كنت في صانور على سطح القلعة قبل عشر سنوات عندما أنزلونا من هناك بالاقفاص وعيوننا ترى مشهد ابعاد وهدم لا غاية له.
عدت الى هناك، أول من أمس، مع نحو 20 عائلة من أنوية حومش وصانور ونحو مئة شاب.
الغناء والرقص، حتى الثالثة قبل الفجر، في الطابق الثاني من القلعة هزا جبال «السامرة».
بعد بضع ساعات جاء الجيش أيضا، وفي الصباح عرض مندوبوه طلب الاخلاء. تأجل الموعد من 8:00 الى 14:00. صحيح أنه حتى كتابة هذه السطور لا يزال المستوطنون هناك، لكن ينبغي الافتراض بأن يكونوا اخلوا أو سيخلون. ينبغي الافتراض بأنهم سيعودون مرة ثانية وثالثة ورابعة، الى أن تقر اقامة المستوطنة من جديد.
إذ انه ليس هناك، ولن يكون ايضا في أية لحظة، منطق امني استيطاني أو سياسي في إخلاء المستوطنات من شمال «السامرة».
حتى اولئك الذين اعتقدوا أنه يجب اخلاء المستوطنات من قطاع غزة وان على الجيش الاسرائيلي أن ينسحب من القطاع يفهمون اليوم في معظمهم بأن فك الارتباط كان خطأ جسيما، ولكن هم ايضا لم يفهموا في حينه ويجدون صعوبة في أن يبرروا اليوم الوضع الغريب في شمال «السامرة».
لم ينسحب الجيش الإسرائيلي من المنطقة، لم تتغير مكانة المنطقة، فهذه هي مناطق «ج». وحدهم السكان اليهود طردوا وهدمت منازلهم. اما العرب فلم يفيدوا من أية زيادة في الأرض. لم تنشأ أية منفعة سياسية أو امنية لاسرائيل من الابعاد ومن الاقتلاع هناك. تسريبات من خلف الكواليس افادت بأنه في فترة فك الارتباط ضغطت الادارة الأميركية على ارئيل شارون لتنفيذ خطوة، حتى وان كانت رمزية، في «يهودا» و»السامرة» أيضا، كي لا يتخذوا صورة من يسلموا بالاستيطان اليهودي هناك عند اقتلاع غوش قطيف. كما يحتمل أن تكون الخطوة بمثابة سلفة لخطة «الانطواء»، الانسحاب من معظم «يهودا» و»السامرة»، والتي اراد شارون ان يقودها وتحطم خلفه ايهود اولمرت عندما أعلن عنها.
ولكن اذا كانت الخطة الكبرى سقطت فما معنى السلفة؟ كتاب الرئيس بوش لرئيس الوزراء شارون على خلفية فك الارتباط، والذي تباهى به مؤيدو الخطة كانجاز سياسي، أُلغي بجرة قلم من الرئيس أوباما. إذاً، من أجل ماذا؟
إن تاريخ الصهيونية، وبالتأكيد تاريخ الاستيطان اليهودي في «يهودا» و»السامرة» هو تاريخ صراعات ضد سلطات الدولة، الضغط من الميدان الذي يفرض الواقع على أصحاب القرار. هكذا هي الخطوة في صانور. نحن سنعود الى هناك وسنقيم المستوطنات التي لم يكن هناك أي منطق في تخريبها.
هناك ادوات لا يمكن اصلاحها ويجب تحطيمها، فك الارتباط عن شمال «السامرة» كان أداة سياسية كهذه، يجب تحطيمها من أجل الاصلاح.
عن «معاريف»
جيش الاحتلال يطلب إخلاء مناطق جديدة وسط قطاع غزة
05 أكتوبر 2024