زادت حالة من التذمر في رام الله في الأسابيع الأخيرة التوقعات بحدوث تغييرات على الساحة السياسية الفلسطينية في ظل مواجهة الرئيس محمود عباس- الذي يبلغ عمره 80 عاما ويشغل هذا المنصب منذ اكثر من عشر سنوات- تحديا متزايدا لقيادته.
وتسري تكهنات بأن عباس الذي انتخب لولاية مدتها أربع سنوات عام 2005 ولم يضطر لخوض انتخابات منذ ذلك الحين على وشك أن يترك منصبه. لكنه أثبت عدم صحة هذه التوقعات فيما سبق وقد يفعل هذا مجددا.
ويشير انتشار الشائعات وتبدل التحالفات في الشهرين الأخيرين الى أن هناك تغييرا يجري أو على الأقل أن التحريض ضد رئاسته في تزايد.
وفي وقت سابق من هذا الشهر أقال عباس أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه الذي يعد واحدا من أقرب مساعديه في خطوة مفاجئة. وينتقد عبد ربه قرارات الرئيس الفلسطيني منذ فترة.
وعين عباس بدلا منه صائب عريقات مستشاره المقرب والذي كان كبير المفاوضين الفلسطينيين مع الإسرائيليين في العقدين الأخيرين. وأصبح عريقات قائما بأعمال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.
وفي تطور منفصل لكن له صلة بما يحدث قضت محكمة استئناف فلسطينية باستمرار تمتع محمد دحلان المسؤول السابق بحركة فتح الذي أصبح الآن خصما لعباس بالحصانة البرلمانية في دعوى أقامتها ضده هيئة لمكافحة الفساد أنشأها الرئيس.
ويزيد هذا من احتمالات أن يعود دحلان الذي تم فصله من الحركة عام 2011 ويعيش حاليا بالخليج الى رام الله لدحض الاتهامات في خطوة ستعزز مسوغاته بوصفه المنافس الرئيسي لعباس.
وذكرت القناة الأولى بالتلفزيون الإسرائيلي يوم الأحد أن عباس أبلغ مساعدين مقربين بأنه سيتنحى خلال شهرين أي قبل مؤتمر لحركة فتح من المقرر عقده في 29 نوفمبر تشرين الثاني.
وسارع مسؤولون فلسطينيون الى نفي التقرير وقال المتحدث باسم عباس لرويترز "هذه الشائعات جزء من السياسة الإسرائيلية" وتهدف الى زعزعة استقرار الشؤون الفلسطينية.
ولم يتضح المصدر الذي نقلت عنه القناة الأولى هذه المعلومات لكن مسؤولا فلسطينيا أكد لرويترز أن وزير الداخلية الإسرائيلي سيلفان شالوم المسؤول عن الملف الفلسطيني أجرى محادثات لم يعلن عنها مع عريقات في الأردن يوم الجمعة.
مؤتمر نوفمبر تشرين الثاني
نتيجة لهذا فإن المكونات المختلفة على الساحة السياسية الفلسطينية تتحرك كلها في نفس الوقت وهو ما يذكي الانطباع بأن هناك تغييرا وشيكا.
وقال ماتيا تولدو محلل شؤون الشرق الأوسط بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية في لندن "يجري الإعداد لهذا منذ فترة" في إشارة الى إقالة عبد ربه.
وأضاف "إنه جزء من الصراع على خلافة عباس وهو ايضا من تبعات الارتياب المتصل بدحلان."
ومن الناحية العملية فإن دحلان (53 عاما) جزء مهم من مكونات المشهد الفلسطيني حتى ولو ظلت تفصله مسافة عن الأنشطة السياسية اليومية على الأقل في الوقت الراهن.
وكان دحلان وزيرا للأمن الداخلي وأحد الشخصيات ذات النفوذ في غزة التي ولد فيها. وهو يقيم حاليا في الإمارات لكنه يحمل الجنسية الصربية.
ونجح في الحصول على دعم من الإمارات وقطر وهو تمويل استغله لمساعدة فلسطينيين في غزة والضفة الغربية وإن كان منتقدون يقولون إن الأموال ساعدت أيضا في تمويل المعارضة السياسية لعباس.
وذكرت وسائل إعلام فلسطينية أن من أسباب إقالة عبد ربه صلاته بدحلان وينطبق هذا ايضا على الخطوات القانونية التي اتخذت ضد رئيس الوزراء الفلسطيني السابق سلام فياض أحد خصوم عباس.
وسيتضح ما اذا كان هذا الزلزال سيؤدي الى ثوران بركان عندما يقترب مؤتمر حركة فتح. وتكرر تحديد مواعيد لمؤتمرات من هذا النوع فيما سبق لتؤجل بعد ذلك.
لكن اذا عقد مؤتمر 29 نوفمبر تشرين الثاني فإنه سيحدد بصورة أوضح التحالفات في السياسة الفلسطينية ويعطي مؤشرات على من قد يخلف عباس الذي قال إنه لن يرشح نفسه لولاية رئاسية جديدة في أي وقت تعقد فيه الانتخابات القادمة.
وقال جرانت رملي خبير الشؤون الفلسطينية بمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات ومقرها واشنطن العاصمة "لا أتوقع إجراء انتخابات في أي وقت قريب لكنني أتوقع مكيدة ما في مؤتمر فتح في نوفمبر."
وأضاف "اختيار عريقات ليكون أمين السر القادم لمنظمة التحرير الفلسطينية قد يكون تلميحا بأنه سيعين نائبا للرئيس" مشيرا الى أن نجاح القيادة الفلسطينية يتوقف في نهاية المطاف على قدرتها على التفاوض مع إسرائيل.
لكن مصادر فلسطينية تقول إن عريقات لا يصلح لخلافة عباس معللة ذلك بأنه ليس متعمقا بالدرجة الكافية في شؤون حركة فتح والقضايا الأمنية. وقد يعينه عباس في منصب أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بينما يتصارع آخرون على منصب الرئيس.