في أرضة البالغة خمسة دونمات التي اعتاد زراعتها بالخضروات، تعرض المزارع سالم شملخ لنكسة أدت إلى تدمير محصوله الزراعي جراء استخدامه للأسمدة الكيماوية والتي اكتشف لاحقا أنها أسمدة فاسدة تحتوي علي كميات كبيرة من ملح كلوريد الصوديوم " ملح الطعام " والتي تؤدي إلى إلحاق أضرار كبيرة بالأرض والمحاصيل الزراعية .
شملخ وبعد دمار محصوله من الخس والكرنب رفع شكوه بوزارة الزراعة فلم يتلقي أي رد فاجري على نفقته الخاصة لإجراء فحوصات على الأسمدة الكيمائية في مختبر وزارة الزراعة والتي اثبت التحاليل أنها عبارة عن أملاح كلوريد الصوديوم بنسبة كبيرة تزيد عن 91%.
ويقول المزارع بان مزروعاته من الأشجار والخضروات بتراجع ومنها ما اتلف بشكل نهائي وقد طالب بتعويضه ولكن دون مغيث!
وتبلغ كمية الأسمدة الكيماوية المستخدمة 3327 طن بناء على إحصائية الإدارة العامة للتخطيط والسياسات في وزارة الزراعة لعام 2014 .
ويؤكد البائع الذي كان يتعامل معه المزارع شملخ بأن غش أو فساد الأسمدة الكيماوية المخصصة للزراعة تكرر قبل عامين وتبين إن ما لديه من أسمدة مغشوشة وكانت تبلغ كميتها 35 طنا ولكن رفض البائع إظهار اسمه وكذلك اسم المستورد .
ويشير بائع أخر بأنه تم اكتشاف وجود غش في 85 طنا من الأسمدة لديه ولكن وزارة الزراعة لم تقم بمصادرة تلك الأسمدة واكتفت فقط بتوقيع غرامات مالية، مشيراً إلى إن وزارة الزراعة تقوم فقط بمصادرة الأسمدة في المحل التجاري التي يتم رفع الشكوى ضده ولا يتم الحجز على الأسمدة المتواجدة بالمخازن .
وتعرض المزارع فوزي عرفات الذي يملك ثماني دونمات في جنوب مدينة غزة ويزرعها بالخضروات لفقدان كامل محصوله الزراعي جراء استخدام أسمدة كيماوية فاسدة أو مغشوشة، ولم يستطيع إن يحرك ساكنا وتوجه لوزارة الزراعة التي كان ردها جاهزا من الوكيل المساعد للوزارة م. صالح بخيت " اخلص أنت والتاجر ايش نعملك "..
ويقول شملخ لقد أصبحت وزارة الزراعة محفزة للغش ولا تتخذ أي إجراءات بحق التجار الذين يخلطون الملح بالأسمدة الكيماوية.
وتبلغ مساحة الأراضي الزراعية في قطاع غزة نحو 150 ألف دونم منها 75 ألف دونم مزروعة خضراوات، تنتج سنويا ما يزيد عن 300 ألف طن، ويعمل في قطاع الزراعة 58 ألف مواطن منهم 13260 عاملين في ممتلكاتهم الزراعية والعدد المتبقي 45247 عاملين بالإيجار .
ويقول المهندس الزراعي في مجمع أبو خضرة فضل الجدبة بان الأملاح عبارة عن أداة مدمرة للتربة ولخواصها ومدمر للمحاصيل الزراعية أشجار أو خضروات وان زيادة نسبة الأملاح يخل بالعوامل الفيزيائية والكيمائية للتربة ومما يؤدي إلى عدم صلاحية التربة للزراعة .
وأفاد المهندس كمال الشيخ عيد محاضر بكلية الزارعة والبيئة بجامعة الأزهر بأن ظاهرة الأسمدة الكيماوية كارثة بذاتها لأنها يتم ترسبها في المياه الجوفية فتزداد نسبة النترات في المياه الجوفية ويتم سحب هذه المياه وشربها فكيف لو تم وضع سماد كيماوي فاسد " ملح كلوريد الصوديوم " فان المياه تزداد ملوحة وتصبح غير صالحة للاستخدام البشري.
وأوضح بان هذا السماد يؤثر على التربة بحيث تصبح غير صالحة للزراعة لان مياهنا مالحة من أصلها ويوجد قلة بمنسوب الإمطار مما يؤدي إلى ازدياد نسبة ملوحة التربة ويؤكد بأنه توجد مساحات زراعية أصبحت لا تصلح للزراعة في المناطق المحررة وذلك بسبب زيادة نسبة ملوحة التربة والمياه، ويقول العلاج الوحيد للتقليل من حدة الملوحة هو الغسيل التربة بمياه حلوة وليس بحل جذري .
ويتساءل عيد عن دور الوزارة الزراعة في مثل هذه الكارثة التي تقضي على الإنتاج الزراعي؟ ويدعو لتفعيل دور مديرية الإرشاد والتوجيه في وزارة الزراعة وتفعيل الرقابة الوزارية، مشيرا إلى إن الشعب ألغزي يأكل أسمدة بالأغذية وليس أغذية من إنتاج الأسمدة .
وتبلغ مساحة قطاع غزة 365 كم مربعا، فيما يبلغ عدد سكانه (1.850) مليون نسمة، ويعتبر من أكثر مناطق العالم اكتظاظا بالسكان، ما ساهم في تقلص مساحة الأرض الزراعية وانتشار العمران الذي وصل إلى 40 ٪ من مساحة القطاع حسب وزارة الزراعة بالحكومة بغزة
ويضيف المهندس محمد الحناوي المشرف على مختبر التحاليل المخبرية في الجامعة الإسلامية بأنة من المؤسف غش السماد لأنه كلا المادتين المكونات للملح سامتين عند تحللهم بالتربة يسبب عملية التسسم للتربة وأيضا تحصل حالة زيادة الشحنات الكهربائية بالتربة فيصعق النبات بسبب زيادة الكهرباء بالتربة.
ويؤكد بأنة في حالة وضع السماد الفاسد يتم اختلال في عملية الضغط الاسموزي للنبات فيتم جفاف النبات فيؤدي إلى تراجع مستمر في المحاصيل بدلا من نموها، مشيراً إلى إدخال نحو 345 طن من السماد الفاسد في قطاع غزة .
ويقول وكيل المساعد لوزارة الزراعة المهندس صالح بخيت بأن ما تستطيع الوزارة فعله هو القيام بحملات متقطعة على المحلات في السوق المحلي وجلب الأسمدة بالمحلات ودفع غرامات مالية بقيمة 1000 $ كمخالفة، وهو ما يؤكده المهندس نزار الوحيدي بأن الوزارة ليس دورها حراسة المعابر ويعلل وجود الأسمدة المغشوشة بان القطاع مليء بالممنوعات ولا تستطيع الحكومة ضبطها ولكن سوف تقوم الوزارة على متابعة الأمر ومحاولة ضبط الأمور بأكبر قدر ممكن .