الشرق الأوسط .. وإعادة توطين الشعوب

thumb (3).jpg
حجم الخط

 

ما أعلن حول مشروع الشرق الأوسط الصغير والكبير ومشروع اعادة توطين الشعوب ما بعد ما يسمي بثورات الربيع، ليس مجرد صدفة طارئة بقدر ما كانت تعبيرا عن مخطط مدبر من قبل الولايات المتحدة وبعض حلفائها.

السياسة لا تعبر عن جمعيات خيرية لكنها بالأساس تعبر عن أنظمة ومصالح تحدد مواقفها من خلال حسابات دقيقة أساسها المصالح والاولويات حتى وان كانت لا تخضع لأخلاقيات بقدر ما تتطلبه من مصالح يراد تحقيقها حتي وان كان الثمن كبيرا وباهظا من غيرهم وليس منهم بطبيعة الحال.

المبعوث الأمريكي غرينبلات والمسمى بأنه مبعوث السلام يتحدث أن القضية الفلسطينية ليس القضية الاساسية بل هناك قضايا اخري بحسب ما تم تخطيطه بما يسمي بثورات الربيع والذي قلنا وقال غيرنا بأنه الربيع الأمريكي الإسرائيلي متحدثا عن ما يجري في سوريا والعراق واليمن وغيرهما، وكأن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لم يعد قائما ولم يعد محتاجا لتدخل دولي لإلزام دولة الكيان بقرارات الشرعية الدولية والزامها بمفهوم حل الدولتين معتبرا هذا المبعوث الامريكي أن اسرائيل رمزا من رموز السلام والحرية وهذا بعكس الفلسطينيين هكذا المصالح والاولويات الامريكية والتي تنسجم مع الاحداث المتتالية والجارية على صعيد دولة الكيان ومشروع قانون القومية العنصري وما تم من نقل السفارة الامريكية إلى القدس واعتبارها عاصمة لهذا الكيان وما يجري من محاولة شطب الأونروا لإغاثة اللاجئين وكأنهم يعملون على شطب حق اللاجئين بالعودة وفق القرار194.

كل ما سبق في اطار المخطط المدبر فيما يسمي بصفقة القرن وما يجري الحديث عنه حول السياسة الامريكية لتوطين الفلسطينيين في اطار المشروع الاكبر الجاري تنفيذه ما بعد ثورات الربيع والمسمى إعادة توطين الشعوب.

جميعها مسميات لمشروعات ومخططات تم وضعها بعناية فائقة وبدراسة مستفيضة وبحسابات دقيقة وببحث ميداني والذي أوصل السياسة الأمريكية إلى الاستخفاف بقضايا العرب والذي جعل سفيرهم بتل أبيب يتحدث أن العرب ضعفاء وأنه لا ينفع معهم الا لغة القوة.

ضحكت أمريكا على بعض المتحمسين والمتواطئين معها بشعار الديمقراطية وتغيير الانظمة الديكتاتورية وتحقيق العدالة الاجتماعية واعتبروها مداخل براقة  لجذب الشباب العربي وشد أنظارهم والسامعين لهم بمثل هذه الشعارات الكاذبة والتضليلية والمخادعة فكانت ثورات ما يسمي بالربيع، وصناعة الازمات والقلاقل وحتي ادخال الارهاب التكفيري من أوسع الأبواب لهدم الدول ومؤسساتها وانهاء قوة الجيوش وتشتيت الشعوب وتهجيرها.

مخطط أمريكي صهيوني بامتياز والمستهدف المنطقة العربية شعوبا وخيرات ومنابع نفط.

أمريكا وإسرائيل حاولوا ان يصنعوا حالة الفوضى والفلتان الامني كما حاولوا أن يصنعوا عدو جديد اسمه ايران، من خلال اثارة النعرات الطائفية وخلق حالة من عدم الاستقرار الأمني حتي يصب العرب بخانة أمريكا لحمايتهم من الغول الايراني ومشروعاته التوسعية ومفهوم تصديره للثورة وللطائفية.

وقعت الأغلبية العربية في فخ المخطط الأمريكي الإسرائيلي وبدرجات متفاوتة اليمن مشتعلة وليبيا غير مستقرة وسوريا على طريق الانقاذ والانتهاء من الوجود الارهابي ما بعد معركة ادليب الجاري الاستعداد ومصر بحمد الله ورعايته وصحوة أبناء القوات المسلحة ومؤسسات الدولة والشعب المصري العظيم والقيادة الحكيمة والمنتخبة ديمقراطياً برئاسة الرئيس السيسي استطاعوا تجاوز الازمة الخانقة والمخطط المدبر من خلال ارهاب تكفيري قام على صناعته تنظيم الاخوان المسلمين وبمساعدة بعض القوي التي كانت تري في اضعاف مصر قوة لها.

انقلب مخططهم ووجدوا انفسهم في الانفاس الاخيرة على أرض الفيروز سيناء ما بعد العملية الشاملة الجارية بطول وعرض الارض المصرية.

أمام المشهد الاقليمي الذي يتعرض لمخطط كبير وشامل وبكافة تفاصيله المعلنة والخفية يأتي دورنا بفلسطين ما بعد نكبة كبري وتهجير وتشريد احتلال واستيطان ليصنع لنا اسما جديدا اسمه الانقسام الأسود وللأسف الشديد تم صناعته بأيدينا حتى وأن كان بفكر غيرنا ومساعدته والاستمرار بتغذيته لإحداث التفاعل بالأزمات واتساعها وزيادة شقة الخلافات واحداث الانفصال والانفصام في الجسد الفلسطيني من خلال مخططات مدروسة من وجهة النظر الامريكية الإسرائيلية التي تساعد كثيرا على تنفيذ مشروعهم وصفقتهم.

أمريكا لا تنتظر احد لكنها تفعل ما تريد وتنفذ مخططاتها نقلت السفارة الأمريكية واعترفت بالقدس عاصمة لدولة الكيان الغت معوناتها للأونروا للقضاء على قضية اللاجئين حسب وجهة نظرهم قطعوا المساعدات عن السلطة الوطنية لأجل اركاعها وتسليمها بالسياسة الأمريكية يحاولون توطين الفلسطينين بأماكن تواجدهم وعلى طريق شطب حق العودة كما يدفعون باتجاه يهودية الدولة والاقرار بقانون القومية العنصري وما خفيه كان أعظم بإنهاء مفهوم حل الدولتين بحسب تصريحات بعض المسئولين الإسرائيليين.

الأمور تسير بخطي متسارعة وعلى ايقاع المخطط الامريكي المسمى بصفقة القرن ولا زلنا نتجادل ولا زلنا محكومين بأجندة كل منا ولا نعرف أننا نسرق على مدار اللحظة وتطوي صفحاتنا صفحة بعد اخري ...ولا نعرف متي ستكون اليقظة.