«قانون القومية» والاتحاد الأوروبي: لماذا خيبة الأمل؟!

هاني حبيب.jpg
حجم الخط

لم تستجب السيدة فيديركا موغيريني للضغوط التي مارستها حكومة نتنياهو لكي تلغي الاجتماع المقرر في بروكسل مع وفد "القائمة المشتركة" الذي سيعرض أمامها، بوصفها وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، خطورة تداعيات "قانون القومية" الذي أقرّه البرلمان "الكنيست" الإسرائيلي مؤخراً، حتى أنها، أيضاً، لم تستجب لدعوات إسرائيلية، في حال الاجتماع بالوفد الفلسطيني، أن تنتدب ممثلاً أقل مستوى بدلاً منها للقاء والاجتماع بالوفد. كان رد موغيريني، انها اجتمعت قبل ذلك، مع عدة أحزاب إسرائيلية ممثلة في الكنيست، وأن الاجتماع مع القائمة المشتركة، يأتي في نفس السياق.
لا بدّ أن السيدة موغيريني، وهي تعقد اجتماعها مع "وفد المشتركة" كانت قد تذكّرت ردود الفعل الإسرائيلية الغاضبة، إثر اللقاء الذي عقده معها رئيس الحكومة الإسرائيلية في الأسبوع الأول من آب في بروكسل، عندما أكد الاتحاد الأوروبي، عبر هذا الاجتماع موقفه إزاء الاستيطان ورفضه لقرارات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بشأن القدس والأونروا، إثر هذا الاجتماع صدرت تصريحات غاضبة من قبل نتنياهو وأعضاء طاقمه الحكومي، مثل: الاتحاد الأوروبي يقف إلى الجانب الخطأ من التاريخ، أو تصريح نتنياهو بأن إسرائيل تساعد أوروبا، لكنها لا تقابلها بالمثل، وعلقت الصحف الإسرائيلية على يوم اجتماع نتنياهو مع موغيريني "باليوم البارد". رد فعل نتنياهو السريع كان بإلغاء اجتماع مقرر مع رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، بحجة أن عليه العودة إلى إسرائيل للمشاركة في التصويت على مشروع قانون حول فتح المتاجر الصغيرة أبوابها أيام السبت!
كل ذلك، كان يدور ـ كما نعتقد ـ في ذهن السيدة موغيريني، أثناء اجتماعها مع "المشتركة"، صحيح أنها قابلت الوفد واجتمعت به، لكنها بالمقابل، عكست موقفاً مستغرباً. لدى صدور بيان عنها في نهاية الاجتماع، اعتبرت فيه أن "قانون القومية" شأن إسرائيلي داخلي، متبنية بذلك، الموقف الإسرائيلي الذي يعتبر أن إسرائيل تعرف نفسها كيفما تشاء ولا تدخل لأحد في شأن هذا التعريف، من ناحية، وكأن الاتحاد الأوروبي، يوافق على حق الدولة العبرية في سن القوانين، حتى لو كانت عنصرية استعمارية باعتبار ذلك شأناً داخلياً محضاً من ناحية ثانية.
وربما غاب عن السيدة موغيريني، قراءة متفحّصة لقانون القومية، ليس باعتباره قانوناً عنصرياً بامتياز تجاه المواطنين العرب فحسب، بل بحق مواطنين أوروبيين إذا كانوا يهوداً، فالبند السادس من قانون القومية، يشير إلى أن إسرائيل ستهتم بالمحافظة على سلامة أبناء الشعب اليهودي، وتحافظ على علاقة معهم وتحافظ على ميراثهم التاريخي والديني اليهودي، هذا البند يعتبر أن يهود العالم، حتى لو كانوا مواطنين ورعايا لدولة أخرى، هم رعايا لدولة إسرائيل، وتتدخل في شؤون الدول الأخرى، في اطار هذا الاعتبار لحمايتهم والسهر على مصالحهم، وكأنهم إسرائيليون، حتى لو كانوا من جنسيات أخرى.
من هنا نعتقد أن الرد الأوروبي على قانون القومية، محاولة من قبل وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي للمصالحة مع حكومة نتنياهو إثر غضبها من الاجتماع الأخير بينهما أوائل الشهر الماضي، إنه يوم بارد للفلسطينيين، كما كان الأمر عليه في اليوم البارد لإسرائيل.
ولا يفوتنا في هذا السياق، الإشارة إلى أن وفد المشتركة لم يقصر في شرح أبعاد وتداعيات وخطورة هذا القانون، لكن هناك متغيرات واضحة في البيئة السياسية والحزبية طالت معظم أوروبا مع تزايد نفوذ اليمين والحركات والأحزاب الشعبوية، الأمر الذي يترك آثاره على السياسات التي ينتهجها الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك على الملف الفلسطيني ـ الإسرائيلي، قد لا تكون هذه العوامل واضحة تماماً، لكنها دون شك ستكون في "وعي" من يرسم السياسات في الاتحاد الأوروبي.
وهناك خشية يجب التحسب لها، من أن هذه المؤشرات والمتغيرات على الساحة الحزبية والتشريعية في دول الاتحاد الأوروبي، ستترك آثارها على نسبة التصويت في المنتديات الدولية، خاصة الجمعية العامة للأمم المتحدة، فيما يتعلق بالملف الفلسطيني/ الإسرائيلي. يجب دراسة هذه التحولات بكل دقة ورسم السياسات اللازمة على الصعيد الدبلوماسي من أجل مواجهة كافة الاحتمالات والسيناريوهات!