لا شيء يشير أنه قتل سوى انه دخل ولم يخرج

التقاط.PNG
حجم الخط

 

لا شيء على الاطلاق يشير ان جمال خاشقجي قد قتل لمجرد أنه دخل قنصلية بلاده في اسطنبول في الثاني من الشهر الجاري ، ولم يخرج بعد.

فالرجل شخصية معروفة بالإسم والشكل ، وكان لربما من بين الشخصيات السعودية المعدودة التي تقبل التعاطي والظهور على قناة الجزيرة بعد قرار محاصرة قطر قبل حوالي سنة ونصف.

والرجل يعمل صحفيا واعلاميا منذ فترة طويلة ، ولكنه في السنتين الاخيرتين اصبح كاتب عمود في اكثر صحف العالم شهرة وعراقة، وهي صحيفة الواشنطن بوست التي تأسست قبل حوالي مئة وخمسين سنة.

والمكان الذي دخل اليه، قنصلية، ليس مسلخا ولا كازينو، مكان له حصانة عالمية، واعراف متوافق عليها بين الدول، مكان له قدسية المسجد والكنيسة، غرضها الاساسي تقديم خدمات لرعايها في الدولة المضيفة، والدولة المضيفة هنا هي تركيا، دولة الخلافة الاسلامية لاكثر من اربعمائة سنة، ما يعادل أكثر من ربع تاريخ الاسلام كله، والمدينة، اسطنبول، عاصمة هذه الخلافة ، وفي متاحفها مقتنيات عديدة مقدسة لرموز الاسلام، بما في ذلك شعرة للرسول المعظم وحذاء لابي بكر الصديق الخليفة الاول وسيفا لعلي الخليفة الرابع.

والزمان الذي دخل فيه الخاشقجي، العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، عصر الالكترون، فقد قيل ان الساعة التي يلبسها تدل على مكانه ، والكاميرات الالكترونية تملأ الشوارع العادية، ومدينة مثل اسطنبول فيها مئات الكاميرات، وهناك كاميرات يقوم اصحاب المحلات التجارية بتركيبها طوعا، فما بالكم حين يكون المكان قنصلية.

بمجرد دخول الخاشقجي حرم القنصلية، يحق للسعودية إعتقاله، على إعتبار أنها أرض سعودية ، وتستطيع الاعلان عن ذلك أمام الملأ دون ان تتعرض الى انتقاد او ادانة ، أكيد هناك سجن في كل قنصليات الدول. تستطيع السعودية تقديمه للمحاكمة بأن تحضر قاضيا او هيئة قضاة، تستطيع ان تدينه بالتهم المنسوبة إليه، وتصدر ضده اقسى العقوبات، بما في ذلك قرار الاعدام، المعمول به في الدولتين، السعودية وتركيا على حد سواء.

وفي حال تجرأ النظام على تنفيذ العقوبة داخل القنصلية، فإن أقصى ما يمكن ان تكون عليه ردة الفعل الرسمية العالمية هي الادانة والاستنكار، وحتى هذه، فإننا لن نسمعها من النظام العربي لا في شرق الوطن ولا في غربيه، هل سمعنا أي كلمة رسمية عربية عن الرجل خلال عشرة أيام اختفائه ؟

أيها الناس : أنا الأول والأعدل والأجمل من بين جميع الحاكمين/ وأنا بدر الدجى وبياض الياسمين/ وأنا مخترع المشنقة الأولى وخير المرسلين/ أنا أملككم كما أملك خيلي وعبيدي/ وأنا أمشي عليكم مثلما أمشي على سجاد قصري / فاسجدوا لي في قيامي واسجدوا لي في قعودي ....." من قصيدة نزار قباني السيرة الذاتية لسيّاف عربي".