الإفراج عن بولارد لمحاصرة نتنياهو وتمرير "النووي"

نتنياهو
حجم الخط

ترى النخب الإسرائيلية أن الرئيس الأميركي باراك أوباما، أراد من خلال قراره عدم الاعتراض على الإفراج عن الجاسوس اليهودي جوناثان بولارد، الذي أمضى حكماً بالسجن 30 عاماً، بعد إدانته بالتجسس لصالح إسرائيل وتزويدها بمعلومات سرية بالغة الحساسية، أن يصطاد عدة عصافير بحجر واحد. 

فحسب الكاتب اليميني أمنون لورد، هدف أوباما من وراء قراره هذا إلى تحسين قدرته على تمرير الاتفاق النووي مع إيران في الكونغرس، الذي يسيطر خصومه الجمهوريون على مجلسيه. وأوضح لورد في مقال نشرته صحيفة "ميكور ريشون" اليمينية بتاريخ 29 يوليو/تموز الماضي، أن أوباما هدف إلى تكثيف الجدل حول  إشكاليات العلاقة مع إسرائيل من أجل الضغط على النواب الديمقراطيين، الذين يبدون في موقف متردد من الاتفاق مع إيران، بشكل يقلص هامش المناورة أمامهم ويدفعهم لتأييد الاتفاق.

ورأى لورد أن أوباما أراد أيضاً توجيه رسالة قوية للجاليات اليهودية في الولايات المتحدة عبر تذكيرها بـ"الولاء المزدوج والخيانة"، من أجل دفعها للانكفاء على الذات وعدم تقديم دعم لتحرك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الهادف لإحباط الاتفاق. واستدرك قائلاً إن أوباما يدرك أن قرار الإفراج عن بولارد لن يسهم في تخفيف المعارضة التي يبديها نتنياهو للاتفاق.

بدوره، رأى الكاتب الإسرائيلي شموئيل روزنر، أن أوباما أراد من خلال الجدل الذي سيثار حول جذور قضية بولارد، التأكيد على أنه على الرغم من التحالف بين الولايات المتحدة وإسرائيل، لكن المصالح لا يمكن أن تكون متطابقة في جميع الأحوال، مما يستدعي الولايات المتحدة إلى الحرص على تحقيق مصالحها.

وقال روزنر في مقال نشرته مجلة "jewish journal" بتاريخ 28 يوليو/تموز الماضي، إن أوباما يراهن على أن الجدل الذي سيثار حول قضية بولارد سيعزز من صدقية الحجج التي يسوقها لتبرير قراره التوقيع على الاتفاق مع إيران. واعتبر أنه في كل ما يتعلق بالصراع على مصير الاتفاق مع إيران، فأن إسرائيل لن تكسب شيئاً بالإفراج عن بولارد، على اعتبار أن قرار الإفراج عنه يسهل على أوباما مهمة تمرير الاتفاق ويحاصر التحرك الذي يقوده نتنياهو ضد الاتفاق.

لكن هناك رؤية إسرائيلية اعتبرت أن اليمين الإسرائيلي سيستفيد من الإفراج عن بولارد. وتشير الرؤية نفسها إلى أن المقابلات التي أجرتها وسائل الإعلام الإسرائيلية مع بولارد في السجن أظهرت أنه يتبنى مواقف يمينية متطرفة تستند إلى مسوغات دينية. ويتوقع على نطاق واسع أن يتم استيعاب بولارد في أحد الأحزاب اليمينية، على اعتبار أن هذا الأمر ينسجم مع توجهاته الإيديولوجية. وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة "هآرتس" في عددها الصادر في 29 يوليو/تموز الماضي أنه من غير المستبعد أن يعلن نتنياهو عن تعيين بولارد كوزير في حكومته بمجرد أن تطأ قدماه أرض مطار "بن غوريون"، مع العلم أن إسرائيل منحت بولارد وزوجته إستر الجنسية الإسرائيلية. وتقيم إستر حالياً في القدس المحتلة.

وعلى الرغم من أنه سبق لبولارد أن هاجم نتنياهو بسبب "الآلية غير المفيدة" التي اتبعها في ضغطه على الإدارة الأميركية لإطلاق سراحه، فإن هناك في إسرائيل من يرى أنه من غير المستبعد أن يتعاون بولارد ونتنياهو سياسياً مستقبلاً.

وذكرت الإذاعة العبرية الخميس الماضي أن اليمين الإسرائيلي يرى في بولارد "ذخرا" انتخابيا يسهم في تعزيز مكانته وتمثيله البرلماني.

في المقابل، هناك نظرة إسرائيلية ترى أن نجم بولارد سرعان ما يأفل، بسبب ما سيشاع حول الدوافع الحقيقية وراء عرض خدماته التجسسية على إسرائيل، لا سيما في كل ما يتعلق بالناحية المالية.

وقال المعلق العسكري لصحيفة "هآرتس"، أمير أورن، إن بولارد سيحصل على بضعة ملايين من الدولارات، بسبب القيمة التراكمية للأجر، الذي وعدت إسرائيل بمنحه إياه مقابل بيعها المعلومات السرية الحساسة.

يذكر أن الوزير السابق يائير شامير، أحد قادة حزب "يسرائيل بيتنا"، الذي يقوده أفيغدور ليبرمان، رفض في إحدى الجلسات التي عقدتها الحكومة السابقة دفع أي ثمن سياسي مقابل الإفراج عن بولارد، بحجة أن دوافع بولارد كانت في الأساس مادية.