حاخامات وعِبَر

e30ba9114c613e09366766481ce09eac.jpg
حجم الخط

 

نشرت مجلة الطب النفسي الإسرائيلية، دراسة مهمة عن مجتمع "الحريديم" أي الحاخامات في دولة الإحتلال، جاء في خلاصتها أن عدداً معتبراً من رجال الدين اليهود الموصولين بقيادات السلطة العبرية، فاسدون بامتياز، ونصابون، وقساة مع زوجاتهم وأبنائهم ومدمنو كحول. في الوقت نفسه، أفادت مصادر سلطة الاحتلال، أن ستة من هؤلاء، معتقلون، وتجري تحقيقات مع ثمانية آخرين، في قضايا رشوة وخيانة الأمانة وفساد وفجور حيال أسواقهم ومجتمعهم .

ليست قضية التلطي بالدين والنصب باسم التقوى، جديدة في دولة الانتهاب التي سرقت وطن الشعب الفلسطيني. لكن ما يخفف من الأثر الفادح على هذه الدولة، جرّاء فساد شيوخها، هو اضطرار أجهزة الدولة الى القبض على الفاسد ومحاكمته والزج به في السجن. فلو لم تفعل إسرائيل ذلك، لانهدم بنيانها، مثلما يحدث في كل كيان لا يردع الفاسدين ولا يتردد في القبض على المنحرفين من ذوي اللحى الكاذبة. وهذه، بحد ذاتها، عبرة للآخرين، أو لذوي الكيانات التي يزعم حاكموها أنها تمثل الرب وتنوب عنه في الأرض!

كان سيء الذكر، الحاخام آرييه أدرعي، المولود في مكناس في المغرب، قد ترأس حزب "شاس" الذي يزجر أهل السياسة بمنطق الدين والسلوك القويم، وتقلد الرجل مناصب وزارية، كان آخرها "الداخلية" التي أدى فيها دور حاميها حراميها. وعلى الرغم من مسؤوليته كوزير للداخلية، إلا أن الشرطة قبضت عليه متلبساً بقبض رشوة كبيرة، ونال حكماً بالسجن ثلاث سنوات، أمضى منها نحو سنتين وخرج بشفاعة سلوكه "الحسن" كلص بارع، يعرف كيف يُعيد الكرّة ويحافظ على الموالين له. فهذا هو ديدن الفاسدين وهذه أيضاً هي طبائع الفئات الوضيعة التي لا تؤثر في مواقفها حقائق الفساد. ذلك علماً بأن الألسنة تناولت أدرعي ذاك، بشبهات قتل حماته في نيويورك بتكليف آخرين من الأتباع، إذ كانت الوليّة في طريقها الى المطار لكي تسافر الى تل أبيب، للإدلاء بشهادتها ضده، في قضية اختلاس، إلا أن سيارة مسرعة صدمتها، واتضح أن السائق إسرائيلي.

 الدراسة التي أجراها لمجلة الطب النفسى الإسرائيلية، سبعة باحثين تؤكد على أن المرأة فى مجتمع "الحريديم" تتعرض لضغوط نفسية هائلة أدت إلى إصابتها بالتوتر والقلق والاكتئاب، وهي لا تشعر بالأمان، وباتت عصبية المزاج تميل إلى الصياح واستخدام العبارات والألفاظ الحادة. ونقلت الدراسة عن امرأة زوجة حاخام، تُدعى "شولاميت" قولهاأنها تقيم مع أبنائها الستة فى قلب حى "الحريديم" في القدس، منذ أن هجر زوجها المنزل قبل عام، بعد سنوات طويلة من الإيذاء البدنى والنفسى الذى تعرضت له مع أبنائها على يديه. فهو سكّير يضرب ويؤذي زوجته وأبنائه، بعد كل فاصل من السباب والشتائم والقذف بكل ما تطوله يداه، وأضافت إن هناك المئات غيرها يتعرضن للمعاناة نفسها، ولا يكترث كبار الحاخامات بشكواهن.

ما الذي يمكن أن نستنتجه من هكذا دراسة، يشهد فيها شهودٌ من جماعة الحكم المتطرف، الذي يمارس فعل الحاخامات مع زوجاتهم، على صعيدي السياسة والحرب، وضد الشعب الفلسطيني؟!

في أية محاولة، للتزيّد في الاستنتاج، يمكن أن تؤخذ صورة الحاخام الكريه، لمطابقتها مع كل ملتحٍ كذوب، من أي دين، متنفذٍ أو يكمن في الجحور، ويقسو على المجتمع ويُخرّب بيته وبيوت الآخرين.

لعل العقل الآخر، الذي يناط به الحفاظ على جاهزية الكيان السياسي لصد الأخطار، هو المُنقذ للناس وللدولة. فلو أفلت الملتحي الفاسد ممتشق التطرف، ومعه العابث والجاهل والواهم، دون أن يكون هناك كيان يراجع نفسه ويخاف عليها، ويُكرّس القانون، لما كان هناك حاضر ولا مستقبل!