سردت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الناطقة بالعبرية، تفاصيل مثيرة حول مفاضات استمرت شهرين بين مفاوضين من حركة حماس وإسرائيليين في القاهرة، أسفرت عن التوصل لصفقة تبادل أسرى تعثرت أكثر من مرة.
وقالت الصحيفة: إن "ثغرة صغيرة ظهرت في الدرب الطويل أدت إلى إبرام الصفقة، وهي عبارة عن رسالة مفاجئة وصلت من حماس إلى الوسيط الإسرائيلي المسؤول عن ملف شاليط "ميدان"، وهو المفاوض الإسرائيلي في عملية تبادل الأسرى مع حركة حماس، بوساطة شخص مستقل غير إسرائيلي".
وأضافت أن "ميدان" سافر للقاء الشخص الغامض والذي "بفضله نشأت صلة مع حماس، حيث قال المسؤول الإسرائيلي: "نشأ وضع ينقل فيه إليه رسالة وأنا أنقل له رسالة بتواتر شبه يومي".
وأوضحت أنّ "تبادل الرسائل قام به ميدان من خلال اثنين من رجاله في شعبة الاستخبارات "أمان" والمخابرات "الشباك"، مضيفاً "على مستوى القيادات كان في سر الأمر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الحرب ايهود باراك والسكرتير العسكري يوحنان لوكر، أصبح بالتدريج محوراً مركزياً إلى جانبهما".
وبحسب الصحيفة فقد تبيّن أن حماس مستعدة لأن تلطف حدة مطالبها، وفي حزيران الماضي بات واضحاً لميدان بأن لديه قناة حوار مصداقة، مستقرة ومكثفة مع حماس فقرر تنفيذ قفزة كبيرة إلى الأمام وطلب من رجال الاتصال أن يأتي له من حماس بوثيقة مكتوبة يُعرض فيها صيغة منطقية للصفقة".
وفي نهاية حزيران نقلوا إلى "ميدان" الوثيقة، التي لم تكن سهلة، ولكنها شهدت على استعداد للمرونة وساعد هذا الاستعداد في إطالة الحبل الذي حرره نتنياهو في بداية المسيرة وبعد وقت قصير، تقرر نقل المفاوضات إلى مسار مؤطر وملزم وقررت إسرائيل أنّ هناك حاجة إلى دولة وسيطة.
وتابعت الصحيفة: "هذه المرة فهم ميدان أنه من الأفضل ألا يكون الوسيط غربياً، بل جهة إقليمية ذات نفوذ وهكذا، في تطور مفاجيء على نحو ظاهر عاد المصريون ليكونوا العرابون بدلاً من الألماني الذي ترك المهمة".
رئيس المخابرات يورام كوهين عشية الصفقة، قال: "لقد أبدوا جدية ومسؤولية وتصميماً مثيراً للاعجاب لدفع المفاوضات إلى الأمام".
وكانت تركيا رغم التوتر مع إسرائيل تحاول الدخول على خط التوسط، حيث اقترح رجل سر رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان خدماته للوساطة واضطرت إسرائيل إلى أن ترفض بأدب كون مصر أرادت أن تنشد وحدها في الصفقة.
وفي نهاية تموز الأخير، بعد أن وصلت "الوثيقة محطمة التوازن" التي تلقاها ميدان من حماس، دعا المصريون ممثلي الطرفين وأغلقوا على أنفسهم معهم في فندق محروس ومعزول في زاوية لطيفة تطل على الأهرامات، وبدأوا بالعمل.
وأردفت: "إسرائيل في البداية مثلها دافيد ميدان وحده وحماس بعثت أربعة أشخاص، وعلى رأسهم نزار عوض الله، رجل القيادة من دمشق وعلى مدى شهرين ونصف، دارت ست جولات من المفاوضات وجلست الوفود في غرف منفصلة ولكن متجاورة حيث تناولوا البيتزا، وكانت الجنرالات المصريون يتجولون بين الغرفتين".
وقالت الصحيفة: "رجال حماس والمندوب الإسرائيلي تجادلوا على كل تفصيل، ولكنهم حافظوا على أجواء طيبة ومريحة".
وبيّنت أنه كان واضحاً بأن الطرفين يجتهدان للاقتراب من بعضهما البعض، حتى وإن كانوا علقوا بين الحين والآخر في مأزق"، منوهة إلى "أن الخلفية الاستخبارية لميدان ومعرفته للعالم العربي لعبا دوراً حاسماً"، حيث يؤكد "تبادلنا النكات عبر المصريين، وفي نهاية المطاف، بعد مئات الساعات من المحادثات بدأت حماس تؤمن بأنه يمكن الوصول إلى صفقة معي".
ولفت ميدان، إلى أن الاختراق الكبير في المفاوضات بدأ قبل نحو أسبوع، في جولة المحادثات التي جرت قبل لحظة من يوم الغفران فقد غدا نتنياهو متفائلاً ورئيس المكتب السياسي لحماس ضغط على رجاله للاعتدال وتشكلت الصيغة، ولم يتبقَ الآن غير الاتفاق على الأسماء".
وتابعت الصحيفة: "وصل يوم الأربعاء الماضي إلى مصر رئيس المخابرات يورام كوهين لإجمال التفاصيل الأخيرة وعاد من هناك بسرعة، ويوم الغفران تلقى التقدم ترحيب المجلس الوزاري الثماني وبعد ذلك عاد كوهين إلى مصر وفي حقيبته قائمة السجناء التي تبدي إسرائيل استعدادها لتحريرهم.
وقال كوهين: "كان لدينا يومان ونصف مضغوطين ومتوترين من المفاوضات، حيث كنا في مبنى وممثلو حماس في مبنى آخر".
وأكملت الصحيفة، أنه في "صباح يوم الثلاثاء وقع الاتفاق والذي لا يصدق أصبح يصدق"، حيث يقول كوهين "صحيح، هذه صفقة عسيرة الهضم للغاية إلا أنها الأفضل التي يمكن أن نحصل عليها، ففي غزة يوجد عشرين ألف مقاتل من كتائب عز الدين القسام، ومع مائتين جدد آخرين لن يسقط العالم علينا".
وفي مساء الثلاثاء، بعد وقت قصير من بدء النشرات الإخبارية، انتقلت الكرة إلى ملعب الحكومة الإسرائيلية وعرف نتنياهو بأنه ستكون له أغلبية، ولكنه عمل بكد في الساعات ما قبل التصويت، وقد تحدث تقريباً مع كل الوزراء وطلب أن يقفوا إلى جانبه".
ولكن حتى هو لم يؤمن بأن التأييد سيكون جارفاً بهذا القدر: 26 مع مقابل 3 ضد، وشرح أحد الوزراء بأنه خاف من سقوط الصفقة أساس بسبب الرأي العام، "التصويت ضد كان سيورطنا مع 90 في المائة من الشعب"، والوزير موشيه يعلون قال "القلب يقول نعم ولكن الرأس يقول لا. الصفقة ستؤدي إلى انتفاضة ثالثة".