عـــن الــتــنــمــيــــة الاقتصادية الاجتماعية

صلاح هنية.jpg
حجم الخط

نظرياً نحن مع تشجيع الاستثمار وتهيئة مناخ الاستثمار ... نحن مع دعم المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر كونها تمس الشباب ... نظريا نحن مع محاربة البطالة وخلق فرص العمل ... نعم مع التخطيط . 
عمليا لا نشجع الاستثمار سواء من حيث تيسير الإجراءات وتعقيدها في محطة معينة، ونصف تعقيد في محطة أخرى، ونخرج لنخطب في العلن أننا مع إيجاد محطة واحدة يتوجه صوبها المستثمر وليس بالضرورة في الوزارة أو الهيئة المركزية بل في المكاتب الفرعية، وفجأة يدوخ المستثمر السبع دوخات وهو يوقع ويناقش هذه المحطة وتلك ويعود للمحطة التي قبلها ليعود الى التي  تليها.
اجرائيا نطلب بفوائد عالية على قروض المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر إضافة لرسوم البنك، ما يفقد المساءلة معناها بالمطلق، رغم ان التبرير المبالغ صغيرة وبسيطة ونحتاج الى ضمانات عالية.
على ارض الواقع لا توجد إجراءات واضحة لمحاربة البطالة طالما اننا لا نسهل إجراءات الاستثمار ولا نيسر الحصول على تمويل المشاريع الصغيرة، ولا نشجع المنتجات الفلسطينية بل نفتح السوق على مصراعيه للمنتجات الإسرائيلية والمستوردة من العالم اجمع. وغابت صناعات تقليدية وأغلقت مصانع لا زالت أبنيتها قائمة هنا وهناك ومنها من هدم لتحويلها الى موقف سيارات عام، ولا نضع عوائق جمركية لمنع دخول منتجات تؤثر سلبيا على منتجاتنا ولو بشكل مؤقت وحماية مؤقتة محدودة لهذا القطاع الصناعي أو ذاك.
"نتلبك" عندما يحضر مستثمر عربي او إقليمي الى السوق ولا نعرف كيف نستقبله ليساهم في حل مشكلة البطالة وتشجيع الاستثمار. فتارة نخرج القوانين غير المهيأة لاستقبال استثمارات كبرى اثبتت حضورها في السوق العربي ونتسلح بها، وتارة نعتبره منافساً لقطاع قائم في البلد ولا نستطيع ان نجعل الإجراءات لا تؤثر على القائم بل تتقاطع معه وتسنده لأن الامر هكذا سار في العالم.
ننظم اكسبوتك 2018 ونحتفل ولا نستطيع ان نخطو خطوة عملية باتجاه ادماج التكنولوجيا في القطاع العام والخاص والأهلي. ونعتبر ان الموقع الالكتروني وصفحة موقع التواصل الاجتماعي هي التكنولوجيا ونقطة، ونراسل عبر البريد الالكتروني غير المختوم باسم مؤسساتنا بل بالعناوين العامة، ونصر ان نظل نعد بالتحول التكنولوجي.
لا زلنا نعتقد ونصر أن القطاع الحكومي هو المشغل الأكبر والاساسي في البلد وبالتالي هذا كاف، ولكننا نكتشف اننا بحاجة لقانون تقاعد عصري يحفز الراغبين، ونذهب صوب التقاعد المبكر طوعا وقسرا لنحل ازمة الكم في هذا القطاع ونضع ضوابط للتوظيف ظاهرها اننا غيرنا ولكن الواقع العملي يوضح اننا لم نطور ادواتنا ولا كوادرنا لمحاربة الأغذية الفاسدة والتهرب الضريبي وتسهيل الإجراءات.
عندما تتحدث مع شركاء استراتيجيين للسوق الفلسطيني في التجارة الخارجية مثل الصين وتركيا وليس على المستوى الرسمي بل على المستوى التجاري الاقتصادي تجدهم يهتمون بالسوق الفلسطيني ويعرفونه ولكننا رسميا وعلى مستوى القطاع الخاص لا نستطيع ان نجلب معرضا للمنتجات الصينية كما يحدث في بقية الدول أو للمنتجات التركية، وبدلا من ذهاب التجار والصناعيين والجمهور الى معارض من هذا النوع من المعارض الى الخارج، لماذا لا يأتون لنا وهم لا يمانعون، وتلك فرص متاحة.
من الواضح أن اجراء رسميا حكوميا يجب ان يصب في اتجاه مواءمة الشعار والعنوان مع الواقع وعدم انفصالهما عن بعضهما البعض، وبات ملحا رسميا عبر سلطة النقد الفلسطينية مراجعة التعليمات للإقراض الصغير والمتناهي الصغر لتيسيرها مع الحفاظ على الضمانات، استقبال الاستثمارات الكبيرة والضخمة العربية والإقليمية وفتح السوق امامها بحيث لا نؤكد الشكوك انها اتية لابتلاع القائم وهذا غير صحيح.
اليوم مطلوب منح مساحة أوسع لحماية حقوق المستهلك الفلسطيني وتوسيع المفهوم وتوسيع مساحة عمل جمعيات حماية المستهلك الفلسطيني، ودعم وتعزيز المنتجات الفلسطينية وعدم منافستها واعاقة نموها.
يجب تنظيم عمليات الاستيراد وخصوصاً الاستيراد الموازي للوكلاء الذي بات متاحاً وممكناً ولكن ليس على حساب الجودة وتشجيع عكس انخفاض الأسعار في بلد المنشأ على أسعار المستهلك خصوصا في الأجهزة الكهربائية والالكترونية وهذا ينعكس جزئيا وليس لدى جميع المستوردين. ومن الضرورة بمكان عدم دفع الوكلاء لخفض جودة منتجاتهم ليتلاءموا مع الاستيراد الموازي لمنتجاتهم.
الأهم والمهم والأساس ان تكون هناك إرادة حكومية لإجراء هذه التغييرات والتطويرات اللازمة ولو توفرت هذه الإرادة فالأمر سيكون ممكنا بالشراكة مع بقية المؤسسات التمثيلية في الوطن، وتترجم هذه الإرادة بقرارات وإجراءات ومراجعة القوانين والتعليمات، وترجمة توصيات المؤتمرات الاقتصادية وخصوصا مؤتمر ماس الاقتصادي الذي لم تترجم أي من قراراته خصوصا ان مسؤولين  لديهم انشغالات متعددة يقودون اللجنة التي تتابع هذه التوصيات، الأمر الذي يطيل امد عملها حسب إمكانية اجندة مواعيدهم وارتباطاتهم لعقد جلسات تلك اللجنة.