في بيانه الختامي مقاربته الخاصة بتطبيق قرار المجلس الوطني القاضي بتخصيص نسبة 30% من مقاعده للمرأة. مَنَحت المقاربة عضوية المجلس المركزي لجميع عضوات الأمانة العامة للاتحاد العام للمرأة الفلسطينية البالغ عددهن واحدا وعشرين عضوةً، لصفة الاتحاد الاعتبارية كإحدى قواعد منظمة التحرير الفلسطينية والمُتَشَكَّل بقرار منها العام 1965، ليشكل ذراعها التنظيمية في صفوف قطاع المرأة.
الإضافة تقدم نفسها أيضاً بتواضع جمّ، تبررها على أساس من كونها تطبيقا جزئيا للقرار المتخذ منذ العام 2015. نصَّ القرار وفقاً لما جاء في البيان الختامي لأعمال المجلس المركزي في دورته التاسعة والعشرين، "بأن تسمية 21 عضوة على طريق التنفيذ الكامل لقرار المجلس الوطني بهذا الخصوص".
نقف اليوم أمام تدخل أوصل عدد عضوات المجلس المركزي إلى خمس وعشرين عضوة من إجمالي عدد أعضاء المجلس البالغ عددهم مائة وواحدا وستين عضواً وعضوةً. في النتيجة، لم تتجاوز الإضافة نسبة 15.6% تقريباً من إجمالي العضوية، بمن فيهن العضوات الخمس اللواتي أُقرَّت عضويتهن في اجتماع المجلس الوطني الأخير (نيسان – أيار 2018)، مع ملاحظة أن عضوتين من الأمانة العامة قد تكررت عضويتهن من خلال رئيسة اتحاد المرأة ومسؤولة لجنة المرأة، المقررتين بقرار سابق.
إنجاز مفاجئ. يستدرج فوراً السؤال الذي يلي عادة أيّ إنجاز يتحقق، الشخص أو الجماعة أو الجهة التي لعبت دورها وقفت خلف صدور القرار.. فالنقاشات التي دارت بين اجتماع المجلسين، الوطني والمركزي، كانت تشير إلى احتباس إرادة تطبيق القرار، وأن ثمة مصاعب قانونية قد واجهت عمل "لجنة تطبيق قرارات المجلس الوطني"، وأخرى ذات علاقة بمصالح بعض الأحزاب المعارضة تسمية عضواتها من حصتها، كأحد السيناريوهات المقترحة للإيفاء بالاستحقاق!
كان البحث يذهب نحو إضافة رمزية، منها تشكيل لجنة للمرأة تؤمّن وصول منسقتها، كما باقي لجان المجلس الوطني وفق نظام تشكيل المعتمد، ليس أكثر أو أقل. إلا أن التوجه لاقى معارضة قويّة من قبل الاتحاد العام للمرأة، تجنباً لسياسة عزل قضايا المرأة في لجنة نمطية تستقطب النساء عادة، مقابل التوجه المتبنى من الحركة النسائية القائم على إدماج المرأة في جميع مؤسسات الدولة والمجتمع. عدا ذلك، الموقف المبدئي المعارض لتشكيل موازٍ لا ضرورة له بوجود آليات فاعلة راسخة على الأرض، ليس فقط من خلال اتحاد المرأة بل بوجود مؤسسات ومراكز نسوية مهنية ومختصة بحقوق المرأة.
السؤال: كيف يمكن للمجلس الوطني أن يشكل آليتين تعملان على قضية واحدة، الاتحاد العام 1965 واللجنة العام 2018.. بالنتيجة خصومة دونما مقاصد وأهداف؟! 
إن الجوهري في رفض تشكيل لجنة للمرأة في المجلس الوطني يتجسد في مواجهة وإحباط المساعي، دون قصد، تطبيق قرار المجلس الوطني على الأقل بخصوص إفراد 30% من عضويته للنساء في المجلس، كون الوجهة العامة تتطلع إلى المناصفة، بموجب انضمامنا إلى المواثيق والاتفاقيات الحقوقية الدولية، بما يضمن حضوراً وازناً يجعل من عملية التأثير بالمجرى العام متاحة.
في الإجابة عن سؤال دفْع واحد وعشرين عضوة دفعة واحدة، عدد لا يُستهان به قياساً بمعايير القطّارة المتبعة! لا بد أن أسباباً ظرفية قد خدمت إصدار القرار، منها ما يتعلق بحراجة موقف لجنة تطبيق قرارات المجلس الوطني، ومنها حالة التدافع التي وقعت في صفوف "الفتحاويات" وكذلك معظم الأطر النسوية المكوِّنة للاتحاد، على خلفية تشكيل لجنة المرأة وفرزها لعضوة واحدة عوضا عن فرصة فرز ثمان وأربعين عضوة في حال تنفيذ القرار بحذافيره..!
لم يفْضِ القرار إلى نهاية سعيدة، إنه إنجاز وسّع المشاركة النسائية وحسِّن من تركيب المجلس لجهة التعددية، يعيد بعض الاعتبار والاحترام لتطبيق القرارات المتخذة، لكن الإنجاز لا يقلل من حجم الثغرات والنواقص التي خلَّفها القرار، تحمل قوساً من الانتقادات الجوهرية التي لا تُساق فقط على طريقة اختيار القطاع النسوي لعضوية المجلس الوطني، بل مدخل للتحفظ على آليات وأنماط تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني، بما هو "كوتات" تأتي بتمثيل غير حقيقي لخريطة المجتمع والقوى المؤثرة به بشكل عام. ليس على صعيد المرأة فقط، بل على صعيد جميع مكوناته، لصالح انتخاب أعضاء المجلس الوطني وفقا للصيغة والنظام المقرين في اتفاق القاهرة 2011. 
فالمؤسسات التي تعمل على تعزيز دور المرأة بما يمكن أن نطلق عليه "الحركة النسائية الفلسطينية"، تبقى خارج المجلس ما دام التشكيل لا يُراعي أهمية استحضار وجودها بسبب طبيعة الخيارات وانحيازاتها خاصة المستقلات، وميكانيكية الحصص التي تحرم بنى "م.ت.ف" وغيرها من إضافات نوعية مؤثرة. 
نهاية غير سعيدة، لكنه قرار كسر "تابويات". وفي وجهه الآخر يعني استمرار الأعمال والتدخلات والضغوط من أجل الهدف الأسمى، تحقيق المناصفة والمساواة. وهنا لا بد لأصحاب القرار الاطلاع على ما لحظته لجنة اتفاقية "سيداو" على تقرير الدولة ومطالبها على صعيد المشاركة السياسية للمرأة، ومنها الذهاب إلى معالجة قضية التمييز والمساواة في المجتمع، لأنها الصيرورة التي تؤدي إلى مجتمع سليم ومعافى، يمارس به الجميع حقوقه وواجباته اتجاه وطنه.