عن «غوش قطيف»، دائرة الاستيطان، وبولارد !

ناحوم برنياع
حجم الخط

خبر-بقلم: ناحوم برنياع
29 تموز 2015



التزييف 1. مع مرور عشر سنوات على فك الارتباط عن قطاع غزة، عاد مرة اخرى الى رأس جدول الاعمال ألم المخلين. ودرءاً لكل خطأ: الالم حقيقي. فعندما يفقد الناس مكان سكنهم، حياتهم الاجتماعية بل احيانا مكان عملهم بسبب قرار يتخذ في مكان ما فوق، خلافا لارادتهم، تتفطر قلوبهم. الانتقال باعث على الصدمة؛ وإعادة التأهيل تنطوي على الآلام.

يستحقون التعاطف – بحر من التعاطف. ولكن مع كل الاحترام لالمهم، فانه لا يؤهل تزييف الحقائق. ديماغوجيا سياسية، ضحالة اعلامية. يمكن الجدال اذا كان صحيحا ان يبقى الجيش الاسرائيلي في الجيوب التي كان فيها أم لا، اذا كان ينبغي للانسحاب ان يكون جزئيا ام مطلقا، ولكن ما كان يمكن الاحتفاظ على المدى البعيد، فما بالك بوجود حفنة مستوطنات فيلل، اقل من 8 الاف نسمة، في قلب سكان مكتظين، فقراء، معادين. في هذا الشأن شارون محق.

الحكومة والكنيست حاولتا التعلم من دروس الاخلاء السابق، لفك الارتباط عن سيناء. وكان التعويض يجب أن يكون سخيا، بسيطا، قابلا للتنفيذ؛ واعادة التأهيل أن تكون سريعة. فشلت التجربة. المسؤولون الاولون عن الفشل كانوا سياسيي اليمين، أسياد المخلين. فقد آمنوا بأنهم ملزمون بتخليد اللجوء ورفع الثمن المالي له. وهكذا يحبطون مسبقا إخلاء المستوطنات في الضفة.
الثمن الأولي للتعويضات كان 2.5 مليار شيكل. وعندما وصلت الرزمة الى الكنيست، ازدادت الى 4.4 مليار. دولة اسرائيل أنفقت حتى اليوم بين 10 الى 12 مليار شيكل، ولا تزال اليد ممدودة.

خلافا للنية الاولية، اقيمت مستوطنات زائدة، بنفقات عليا. كل مخلى، حتى الرضيع في مهده، وكذا مستأجر الشقة التي نزل فيها حديثا، كلف بالمتوسط مليونا الى مليون ونصف شيكل. "المفدال"، اليوم "البيت اليهودي"، حرص على ان يمنع المرة تلو الاخرى اغلاق المديرية. المخلون سيكونون لاجئين الى الابد، مثل لاجئي فلسطين. الاخلاء كان طردا، انتقال السكن صار نكبة، والتاريخ أوبيرا صابون. على هذا التزييف للضحية سنربي الاجيال التالية.

التزييف 2. دائرة الاستيطان ولدت كبنك سري لتمويل المستوطنات في الضفة. المال جاء من الحكومة، ولكن العمل تم تحت كنف الهستدروت الصهيونية، بلا رقابة، بلا شفافية. بعض المال افرز للبلدات في المحيط. وكانت هذه مناورة ذكية، إذ هكذا ضمن لوبي المستوطنين الدعم، او على الاقل غض النظر، للوبي الاستيطاني بأكمله.

عدد من التحقيقات – بعضها صدر بتوقيعي – كشفت النقاب عن حجوم الفضيحة. ضمن امور اخرى، مولت الدائرة للوزير اوري ارئيل انويته التوراتية، بينها نواة تعمل في حي فاخر في تل أبيب. في اثناء ولاية حكومة نتنياهو السابقة اتخذت خطوات لاصلاح الوضع. اما حكومة نتنياهو الحالية فتعتزم تأطير مكانة الدائرة في القانون.

لقد طرحت المسألة على البحث في كتلة العمل. النائبة ستاف شابير، التي قاتلت ضد الدائرة في الماضي، حاولت ان تجند الى كفاحها الكتلة كلها. وعلى الفور قام ضدها ايتان بروشي من الكيبوتسات وداني عطر من الموشافات. وقام آخرون. فلكي يواصلوا تلقي الصدقات التي توزعها الدائرة على بلداتهم فانهم مستعدون ليؤهلوا كل الفساد. لماذا تصفى الدائرة، سألت عضو بارزة في الكتلة. لنسيطر عليها، والمال يكون لنا.
لحزب العمل مشاكل في الهوية. 85 سنة مرت منذ تأسسه، وهو لا يزال يتمزق بين رغبته في خدمة الدولة واحتياجات الهيئات الاقتصادية المرتبطة به. 
ذات مرة كانت هذه صندوق المرضى والهستدروت؛ اما اليوم فالكيبوتسات والموشافات. ذات مرة كان هذا مالاً كبيراً؛ أما اليوم فبالكاد فتات.
التزييف 3. في تشرين الثاني ستمر 30 سنة على حبس جونتان بولارد. من كل ناحية انسانية حان الوقت لتحريره. ينبغي الامل الا يقوم في جهاز الاستخبارات الاميركية محفل يحاول عرقلة تحريره. سيكون هذا شريرا وزائدا.
بولارد لم يكن جاسوسا اسرائيليا: كان خائنا اميركيا. فقد خان بلاده لمبررات مختلفة، ليست جميعها طاهرة، وعرض خدماته على عدة دول، ليس فقط اسرائيل. على الرغم من ذلك لا يمكن للاسرائيليين ان يتعاطوا مع مصيره بعدم اكتراث. فقد عمل بتكليف من حكومة اسرائيل ودفع لقاء ذلك ثمنا باهظا. دفع ثمنا آخر بسبب السلوك الكاذب للحكومة بعد أن قبض عليه.
بولارد ليس بطل اسرائيل. هذا تزييف يعود مصدره الى المصالح السياسية. ليست الدوافع اللاسامية هي التي أدت الى ادانته وطول مدة حبسه، بل افعاله. ليس لموعد تحريره أي صلة بالاتفاق مع ايران. وليس صدفة ان طرحت هذا الزعم محافل ترغب في احراج الادارة: في السجون في ايران يوجد اميركيون. فكيف يحصل، كما تسأل هذه المحافل، ان يحرر اوباما بولارد، ولكن ينسى ان يطلب من الايرانيين ان يحرروا في اطار الصفقة مواطني بلاده؟

عن "يديعوت"