حتى يكون اجتماع "المركزي الفلسطيني" مؤثرا

102891531832457.jpg
حجم الخط

 

يجتمع المجلس المركزي الفلسطيني نهاية هذا الشهر لمتابعة ملفات تتعلق بشكل رئيس بتنفيذ قرارات سابقة ومتابعة ملفات عالقة، بمعنى أنّه لا يوجد قضايا جديدة يناقشها المجلس، ولكن هذا لا يمنع أنّ هناك قرارات حاسمة قد تصدر في أمور مثل مستقبل السلطة الفلسطينية، ونظامها السياسي.

لا يعتبر البرلمان، أي برلمان، المكان الحقيقي لمناقشة خطط تنفيذ قرارات فالجهات التنفيذية هي التي تتولى التنفيذ، والبرلمان قد يُقر بعض الأمور الضرورية للتنفيذ، ويراقبه، بالتالي فلا ينتظر حقاً من المجلس المركزي اتخاذ قرارات تنفيذية تتعلق بالتنسيق الأمني مع الاحتلال، أو تعليق الاعتراف بإسرائيل، أو التوصل لاتفاقية جديدة، أو لتفاصيل الإدارة المالية الخاصة بقطاع غزة. هذه جميعها أمور صدرت قرارات فيها، وصدر تكليف فيها، وسوى ذلك قد يقرر المجلس الآن أن لا يكلف اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، بتنفيذ القرارات، وأن يأخذ قرارات بنفسه. فمثلا، بدلا من تكليف اللجنة والرئيس الفلسطيني بتعليق الاعتراف بإسرائيل، يقوم هو بتعليق الاعتراف، ولكن هذا أمر يبدو غير ممكن وغير عملي، وهناك شكوك حول معناه القانوني، فالجهات التنفيذية من دوائر ووزارات الخارجية عادة من يترجم هذه القرارات.

لعل ملف "التنسيق الأمني"، يوضح بشكل خاص صعوبة تنفيذ القرارات دون خطط تنفيذية حقيقية، ولعل صعوبة تنفيذ القرارات (في الشؤون المختلفة) توضح لماذا اجتمعت اللجان المنبثقة عن اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، نحو 37 اجتماعا بين دورة المجلس الوطني في نيسان (إبريل) وآب (أغسطس) 2018، لوضع خطط نوقش بعضها بالفعل في اجتماع المركزي في آب. ولكن الموضوع الأمني تحديدا يعكس صعوبة مهمة المجلس المركزي، فالجهة التنفيذية، هي وزارة الداخلية الفلسطينية، ومجموعة الأجهزة الأمنية الفلسطينية، وبالتالي فإنّه لا توجد مرجعية واضحة تربط من سينفذ القرارات بالمجلس المركزي. الممارسة البرلمانية التقليدية، تقتضي أن يأتي رئيس الحكومة أو المسؤول الأمني الأول (وزير الداخلية أو مستشار أمن قومي أو..إلخ) ويقدم تقريره أمام هذا المجلس البرلماني، إذا كان هناك ما يدعو لأخذ قرار أو من أجل المتابعة، التي قد تتضمن في بعض الحالات، محاسبة الجهة التنفيذية في  حال كان هناك تقصير في التنفيذ، والمحاسبة غالباً تعني حجب الثقة وتغيير الجهة التنفيذية (تعديل وزاري مثلا). وفي ظل الوضع الفلسطيني المعقد هذا الأمر غير متاح، فالمجلس المركزي عندما قرر تأسيس السلطة الفلسطينية، في دورته المنعقدة بين 10-12/10/1993، لم يُفصّل طبيعة العلاقة بين المجلس والسلطة، وقد تطورت الأمور بحيث يكون هناك مجلس تشريعي منفصل للسلطة (كان ممكناً مثلا إبقاء المجلس المركزي مسؤولا عن المستوى التنفيذي في السلطة).

لم يتولَ المجلس التشريعي، (المجمد منذ 11 عاما)، ولا يجوز أن يتولى مهام، تتعلق باتفاقيات دولية سياسية تخص الشعب الفلسطيني، لأنّ الممثل القانوني للشعب الفلسطيني هو منظمة التحرير؛ هي التي اعترفت بإسرائيل، وهي التي توقع اتفاقيات سلام أو سوى ذلك، ولكن على الأرض فإنّ التنفيذ للقرارات والاتفاقيات، ميدانيا داخل فلسطين، وفي بعض الأمور خارجياً، هو للسلطة الفلسطينية وأجهزتها ومؤسساتها.

هذا يعني أنّ المستوى التنفيذي في منظمة التحرير الفلسطينية، ودولة فلسطين، والسلطة الفلسطينية، بما فيها من تشابك هي المسؤولة أولا عن تنفيذ، أو عدم تنفيذ قرارات، المجلس المركزي الفلسطيني، وحتى الآن لا يوجد آلية واضحة كيف يمكن للمجلس المركزي متابعة ومحاسبة المستوى التنفيذي، خصوصاً إذا كان الحديث عن الحكومة الفلسطينية. وفي المجلس المركزي الأخير، ألقت اللجنة التنفيذية للمنظمة صراحةً في بعض الحالات، باللائمة على حكومة السلطة لعدم تنفيذ بعض القرارات.

إنّ أهمية المجلس المركزي الفلسطيني الراهنة هي سياسية ووطنية عامة، تتعلق بوضع تصورات السياسة العامة الفلسطينية العريضة، ويمكن أن يكون حاسماً ومرجعية نهائية في أمور مثل اتفاقيات السلام والموقف الوطني العام، أما متابعة الجزء التنفيذي فيتطلب مراجعة حثيثة أولاً لنظام عمل وصلاحيات الأجهزة المختلفة والعلاقات بينها، وفي مقدمتها العلاقة بين ثلاث مكونات هي "المنظمة، والدولة، والسلطة" الفلسطينية، ربما يجدر أن تكون هذه محورا أساسيا من عمل المجلس المركزي في المرحلة المقبلة، بما في ذلك العلاقة، بالمستوى التنفيذي في مؤسسات السلطة والدولة.  

 

عن جريدة "الغد" الأردنية