بقلم محمود غانم

لا تخدعكم جولات المصالحة

محمود غانم
حجم الخط

محطات كثيرة وجولات كر وفر قام بها وفدا فتح وحماس إلى القاهرة لبحث المصالحة الفلسطينية دون أي جدوى حقيقة، والتي كان آخرها زيارة وفد حركة حماس للقاهرة، لعلها تكون الفرصة والجولة الأخيرة بين طرفي الانقسام لتحقيق المصالحة.

المصادر تقول وتخرج لنا في كل لقاء أن هناك تقاربا ملموسا في نقاط الاتفاق، حيث كشفت مصادر فلسطينية مطلعة اليوم، أنّ المسئولين المصريين نجحوا في حلحلة موقف حركة "حماس" بقضايا متعلقة بالمصالحة، موضحةً أنّ مصر تتفهم مواقف الحركة في عديد من القضايا.

مما لا شك فيه، بعد عودة وفد "حماس" سنرى تصريحات عكس ذلك ومخيبة للآمال وكأن شيئا لم يحدث، كما الجولات السابقة التي يذهب بها وفدا حماس وفتح للقاهرة، لنعود إلى الحلقة الأولى من مسلسل المصالحة.

الشعب الفلسطيني والمواطن في قطاع غزة الذي أنهكه الانقسام وتدني الظروف المعيشة يترقب أن تنتهي هذه الحقبة السوداء من تاريخ شعبنا التي أثقلت كاهله، ولكن في ظل فشل العديد من اللقاءات أصبح اليأس يخيم على المواطن الفلسطيني بأن المصالحة أصبحت حلم بعيد المنال.

صدقوني، لا تخدعكم شعارات وأكذوبة المصالحة واللقاءات التي يلهث لها طرفي الانقسام من حين لآخر، فالطرفان مستفيدان من حالة الانقسام ويتلذذان بمعاناة الشعب الفلسطيني التي عانى الويلات منذ أكثر من 11 عاما.

كم نتمنى وننتظر هذه اللحظة الفارقة من تاريخ الشعب الفلسطيني الذي أصبح جل تفكيره العيش بحياة كريمة وتوفير أدني مقومات الحياة، دون التفكير بالقضايا الأساسية كالقدس والاستيطان واللاجئين.

المواطن الفلسطيني في قطاع غزة أصبح ضحية هذا الانقسام اللعين وتحكم القيادات والساسة به، حيث يلقون فشلهم بعدم تحقيق المصالحة إلى التحكم في رزقهم والتهديد بقطع رواتبهم والتضييق عليهم، بالإضافة إلى حالات الاعتقالات المتبادلة بين الطرفين التي ظهرت وكثرت في الآونة الأخيرة.

في كل اتفاق بين حركتي حماس وفتح نعود من جديد إلى ذات النقطة، فحركة فتح تطالب بتمكين الحكومة كاملا في قطاع غزة، في المقابل ترى حماس أن هذا التمكين يمس سلاح المقاومة في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني.

يا عزيزي، إذا أردت البحث عن الإرادة والعزيمة ستراها في شعب غزة، الذي ما زال أبيا على الانكسار والدمار، ليرسل رسالة مفادها سنبقى واقفين شامخين رغم أمواج البحر العاتية.

الجميع في قطاع غزة الصغير قبل الكبير ينتظر معجزة سياسية لحل أزمات قطاع غزة، ولكن كارثة لو كان هذا من صنع أنفسنا وتعنت ساستنا في الوصول لحل ينهي معاناة أكثر من 2 مليون فلسطيني أنهكه الفقر والجوع.

كثيرةً هي الآمال والطموحات التي تدور في ذهن كل فرد في القطاع بأن يأتي اليوم الذي نعيش فيه بحياة وكرامة أسوة بغيرنا من شعوب العالم أنه حق خالص ليس منة من أحد بأن يمنعه عن شعبنا.

رسالتي إلى حركتي فتح وحماس، أن المصالحة الفلسطينية بحاجة إلى صفاء النوايا والنفوس وليس تبادل التصريحات والاتهامات المتبادلة، ثم الذهاب بعزيمة إلى ذلك الملف الذي طال انتظاره الشعب الفلسطيني.

المطلوب، أن تتوحد الجهود جميعها لطي هذه الصفحة السوداء من تاريخ شعبنا وتحقيق المصالحة الفلسطينية كونها أقصر الطرق وأقربها لعودة الشعب إلى مراده وعدم تفويت الفرصة للاحتلال الإسرائيلي بأن بتلذذ بمعاناتنا وانقسامنا الذي شتت الشعب الفلسطيني ومزقه وأصبح كل شخص يفكر بهمومه ومشكلاته اليومية المتراكمة.

وأخيرا، سيأتي اليوم الذي ينفض فيه شعبنا غبار وآلام الماضي والعودة إلى آصالته وعراقته كما كان في سابق عهده وصولًا إلى طريق الحرية والاستقلال والعودة إلى دياره الذي سلبها الاحتلال الإسرائيلي منه بالقوة؛ كونه السبب الرئيس في الأزمات التي نعيشها الآن.