كشف عزام الأحمد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، عن أن واشنطن طلبت من باريس تجميد مبادرتها للتوصل الى اتفاق سلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين لحين الانتهاء من الملف النووي الايراني، مشيرا إلى ان الملف الفلسطيني مركون جانبا على الصعيد الدولي.
وجاءت اقوال الأحمد في حوار مطول اجرته معه صحيفة "القدس" المحلية وفيما يلي نصه:
* هل تلقت حركة «فتح» دعوة لزيارة السعودية بهدف تفعيل ملف المصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام الداخلي؟
- لم نتلق دعوة لبحث المصالحة، ولا اعتقد ان هناك مشروعا لدى المملكة العربية السعودية للتدخل في موضوع المصالحة الآن، لأنها تعرف ان هذا الملف كلفت به مصر بقرار من جامعة الدول العربية، والقمم العربية أكدت عليه اكثر من مرة.
وموضوع المصالحة ليس بحاجة لوساطات جديدة بل هو بحاجة لالتزام الفصائل الفلسطينية وتحديدا «حماس» بما وقعت عليه. «حماس» لم تحترم ما وقعت عليه اطلاقا ، فعندما شكلت حكومة الوفاق الوطني كانت هذه اول خطوة عملية لتنفيذ اتفاق المصالحة ولو تم تمكين الحكومة من العمل بشكل طبيعي في غزة وفق ما تم الاتفاق عليه لكنا قد انجزنا الكثير من بنود اتفاق المصالحة، سواء بشأن عودة المجلس التشريعي للعمل او حل مشكلة الموظفين في غزة وقضية الامن والاعداد للانتخابات وغيرها من الخطوات العملية لإعادة توحيد المؤسسات وبسط سيادة القانون وولاية الحكومة في غزة والضفة ، لكن «حماس» وفور تشكيل الحكومة تصدت لحكومة التوافق الوطني ووضعت العراقيل امامها ومنعت الوزراء من القيام بمهامهم ، عمليا لم يكن هناك حكومة واحدة على الارض وإنما كانت هناك حكومة ظل بقيادة حماس في القطاع من خلال وكلاء الوزارات هناك والموظفين الذين فرضتهم في فترة الانقسام ، بل جرى اعتداء على وزراء من قبل حماس مثل الاعتداء بالضرب والذي تعرض له وزير الصحة عندما ذهب الى غزة اثناء العدوان الإسرائيلي والرشق بالحجارة ، وكذلك مُنع الوزراء من القيام بمهامهم، وهذا يعني بأنه كان هناك خداع وعدم التزام بحكومة الوفاق الوطني .
* هذا الخطاب الاتهامي تعودنا على سماعه ومن الطرفين على مدار السنوات الماضية، سؤالي : هل حكومة التوافق الوطني ما زالت تحمل ذلك المسمى أم اصبحت حكومة "الفشل الوطني" ؟
- انا برأيي، هذه ليست اتهامات، هذه حقائق ولو كانت الصحافة الفلسطينية ووسائل الإعلام الفلسطينية تمارس دورها الوطني كسلطة رابعة لكانت هي الحكم ويجب ان تكون هي الحكم وليست الفصائل.
هل «فتح» هي التي اعتدت على وزير في غزة او في رام الله؟ هل الجبهة الشعبية هي التي اعتدت ؟ ما اقوله هو حقائق . مَن الذي منع الوزراء، هل هي جريدة «القدس»؟ من الذي منع الوزراء من الدوام في وزاراتهم ؟ لذلك اقول: مارسوا دوركم الوطني وقولوا الحقائق للشعب الفلسطيني . إذا كانت «فتح» مخطئة، قولوا ل«فتح» انت مخطئة ، اذا كان ابو مازن - الرئيس محمود عباس- مخطئ قولوا له انت مخطيء . «حماس» مخطئة قولوا لحماس انت مخطئة. هذا اذا كنتم تريدون ممارسة دوركم الوطني. المسألة ليست قيادات فلسطينية وفصائل ، الجميع عليه مسؤولية. الوحدة الوطنية تهم كل فلسطيني في الداخل والخارج والمؤسسات الفلسطينية عليها دور اكبر من دور الافراد .
* هل عاد ملف المصالحة الوطنية للمربع الاول؟
- عندما شكلنا الحكومة استبشرنا خيرا، ولكن لم نخط خطوة واحدة لتحقيق المصالحة بعد تشكيل حكومة التوافق الوطني بسبب عدم التزام حماس بما وقعنا عليه، لكن وجود حكومة التوافق الوطني قانونيا وسياسيا قطع الطريق على نتنياهو والولايات المتحدة الاميركية كي لا يبقوا يقولوا ان ابو مازن يمثل مَن ؟ . بالشكل القانوني الانقسام انتهى وعلى الارض لم ينته ، وربما حال لبنان شبيه بنا ، فلبنان بلا رئيس، وحكومة لا تجتمع، ورغم ذلك كل القوى السياسية تتحاور في لبنان وتحافظ على مؤسسات الدولة الواحدة ، نحن قبلنا ان لا يكون هناك حكومتين ولو بالشكل، وذلك على أمل ان نحّول الشكل إلى مضمون ، ولكن هذا لا يمكن ان يستمر للابد .
* في ظل استمرار الانقسام الداخلي بعد سنوات من الحوارات والوساطات ، أليس من الجدير بأن تُفتح نافذة وساطة جديدة في ظل انشغال الجانب المصري بأوضاعه الداخلية؟
- لا، نحن لسنا بحاجة لوسطاء جدد، لكن انا برأيي إذا لم يكن هناك إرادة لدى الفصائل الفلسطينية بالالتزام بما وقعت عليه فلا فائدة من اي وسيط .
* المواطن الفلسطيني ادرك بأنه لا يوجد ارادة لدى الفصائل لإنهاء الانقسام، ما الحل برأيك؟
- المواطن الفلسطيني عليه ان يتحرك، فالمواطن الصالح يتحرك في الشارع ويتصدى بكل قوة لكل القيادات الفلسطينية التي تقف امام تنفيذ اتفاق المصالحة ، وبالتالي المواطن عليه مسؤولية في انهاء الانقسام ، بالعكس المواطن الملتزم وطنيا والمؤسسات التي تقول عن حالها بأنها سلطة رابعة وسلطة خامسة عليهم ان ينزلوا إلى الشارع ويتصدوا للقيادات التي تعطل تنفيذ اتفاق المصالحة . أما ان تبقوا تجاملوا فهذا يؤكد بأنكم جزء من عملية الانقسام . تصدوا لكل من يقف امام تنفيذ اتفاق المصالحة.
* لو خرج المواطن الى الشارع في الضفة الغربية ضد حركة «فتح» وطالبها بإنهاء الانقسام ، هل تضمن بأن لا تجرؤ الاجهزة الامنية على قمعه؟
- سؤالك خاطىء، لماذا هذا الظلم لفتح ؟ «فتح» وقعت على اتفاق المصالحة عام ٢٠٠٩ ، و«حماس» متى وقعت على اتفاق المصالحة ؟ بعد سنتين . عام ٢٠١١ . اين كانت الاقلام التي تقول عن نفسها بأنها سلطة رابعة ؟ لماذا صمتت سنتين على عدم توقيع «حماس» ؟ «فتح» اذا كانت هي التي تغتصب السلطة بقوة السلاح فأنا أول متظاهر مع الشعب ضد «فتح» . لذلك اقول سؤالك خطأ . اقول: لنشخص مَن الذي يتمسك بالانقسام ؟ مَن الذي يستخدم القوة من اجل تكريس الانقسام ؟ هذا الذي يجب التصدي له وهناك نشاطات محدودة اقل من الذي يجب جرت في مدن الضفة للمطالبة بإنهاء الإنقسام لم يتصدى لها احد.
* ما هو السؤال الصحيح من وجهة نظرك بعد سنوات من توليك ملف الحوار للوصول للمصالحة ولم نر المصالحة على ارض الواقع لغاية الآن؟
- السؤال الصحيح ان تقولوا الحقيقة كصحافة وإذا لم تستطيعوا ان تقولوا الحقيقة فأنتم لا تستحقون ان تكونوا صحافة. مَن يتحمل مسؤولية استمرار الانقسام ؟ مَن الذي استخدم السلاح لاغتصاب جزء من الوطن وتهديد القضية الفلسطينية ومستقبلها؟
* هناك من يقول في الشارع الفلسطيني بأن عزام الاحمد والدكتور موسى ابو مرزوق يديران ملف الانقسام وليس حله؟
- حدد لي كيف ادير الانقسام، انا ادعو لحكومة وحدة وطنية واحدة باسم «فتح» وباسم كل فصائل منظمة التحرير . وكل الفصائل قالت بأن حماس هي من افشلت تشكيل حكومة الوحدة الوطنية.
* هل تعتقد بأن المواطن والصحافة الفلسطينية هم مَن يتحمل مسؤولية استمرار الانقسام؟
- لا تربط المواطن بالصحافة . اذا كانت الصحافة صادقة تكون انعكاسا للمواطن، فإذا كان ابو مازن يعطل المصالحة عليكم في الصحافة ان تنتقدوه ، يجب على الصحافة ان تقول من الذي يعطل المصالحة ، ألستم سلطة رابعة وتوجهوا الرأي العام ؟ فأنتم عندما تم الاعتداء على وزير الصحة في قطاع غزة واحتجزت حكومة التوافق الوطني في الفندق من قبل حماس ، ماذا كتبتم وماذا قلتم؟ لو انتم صحافة تتحمل مسؤولياتها لكشفتم الحقائق، ولتكلمتم وكتبتم ، لماذا الخوف والمجاملة وعدم الإلتزام بقضايا الوطن!
* هل تعتقد بأن الانقسام تجذر ما بين الضفة وغزة ؟
- انا يدي على قلبي . يدي على قلبي بأن الانقسام اصبح في نفسية المواطن العادي بغزة والضفة ، انا خائف . ثماني سنوات من الانقسام . وأول خطوة لإنهاء الانقسام كانت تشكيل حكومة التوافق الوطني، وإذا فشلت هذه الحكومة فانا برأيي ان هناك خطرا، لأن فصل غزة عن الضفة هو مخطط شارون -رئيس الوزراء الاسرائيلي الاسبق- وانا اخشى ان يطبق بأيد فلسطينية، وأقول، الذي يمنع حتى الآن قيام دولة فلسطينية هو الانقسام ، والذي يمنع قيام دولة غزة وفق مشروع الجنرال اور ايلاند-جنرال إسرائيلي- الموقف المصري الصلب في رفض ذلك والوضع الاقليمي والدولي وللأسف الذي يستمر بالانقسام شاء أم ابى يحاول ان يقيم دولة في غزة على حساب وحدة الوطن الفلسطيني وحقوق الشعب الفلسطيني .
* أليس عدم التحرك في ملف المصالحة هو ضوء اخضر لاستمرار الانقسام؟
- يكفينا حوارات من اجل الحوارات . الاتفاق واضح ومطلوب تنفيذه ، وعلينا ان نحمل المسؤولية لمن يعرقل تنفيذه ، الذي يمنع تنفيذ الإتفاق انما هدفه تعميق الإنقسام واستمراره.
*وماذا بشأن تنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية لانهاء الانقسام؟
- لا نستطيع ان نحدد انتخابات جزئية في الضفة دون غزة لأنني ادرك تماما ان «حماس» تسيطر بقوة السلاح على غزة ومستحيل اجراء انتخابات في غزة دون الاتفاق مع حماس ولتكن الإنتخابات العامة جزءا من عملية انهاء الإنقسام.
- وماذا عن حكومة التوافق الوطني هل فشلت بالقيام بمهامها وعلى رأسها انهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية؟
المهمة الوحيدة التي تقوم بها الحكومة حاليا في غزة بنجاح قضية الاعمار بالتنسيق مع المانحين والامم المتحدة والإستمرار بمهام و خدمات استمرت السلطة القيام بها طيلة فترة الإنقسام، وايضا تشكيل تلك الحكومة نجح سياسيا، فلم يعد نتنياهو والولايات المتحدة معه يقولا: أبو مازن يمثل مَن؟ لانه قانونيا لا يوجد إلا حكومة واحدة معترف بها وهي حكومة التوافق الوطني، وانا مع المحافظة عليها حتى لو كانت حكومة عرجاء ، ولا نعود للمربع الاول الذي يعني من الناحية العملية ان يكون هناك حكومتان ، حكومة في غزة واخرى بالضفة الغربية، لذلك فان التمسك بحكومة التوافق الوطني رغم العراقيل التي وضعت امامها هو الافضل لنا جميعا ونعمل على إزالة العقبات من امامها .
ـ على الصعيد السياسي ، هل هناك تحرك دولي بقيادة اوروبية مثلا لتحريك العملية السياسية بالمنطقة في ظل التراجع الاميركي على ذلك الصعيد؟
الولايات المتحدة برأيي اكثر طرف لم يلتزم بخارطة الطريق لاقامة الدولة الفلسطينية على حدود عام ١٩٦٧ ، رغم انها راعية خارطة الطريق ، لانها صمتت وتواطأت مع الرفض الاسرائيلي وايضا انفردت من بين اطراف اللجنة الرباعية باحتكار التحرك السياسي بعيدا عن اللجنة الرباعية، وعطلت عمليا اللجنة الرباعية، لذلك الولايات المتحدة تتحمل المسؤولية الاساسية قبل نتنياهو لانها تواطأت معه وصمتت على رفضه لتنفيذ حل الدولتين، وعندما توجهنا للامم المتحدة كان موقف واشنطن سلبيا وعندما تحركت فرنسا على الصعيد السياسي مؤخرا تدخلت الولايات المتحدة وطلبت من باريس التوقف عن التحرك السياسي لحين الانتهاء من الاتفاق النووي مع إيران، واشك ان تقوم الولايات المتحدة بدور نزيه حتى بعد الإتفاق النووي مع ايران.
- هل تقصد بان المبادرة الفرنسية الاخيرة لتوقيع اتفاق سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين بمدة زمنية جمدت؟
نعم جمد التحرك الفرنسي بطلب من الولايات المتحدة ، آمل ان تصدق واشنطن ولو مرة واحدة وتكف عن ضغوطها على الدول العربية واوروبا وعلى فرنسا في شهر ايلول القادم-موعد انعقاد الدورة السنوية للجمعية العامة للامم المتحدة- لتحريك الجهود الدولية من اجل تحريك عملية السلام وانقاذها ، ولكن أنا اشك تماما في إمكانية ان تتحرك الولايات المتحدة بشكل ايجابي تجاه القضية الفلسطينية وايجاد حل عادل وفق قرارات الشرعية الدولية.
ـ هل تمر العملية السياسية بحالة جمود رغم الضجة التي اثيرت مؤخرا حول وجود مبادرة فرنسية ؟
نعم، حاليا نعيش حالة من الجمود الكامل على صعيد العملية السياسية.
ـ هناك صفقات يتم بلورتها على المستوى الاقليمي، هل هناك موطئ قدم للقضية الفلسطينية في تلك الصفقات؟ وهل تعتقد بان زيارة وفد قيادة حماس مؤخرا للسعودية تأتي في اطار تحالفات جديدة قد تظهر بالمنطقة؟
الوضع الفلسطيني الان اقليميا مركون جانبا خاصة من اشقائنا العرب ، وهذا جعل إسرائيل تنفرد بنا . بكل الم اتابع الفضائيات العربية لاجد بان اقتحامات المستوطنين وجيش الاحتلال للمسجد الاقصى وتدنيسه لا يعدو كونه خبرا هامشيا وعابرا . القدس تهود وصندوق القدس خاوي لا أحد من العرب يدفع ما عليه من مخصصات لذلك الصندوق الذي اسس في قمة سرت الليبية قبل سقوط القذافي، وحتى الان لا يوجد شيء، لذلك اقليميا لا يوجد شيء. وبالنسبة لقصة السعودية وزيارة وفد حماس لها ، أنا اصدق وزير خارجية السعودية بان تلك الزيارة من قيادات حماس كانت لاداء العمرة واداء صلاة العيد. فأول مرة يزور خالد مشعل السعودية منذ اتفاق مكة عام 2006 حتى اليوم.
هل هذا برأيك يعتبر تغييرا في مواقف السعودية تجاه الحركة والتقارب معها؟
لا لا ، انتظر ، زيارة وفد حماس الاخيرة للسعودية لم تكن اكثر من زيارة لأداء العمرة حتى وان تخللها لقاءات مع مسؤولين سعوديين لمعايدتهم والسلام عليهم بمناسبة العيد، ونحن في حركة فتح لدينا الاستعداد لان نقوم بجهود وساطة للمصالحة ما بين حماس والسعودية ومصر ومع اي دولة عربية شرط ان تلتزم الحركة بالبرنامج الوطني الفلسطيني ولا تكون جزءا من برنامج حركة الاخوان المسلمين الدولية بل جزءا من الحركة الوطنية الفلسطينية، ونحن مستعدون لمساعدة حماس وكل الفصائل في توطيد العلاقة وحل المشاكل مع الجميع لصالح توحيد الجهد الفلسطيني والعربي حول القضية الفلسطينية ، والغريب ان بعض قادة حماس غضبوا على تصريحات لي بهذا المعنى واعتبروه تعاليا و فوقية ، وأقول لهم لنكمل بعضنا البعض وهذا ليس تعاليا ، وايضا يجب ان تكون حماس و فتح وكل الفصائل جزءا من الحركة الوطنية الفلسطينية ، بعضهم يصرح بذلك ويعتبر حماس جزءا من الحركة الوطنية الفلسطينية وعندما نصرح نحن بذلك يغضب البعض منهم .