جدد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري رفض بلاده القاطع لإجراءات سلطات الاحتلال الإسرائيلي في الجولان السوري المحتل مؤكدا أنه سيتم تحرير الأراضي العربية المحتلة بكل الوسائل التي تضمنها أحكام ميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن.
وقال الجعفري خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي، أمس الخميس، حول الحالة في الشرق الأوسط: لقد مضى أكثر من سبعة عقود على الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وعلى محنة أكثر من خمسة ملايين لاجئ فلسطيني تم طردهم من وطنهم والاستيلاء على أرضهم وبيوتهم وأرزاقهم، كما مضت أكثر من سبعة عقود على محاولات مستميتة قامت بها دول وبعضها أعضاء في مجلس الأمن لإضفاء “الشرعية” على هذا الاحتلال الذي احتل في الخامس من حزيران 1967 الجولان السوري وهي محاولات تم تتويجها مؤخرا بإطلاق “مبادرات وصفقات استفزازية دونكيشوتية” متسائلا: كم من العقود يجب أن تمر على الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية كي يقر البعض أخيرا بضرورة تحرك مجلس الأمن بشكل جدي لإنهائه.. وكم من الضحايا الأبرياء يجب أن تسقط حتى يقتنع البعض بأن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية هو السبب الرئيسي لعدم الاستقرار في منطقتنا.
وجدد الجعفري موقف سورية الثابت والمبدئي الداعم لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على كامل ترابه الوطني وعاصمتها القدس مع ضمان حق اللاجئين في العودة إلى ديارهم وفقا للقرار الأممي رقم 194 لعام 1948 مؤكدا أن أي إجراءات تتناقض أو تنتقص من هذه الحقوق هي إجراءات باطلة ومرفوضة وتهدد السلم والأمن في المنطقة والعالم وخاصة “قانون القومية العنصري” الذي أصدرته “إسرائيل” وقرار الإدارة الأمريكية نقل سفارتها إلى القدس المحتلة وقطع التمويل عن الأونروا فهذه كلها إجراءات باطلة تنتهك قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة ذات الصلة.
وأوضح أن “إسرائيل” لا تزال تحتل جزءا غاليا من أرضنا في الجولان السوري وما زال أهلنا هناك يعانون من احتلالها ومن ممارساتها القمعية والعدوانية التي وصلت إلى حد حماية التنظيمات الإرهابية من خلال تقديم الدعم اللوجيستي والإسناد العسكري المباشر لها وشن الاعتداءات المتكررة على الأراضي السورية وانتهاك اتفاق فصل القوات للعام 1974 وتعريض وحدات قوات “الأندوف” للخطر على يد الإرهابيين الذين ترعاهم سلطات الاحتلال الإسرائيلي مبينا أن الاحتلال أصدر في الثامن من الشهر الجاري حكما جائرا بحق المناضل صدقي المقت “مانديلا سورية” يقضي بسجنه 11 عاما لا لشيء إلا لأنه وثق بالصوت والصورة تعاون سلطات الاحتلال مع تنظيم “جبهة النصرة” الإرهابي في منطقة فصل القوات في الجولان المحتل.
كما وأكد، على أن الاعتداءات الإسرائيلية التي تستهدف المنشآت العلمية والمرافق المدنية في سورية تشكل دليلاً دامغاً على انتقال “إسرائيل” إلى مرحلة جديدة من ممارسة إرهاب الدولة ناهيك عن تهريبها مئات من عناصر ما يسمى منظمة “الخوذ البيضاء” الإرهابية إلى الدول التي رعتهم وقدمت لهم كل الإمكانيات لاستهداف سورية مستغربا أن هذا التصعيد الأرعن لم يجد عينا ترصده ولا أذنا تسمعه في تقارير كبار موظفي المنظمة الدولية الذين تمكنوا من رصد طائرة ورقية لكنهم عجزوا عن تسجيل تعاون “إسرائيل” مع المنظمات الإرهابية في منطقة فصل القوات في الجولان السوري المحتل.
وأشار الجعفري إلى أن مجلس الأمن أكد في قراره رقم 497 لعام 1981 والذي تم اعتماده بالإجماع أن قرار “إسرائيل” الصادر بتاريخ 17 كانون الأول 1981 بفرض قوانينها على الجولان السوري المحتل لاغ وباطل وطالبها بصفتها القوة القائمة بالاحتلال أن تلغي قراراتها وإجراءاتها في الجولان السوري المحتل فورا.
وأوضح، أن القرار 497 طلب من الأمين العام أن يقدم تقريراً إلى مجلس الأمن خلال أسبوعين حول تنفيذ القرار وقرر أنه في حال عدم امتثال “إسرائيل” أن يجتمع مجلس الأمن بصورة استثنائية وفي مدة لا تتجاوز الخامس من كانون الثاني 1982 للنظر في اتخاذ الإجراءات الملائمة بموجب ميثاق الأمم المتحدة متسائلا بعد مرور 37 عاما على اتخاذ هذا القرار ماذا ينتظر مجلس الأمن لتنفيذ قراره وإرغام “إسرائيل” على إنهاء احتلالها للجولان السوري.
وقال: كان المفروض أن يتخذ مجلسكم قرارا بشهر كانون الثاني 1982 منذ 37 سنة ونحن ننتظر تطبيق المجلس لقراره رقم 497، ثم يتساءل بعض المنظرين من الزملاء ما أسباب الحروب في الشرق الأوسط؟ ولماذا هناك حروب وما أسباب العنف في الشرق الأوسط؟ هم لا يعرفون أننا ننتظر منذ 37 سنة لتنفيذ قرار مجلس الأمن لتحرير الجولان من الاحتلال الإسرائيلي وتحرير القدس المحتلة وإقامة الدولة الفلسطينية وتطبيق قرارات مجلس الأمن، هذه هي أسباب الحروب والعنف.
وأكد الجعفري، على رفض بلاده رفضاً قاطعاً قرار “إسرائيل” القوة القائمة بالاحتلال بإجراء انتخابات لما يسمى المجالس المحلية في الجولان السوري المحتل لافتا إلى أن أهلنا في الجولان السوري المحتل جددوا رفضهم كل ممارسات كيان الاحتلال الإسرائيلي القمعية واجراءاته الباطلة التي يحاول فرضها عليهم بما في ذلك التحضير لإجراء انتخابات لما تسمى المجالس المحلية في قراهم أواخر الشهر الجاري.
وشدد، على أنه لم يعد يحتمل أن يكون تعامل الأمم المتحدة والدول الأعضاء فيها مع هذا الاحتلال البغيض تعاملاً روتينياً أو تضامنياً دون أي تحرك جدي يثمر نتائج حقيقية ولا سيما بعد التصريحات التي أدلى بها رئيس حكومة الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الثامن من الشهر الجاري والتي تثبت بأن “إسرائيل” غير معنية بميثاق الأمم المتحدة وأنها مصممة على انتهاك قرارات مجلس الأمن بما فيها القرار رقم 497 حيث قال إن “وجود /إسرائيل/ في الجولان هو واقع مبرر مبني على حقوق قديمة.. إن السيادة الإسرائيلية على الجولان هي عبارة عن واقع يجب على المجتمع الدولي الاعتراف به، وطالما كان الأمر منوطا بي سيبقى الجولان تحت السيادة الإسرائيلية إلى الأبد”، مؤكدا أن هذا التصريح الخطير وما يرافقه من تطورات خطيرة في الجولان لم تسترع انتباه مبعوث الأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف الذي تجاهل كل هذه التطورات في إحاطته، كما تجاهل في إحاطته الإشارة إلى أي قرار من قرارات الأمم المتحدة العديدة والتي تطلب من السلطة القائمة بالاحتلال إنهاء احتلالها للأراضي العربية وهو بذلك حوّل الدور المهم للمنسق الخاص إلى مجرد مراسل إعلامي.
وجدد التذكير بأن قرار الجمعية العامة رقم 3314 قد اعتبر الاحتلال على رأس قائمة الأعمال العدوانية وبالتالي فإن من يصمت على هذا الاحتلال هو شريك في العدوان على شعوبنا، داعيا من يحاولون تحويل هذه الجلسات إلى جلسات إعلامية استعراضية لإعاقة اتخاذ إجراءات قانونية حاسمة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية ولأولئك الساعين بشكل محموم لفتح حروب بديلة في منطقتنا تستنزف طاقات شعوبنا إلى تحمل ما ستؤول إليه الأمور لأننا مصممون على تحرير أرضنا بكل الوسائل التي تضمنها لنا أحكام الميثاق وقرارات مجلسكم هذا مهما طال الزمن أم قصر فالحق إلى جانبنا والقانون إلى جانبنا.