غيرت قناة السويس خريطة العالم الاقتصادية منذ حفر القناة القديمة في عام 1869، إلى أن تم الإعلان عن مشروع القناة الجديدة التي ستشكل مسارا مائيا دوليا ومركزيا يساهم بشكل كبير في دفع الاقتصاد المصري نحو آفاق جديدة.
فقناة السويس تعد أهم ممر مائي عالمي، ويبلغ طولها 193 كم وتصل ما بين البحرين الأبيض والأحمر، وتنقسم طولياً إلى قسمين شمال وجنوب البحيرات المرة، وعرضيا إلى ممرين متجاورين يسمحان بعبور السفن في اتجاهين في نفس الوقت بين كل من أوروبا وآسيا.
وتعتبر أسرع ممر بحري بين القارتين وتوفر نحو 15 يوماً في المتوسط من وقت الرحلة عبر طريق رأس الرجاء الصالح، وهو طريق التجارة القديم من خلال مرور السفن حول قارة إفريقيا وصولا إلى آسيا.
مليون عامل مصري
فكرة إنشاء القناة بدأت مع قدوم الحملة الفرنسية على مصر عام 1798، وفكر نابليون في شق القناة إلا أن الفكرة باءت بالفشل، وفي عام 1854 أستطاع المهندس الفرنسي فردينالد ديلسبس في إقناع الخديوي سعيد بمنح الشركة الفرنسية امتياز لمدة 99 عاماً، استغرق بناء القناة 10 سنوات (1859 - 1869).
وساهم في عملية الحفر ما يقرب من مليون عامل مصري، ومات خلالها أكثر من 120 ألف منهم أثناء عملية الحفر على إثر الجوع والعطش والأوبئة والمعاملة السيئة، وتم افتتاح القناة في عام 1869 في حفل مهيب وبميزانية ضخمة، وفي عام 1905 حاولت الشركة تمديد حق الامتياز 50 عاماً إضافية إلا ان المحاولة فشلت لاحقاً، وفي يوليو عام 1956 قام الرئيس جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس، والتي تسببت لاحقاً في إعلان بريطانيا وفرنسا الحرب على مصر ضمن العدوان الثلاثي والذي انتهى بسيادة القاهرة الكاملة على القناة.
مورد اقتصادي هام
وتعد قناة السويس أحد أهم المجاري البحرية في العالم، إذ بلغت إيرادات القناة في العام المالي (2014 - 2015) نحو 39 مليار جنيه مصري، ويمر عبر القناة ما بين 8% إلى 12% من حجم التجارة العالمية، لا سيما أن عائدات قناة السويس تعد من أهم محددات الدخل القومي المصري.
القناة الجديدة
القناة الجديدة ستغير خريطة العالم جغرافيا ومن المفترض أن تؤثر إيجابيًا على الاقتصاد المصري الذي يعاني من تباطؤ منذ ثورة 25 يناير 2011.
ومن المتوقع أن يسهم المشروع الجديد في تمكين السفن والناقلات من عبور القناة في كلا الاتجاهين في ذات الوقت، وتلافي المشكلات الحالية من توقف قافلة الشمال لمدة تزيد عن 11 ساعة في منطقة البحيرات المرة، وتقليل زمن رحلة عبور القناة بشكل عام، مما يسهم في زيادة الإيرادات الحالية للقناة.
ووفقا للتقديرات، فمن المتوقع أن تكون عائدات مصر من القناة نحو 13 إلى 15 مليار دولار سنويا، أي ثلاثة أضعاف العائدات الحالية، ومن المحتمل أن تزيد من حجم الوظائف في سوق العمل المصري وأن توسع حجم التجارة وحركة السفن بين أوروبا وآسيا.