ما زالت الخرائط الجوية الصادرة من عدة نماذج عددية تفتح البابَ على مصراعيه نحو قدومِ مزيدٍ من الموجات الحارة الآسيوية/الهندية صوب المنطقة، فآخر التحديثات الجوية منذ يومين تشير الى احتمالية قدوم موجة حارة أكثر حرارة من الحالية، وخصوصاً في النصف الثاني من الثلث الأول من شهر آب / أغسطس القادم، حيث تشير المؤشرات الأولية الى احتمالية غير مستبعدة لتجاوز درجات الحرارة حاجز 40 سْ أو أكثر في المناطق الجبلية في تلك الفترة إن ثبتت التوقعات.
وقبل ذلك، لا يبدو أن هناك اعتدالاً مرتقباً في الأجواء، فدرجات الحرارة في الأيام القادمة لن تكون أقل من درجات الحرارة المسجلة أمس، بل على العكس، حيث سترتفع درجات الحرارة بشكل إضافي نهاية الأسبوع الجاري لتتجاوز درجات الحرارة منتصف الثلاثينيات في الجبال العالية كما ذكرنا في توقعات سابقة، مع فرصة لاضطراب محدود في الطبقات الجوية نتيجة اقتراب "حوض علوي ضحل " منحدر من عروض عليا باتجاه الحوض الشرقي للمتوسط، وذلك بالتزامن مع تواجد المنخفض الهندي الآسيوي الحراري في المنطقة، ولكن مع فرصة ضعيفة للغاية لهطول الأمطار الرعدية وذلك نتيجة لعدم توافر الظروف المناسبة لذلك.
العراق وشرق بلاد الشام الأكثر تعرضاً للموجة الملتهبة .. وفلسطين الأقل تضرراً حالياً.
يتمركز منخفض حراري سطحي عميق جداً في هذه الأثناء فوق الكويت وجنوب العراق وجنوب غرب ايران، وسيبقى كذلك في الساعات القادمة ليصل الى أقل من 994 مليبار، وهي قيمة متدنية للغاية، وسيبقى مركز المنخفض يراوح مكانه في تلك المنطقة، مع تأثير مستمر ومتتابع للكتلة الهوائية الحارة صوب المنطقة، حيث تكون مناطق غرب ايران والعراق والسعودية وشرق الأردن وشرق سوريا الأكثر عرضة للموجة الملتهبة، وليس أبرز من مثال ما سجلته أمس المناطق الكويتية والعراقية من درجات حرارة فاقت الـ 50 سْ فيها، حيث حصدَ البلدان قائمة أول 25 مركز (محطة رصد) في العالم من حيث أعلى درجة حرارة أمس!
وتأتي منطقة غرب الأردن التي تضم معظم المدن الأردنية الرئيسية في المرتبة الثانية من حيث التأثير ، ومن ثم تأتي المدن الفلسطينية في مرتبة ثالثة من حيث التأثير المباشر لقربها الكبير من البحر المتوسط ، حيث تكون الأجواء أكثر سوءاً كلما ابتعدنا نحو الشرق الأكثر .
جدير بالذكر أن الصيف الحالي شهد اعتدالاً واضحاً في الأجواء حتى وقت قريب، حيث تأثرت المنطقة في معظم فترات الأشهر القليلة الماضية بكتل هوائية معتدلة بشكل متعاقب وحتى ما قبل نهاية شهر رمضان المنقضي، حيث بدأت الأجواء الحارة بالتأثير الواضح في أرجاء بلاد الشام وجوارها في نهايات رمضان ومطلع شوّال الحالي .
آب اللهاب قد ينفث لهيبه في الثلث الأول منه ..وفرصة لزخات رعدية محدودة ! يعتقد الكثيرون أن الأجواء الحالية هي الأكثر سوءاً، ولكن الخرائط الجوية تُفصح عن إجابة صادمة للكثيرين ، حيث إن القادم هو الأسوأ من ناحية الأجواء الحارة والملتهبة، فكما يبدو أن آب اللهاب سيكمل هذه المسيرة التي بدأت مؤخراً ولكن بوتيرة أكثر سخونة، فإذا ما ثبتت المؤشرات الحالية خصوصاً لفترة النصف الثاني من الثلث الأول منه، فإن الأجواء ستكون أكثر حرارة من الحالية بشكل واضح، وستكون الأجواء شبيهة نسبياً بما حصل عام 2010، عندما نفث الصيف حِمَمَه الساخنة لفترات طويلة ، ووصلت درجات الحرارة الى أرقام قياسية تجاوزت 43 سْ في القدس الشريف .
وتتشابه الظروف الجوية للفترة المذكورة مع ظروف عام 2010 من حيث التقدم الكبير والحاد للمنخفض الحراري الآسيوي/الهندي ، بالتزامن مع سيطرة مرتفع جوي قوي فوق المنطقة، الأمر الذي يؤدي الى سيطرة الأجواء الحارة الى الحارة جداً بشكل قوي ومستمر، كما تتشابه في الظروف المناخية التي ستسود في الحجاز أيضاً .
وتستمر التوقعات على نحو غير اعتيادي من ناحية الأنماط الجوية المتوقعة، حيث تظهر الخرائط الجوية فرصة لتشكل حالة من عدم الاستقرار الجوي مطلع آب أغسطس القادم وذلك نتيجة لانحدار منخفض علوي يعتبر بارداً مقارنة بهذا الوقت بالتزامن مع المنخفض السطحي الحراري المتواجد في المنطقة، ما يؤدي الى عدم استقرارية في الطبقات الجوية وهطول زخات رعدية في بعض المناطق وليس جميعها، ورغم ذلك تكون الأجواء شديدة الحرارة .
ومن المؤكد أن مناطق الخليج والعراق وشرق بلاد الشام ستكون المتأثر الأكبر بالموجة الهندية الحارة، والتي لن تكون حارة فحسب هناك، بل حارة جداً وقاسية وخطرة على الإنسان والحيوان والنبات، حيث من المرجح أن تتجاوز درجة الحرارة حاجز الـ 50 سْ وربما أكثر في كثير من مناطقها نتيجة لتقدم محور المنخفض الحراري صوب هذه المنطقة بشكل مباشر وكبير وبسبب بعدها عن التأثيرات البحرية الصادّة أيضاً.
أما في فلسطين فالتحذيرات الأساسية تكمن في ضرورة عدم التعرض المباشر لأشعة الشمس فترات الظهيرة، وينصح بتناول كميات كافية من المياه والسوائل لتعويض الجفاف، ويحذر من خطر انتشار الحرائق في الحقول والبساتين والمناطق الحرجية، بالإضافة إلى حظر العمل الخارجي في مناطق أريحا والأغوار في ساعات النهار حيث ستتعرض هذه المناطق لأجواء حارقة !