حكم الاسلام من زواج المحلل

thumbgen.jpg
حجم الخط

اطلعنا على كتاب النيابة المتضمن أنه أثناء إجراء التحقيق في إحدى القضايا وجد أن زوجًا طلق زوجته ثلاث طلقات، نص في الإشهاد الأخير أن زوجته لا تحل له من بعد حتى تنكح زوجًا غيره، وبعد فترة تم عقد زواج هذه المطلقة على آخر، وبعد يومين تحرر إشهاد بطلاقها، وقد قررت الزوجة أن هذا الزواج الأخير كان زواجًا صوريًّا كمحلل، ثم تزوجت بزوجها السابق، وطلقت منه وتزوجته مرة أخرى، والمطلوب به الإفادة برأي الدين والشريعة في موقف زواج هذه المطلقة بزوجها السابق بعد عقد زواجها الذي وصفته بالصورية كمحلل، والآثار المترتبة عليه.

 

الجواب : فضيلة الدكتور محمد سيد طنطاوي

 

المقرر شرعًا أن البائنة بينونة كبرى وهي التي طلقها زوجها ثلاث طلقات لا تحل لمطلقها حتى تنكح زوجًا غيره نكاحًا صحيحًا شرعًا قصد به الدوام، والإشهاد، ويدخل بها هذا الزوج الثاني دخولًا حقيقيًّا بأن يعاشرها معاشرة الأزواج، ثم يطلقها أو يموت عنها وتنقضي عدتها منه شرعًا، وحينئذٍ يحل لمطلقها الأول أن يعيدها إلى عصمته بعقد ومهر جديدين بإذنها ورضاها، هذا هو ما يتفق مع روح الشريعة ومع ما قصد إليه الشارع الحكيم من عدم حل مراجعة الزوج لزوجته بعد أن استنفد الطلقات الثلاث، أما الزواج بقصد التحليل فهو زواج غير صحيح شرعًا، لا يترتب عليه أي أثر من آثار عقد الزواج الصحيح؛ للحديث الصحيح المروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَعَنَ اللهُ الْمُحَلِّلَ، وَالْمُحَلَّلَ لَهُ» رواه الحاكم في "المستدرك" والترمذي والإمام أحمد في "مسنده" والنسائي في "سننه"، وعن ابن عباس قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن المحلل فقال: «لَا نِكَاحَ إِلَّا نِكَاحَ رَغْبَةٍ، لَا نِكَاحَ دَلْسَةٍ، وَلَا مستهزئٍ بِكِتَابِ اللهِ لَمْ يَذُقِ الْعُسَيْلَةَ» رواه الطبراني في "المعجم الكبير"، وقد نُقِلَ مثل ذلك عن الصحابة، من ذلك ما روي عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ تَحْلِيلِ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا فَقَالَ: "ذَاكَ السِّفَاحُ" رواه البيهقي.

 

وطبقًا لما تقدم: يكون زواج هذه المطلقة -موضوع الاستفتاء- من آخر كمحلل زواجًا غير صحيح شرعًا لا يحلها لزوجها الأول، وبالتالي يكون زواجها من زوجها الأول باطلًا كذلك، لا يترتب عليه أي أثر من آثار عقد الزواج الصحيح، ويجب على الزوجين أن يفترقا فورًا طواعية واختيارًا وإلا وجب على من يهمه الأمر أن يرفع أمرهما إلى القضاء ليفرق بينهما جبرًا.

 

والله سبحانه وتعالى أعلم.