قصة التاريخ بالتقويم الهجري

images.jpg
حجم الخط

يحتفل المسلمون بذكرى رأس السنة الهجرية، ويقصد بها هجرة النبى محمد وأصحابه من مكة إلى يثرب والتى سُميت بعد ذلك بالمدينة المنورة؛ بسبب ما كانوا يلاقونه من إيذاء من زعماء قريش، خاصة بعد وفاة عمه أبى طالب وكانت فى عام 1هـ، الموافق لـ 622م، وتم اتخاذ الهجرة النبوية بداية للتقويم الهجرى، بأمر من الخليفة عمر بن الخطاب بعد استشارته بقية الصحابة فى زمن خلافته، واستمرت هجرة من يدخل فى الإسلام إلى المدينة المنورة، حيث كانت الهجرة إلى المدينة واجبة على المسلمين، ونزلت الكثير من الآيات تحث المسلمين على الهجرة، حتى فتح مكة عام 8 هـ.

 

كان النبى محمد قد أمر بالتأريخ بعد قدومه إلى يثرب، وقد حدث هذا التأريخ منذ العام الأول للهجرة، كان النبى يُرسل الكتب إلى الملوك والأمراء ورؤساء القبائل المختلفة بتاريخ الهجرة، وفى سنة 17 هـ اعتمد الخليفة عمر بن الخطاب التأريخ بداية من غرة شهر محرم من العام الأول للهجرة النبوية، ومما ذُكر فى سبب اعتماد عمر للتاريخ أن أبا موسى كتب إلى عمر أنه يأتينا منك كتب ليس لها تاريخ، فجمع عمر الناس، فقال بعضهم: "أرخ بالمبعث"، وبعضهم: "أرخ بالهجرة"، فقال عمر: "الهجرة فرقت بين الحق والباطل"، فأرخوا بها، فلما اتفقوا قال بعضهم: "ابدأوا برمضان"، فقال عمر: "بل بالمحرم فإنه منصرف الناس من حجهم"، فاتفقوا عليه.

 

وفى رواية أخرى أن أحدهم رفع صكًا لعمر محله شهر شعبان، فقال: "أى شعبان، الماضى أو الذى نحن فيه، أو الآتى؟ ضعوا للناس شيئًا يعرفون فيه حلول ديونهم"، فيُقال إنه أراد بعضهم أن يؤرخوا كما تؤرخ الفرس بملوكهم، كلما هلك ملك أرخوا من تاريخ ولاية الذى بعده، فكرهوا ذلك، ومنهم من قال: "أرخوا بتاريخ الروم من زمان الإسكندر"، فكرهوا ذلك، وقال قائلون: "أرخوا من مولد رسول الله"، وقال آخرون: "من مبعثه عليه السلام"، وأشار على بن أبى طالب وآخرون أن يؤرخ من هجرته من مكة إلى المدينة لظهوره لكل أحد فإنه أظهر من المولد والمبعث. فاستحسن ذلك عمر والصحابة، فأمر عمر أن يؤرخ من هجرة الرسول وأرخوا من أول تلك السنة من محرمها.

 

يتكون التقويم الهجرى من 12 شهرا قمريا أى أن السنة الهجرية تساوى 354 يوما تقريبا، بالتحديد 354.367056 يوما، والشهر فى التقويم الهجرى إما أن يكون 29 أو 30 يوما (لأن دورة القمر الظاهرية تساوى 29.530588 يوم). وبما أن هناك فارق 11.2 يوم تقريبًا بين التقويم الميلادى الشائع والتقويم الهجرى، فإن التقويمين لا يتزامنان مما يجعل التحويل بين التقويمين أكثر صعوبة.

 

واعتمد المسلمون التقويم العربى ليكون تقويم الدولة الإسلامية، ونظرا لاعتماده الهجرة النبوية الشريفة بداية له فقد سمى بالتقويم الهجرى، وقد اعتمد بعد سنتين ونصف السنة من خلافة عمر بن الخطاب رضى الله عنه، فى ربيع الأول من عام 16 للهجرة، وكان يوم 1 المحرم من عام 17 للهجرة بداية أول سنة هجرية بعد اعتماد التقويم الهجرى.

 

فهجرة النبى صلى الله عليه وآله إلى المدينة المنورة لم تكن فى بداية شهر محرم الحرام، بل كانت بعد شهرين، أى فى بداية شهر ربيع الأوّل وبالتحديد 22 ربيع الأول، (24 سبتمبر عام 622م).