يا عم يوسف .. أنت تزور اللصوص في المغارة!

التقاط.PNG
حجم الخط

 

لا أخفي انني شعرت بكثير من الألم إزاء الخطوة المرتقبة للمفكر المصري يوسف زيدان زيارة اسرائيل، ألم من نوع آخر، غير كل ألم معهود يعايشه الانسان إزاء مصائب الزمان التي يواجهها في الفقد والخسارة والانهزام.

فالرجل الذي لا اعرفه ولم ألقيه مرة واحدة، أعرفه عز المعرفه، كما يقال، واستطيع أن أزعم انني قرأت غالبية مؤلفاته، قراءة درسية وبحثية، بما فيها رواياته النوعية الرائعة من النبطي الى عزازيل الى ظل الافعى وغوانتنمو، وشاهدته في اربع عشرة حلقة تلفزيونية "رحيق الكتب" عن أهم المؤلفات العالمية الفكرية والفلسفية والتاريخية ، كنت أشتم احيانا تصالحا خفيا بينه وبين اليهود جراء "الظلم" الذي وقع عليهم في المدينة ، وكنت أخشى احيانا ان يمتد هذا التصالح مع دولتهم الحالية «ونبيهم» الحديث بنيامين نتنياهو .

الألم العاطفي العجيب مع يوسف زيدان، سرعان ما يتحول الى ما يمكن ان اسميه بالألم الفكري الذي يدفع للتساؤل، وبالمناسبة، فإن كل العمل الفكري قام على التساؤل، ولا أذكر إن كان هو نفسه زيدان قد قال: أن السؤال حياة والجواب موت، دفعني للسؤال عن السبب الحقيقي لهذه الزيارة المرتقبة. دعكم من الاسباب المعلنة على لسانه ، فهي مجرد تبريرات لا تنطلي حتى على ابنته وبقية أهل بيته، من أن طه حسين قد قام بزيارة القدس وألقى محاضرة له في الجامعة العبرية، لكن هذا التوظيف لطه حسين وزيارته، انما هو محض كذب على الناس، إذ ان عميد الادب العربي ، لم يقم بزيارة اسرائيل، لأنها اصلا في العام الذي زارها لم تكن موجودة.

ويعرف زيدان حق المعرفة، ان معظم العلماء والعباقرة من العرب والعالم لم يقوموا بزيارة اسرائيل، بمن فيهم العالم الفيزيائي الانجليزي العظيم ستيف هاوكنج، الذي افرد زيدان حلقة عنه في "رحيق الكتب"، من انه تلقى دعوة رسمية من شمعون بيريس، لكنه ذهب الى جامعة بير زيت رافضا الذهاب الى أي جامعة اسرائيلية، في حين ان البرت اينشتاين الذي ارتبط اسم هاوكنج به، رفض عرضا أعظم من ان يكون رئيسا لاسرائيل، بقوله : لا اقبل ان اكون رئيسا لدولة ستفنى ذات يوم.

قد ينبري زيدان ليقول ان اينشتاين قد قصد الفناء الفيزيائي ، تماما كما قال مستهزءا، ان الذين يرفضون التطبيع مع اسرائيل انما ينشدون الشذوذ، فهل حقا ان الشذوذ هو عكس التطبيع وان اللا مطبعين مع اسرائيل هم الشواذ ؟

ام ان المطبعين هم القلة القليلة الشاذة حتى من بين ابناء الشعب المصري العظيم الذي تفوق في نقائه وصفائه وانتمائه على قياداته السياسية والفكرية، فيزداد الشواذ شاذا جديدا، لانكم انما تزورون بيتي بدون إذني، بل بإذن اللصوص الذين حولوه الى مجرد مغارة كبيرة أطلقوا عليها اسم اسرائيل.