عند تشكيل حكومة التوافق انيطت إليها ثلاث مهمات رئيسية، إعادة إعمار قطاع غزة ودمج مؤسسات السلطة الوطنية والتحضير للإنتخابات، ولا شك أن الحكومة لم تحقق إنجازاً واضحاً في أي منها، فما زالت منازل المواطنين المهدمة على حالها وركامها يشهد على ذلك، ولسنا هنا بمعرض الوقوف على أسباب ذلك إن كان قصوراً من الحكومة أم تراجعاً من قبل الدول المانحة عن الوفاء بتعهداتها، أم يتحمل الإتفاق الهزيل الذي تتم بموجبه دخول مواد البناء إلى قطاع غزة قسطاً من ذلك، لكن ما يعنينا هنا أن إعادة الاعمار رغم مرور عام ما زالت تراوح مكانها بإستثناء المساعدات الخجولة لأصحاب المنازل المهدمة، أما ما يتعلق بدمج مؤسسات السلطة الفلسطينية فالمؤكد أن الحكومة لم تتقدم خطوة واحدة في هذا الطريق، بإستثناء ما يتعلق منها بتبادل الإتهامات التي لم يعد المواطن قادراً على الإنصات لها، وفيما يتعلق بالتحضير للإنتخابات والتي تتكفل بالقسط الوافر منه لجنة الانتخابات المركزية فقد أكدت الأخيرة مراراً على جاهزيتها وأن بإمكانها إنجاز كل ما يتعلق بها في غضون اسابيع قليلة.
خلاصة القول أن الآمال التي علقها شعبنا على حكومة التوافق بعد إتفاق الشاطيء ذهبت أدراج الرياح، وعدنا من جديد إلى دوامة الإتهامات المتبادلة في الوقت الذي يدفع فيه المواطن ثمن فاتورة الفشل بالمزيد من المعاناة، وأمام ذلك هل كنا بحاجة ماسة إلى تعديل وزاري؟، وهل التعديل الوزاري الذي طال خمس وزارات بإستطاعته أن يخرجنا من حالة التيه؟، أم أن الوزارة باتت حقل تجارب لمن لا تجربة له؟، والأهم هل الحكومة بتعديلها الجديد قادرة على تحقيق ما عجزت عن تحقيقه الحكومة الأم أم أن التعديل بحد ذاته يضيف إليها عوامل فشل أخرى؟.
إن حكومة التوافق استندت في شرعيتها على التوافق بين الفصائل الفلسطينية، في ظل أن صاحب الحق في منح الثقة للحكومة وحجبها عنها "المجلس التشريعي" معطل، وحال الحكومة الحالية كسابقاتها من الحكومات التي جاءت على خلاف ما نص عليه القانون لا تستند على شرعية دستورية، وشرعيتها إن وجدت تستمدها فقط من حالة التوافق بين القوى الفلسطينية رغم ما في ذلك من إنتقاص للقانون ارتضيناه جميعاً، الواضح أن التعديل الوزاري لم يحظ بموافقة كل من الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية وحزب الشعب، وجميعها يتطلع إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية تستطيع معالجة التحديات بما فيها تبعات الإنقسام، من جهتها رفضت حركة حماس إجراء أي تعديل وزاري دون التوافق عليه، وإن كانت حكومة التوافق تحمل حركة حماس المسؤولية عن اخفافات الحكومة من خلال عدم تمكينها من أداء مهامها، فهل التعديل الوزاري سيمكنها من القيام بمهامها أم أنه سيشكل ذريعة لحركة حماس ويزيد الأمور تعقيداً؟.
ما يلفت الإنتباه في التعديل الحكومي أن حركة فتح هي الحاضر الغائب، وأنها قد تلجأ لمناقشة التعديل الوزاري في الإجتماع القادم للجنة المركزية أسوة بما فعلته عند تسمية أمين سر اللجنة التنفيذية، والأمر الآخر أن الوزراء الجدد أدوا اليمين الدستورية وأقسم كل منهم بالله العظيم أن يحترم النظام الدستوري والقانون، لا ضير في ذلك طالما أن الحكومة لدينا باتت حقل تجارب قابل لإستيعاب تعديل وزاري آخر أو تغيير حكومي على نمط حكومة الوحدة الوطنية.