كــلــمــات قــاســيــة عــن نــتــنــيــاهــو

نتنياهو
حجم الخط

مائير داغان مدين بالمعروف لنتنياهو. "عندما مرضت"، قال لنا داغان أول أمس، "احتجت الى كبد للزراعة. وقد هرع نتنياهو لمساعدتي. ليس عندي أي ضغينة شخصية نحوه: بل العكس".
على الرغم من ذلك، قرر أن يقول اقوالا قاسية، خطيرة، عشية سفر نتنياهو الى واشنطن. داغان، رئيس "الموساد" في زمن شارون، اولمرت ونتنياهو، رجل كثير القصص وعظيم النفوس، هو اسرائيلي قلق. "في الاسبوع الماضي"، قال لنا، "بلغت السبعين. اولادي يعيشون جميعهم في البلاد. أحفادي يعيشون في البلاد. أنا اريد لسلالتي أن تستمر".
داغان ليس يسرويا بالضبط: كل من يعرف سيرته الذاتية يشهد على ذلك. في الموضوع الايراني هو شريك لنتنياهو في قلقه. "ايران نووية هي واقع لا يمكن لاسرائيل أن تسلم به"، يقول.
ولكن نتنياهو، بالطريقة التي يدير بها الامور، يجلبنا، برأي داغان، الى هذا الواقع الصعب. "من ألحق الضرر الاستراتيجي الاكبر باسرائيل في الموضوع الايراني هو رئيس الوزراء"، قال لنا.
المشروع النووي الايراني، قلنا، بدأ قبل عهد نتنياهو.
"في 1998 رأينا مؤشرات اولى على سعي ايران لنيل سلاح نووي"، قال. "فقط في 2002 – 2003، في عهد شارون، بدأنا نفهم شدة التحدي. عقدت مداولات، وقالت المحافل المهنية في جهاز الامن لشارون ان المشكلة ليست فقط لاسرائيل بل وللعالم. وقد أوصت شارون بأن يبقي على ظل اسرائيلي طفيف، وأخذ شارون بالتوصية. مداولات مشابهة جرت لدى اولمرت، واقرت السياسة من جديد.
"65 في المئة من احتياطات النفط في العالم توجد في اراضي ايران والدول المحيطة بها. وعليه فإن المشكلة هي مشكلة العالم. اما بالنسبة لاسرائيل، فهي تدخل هذا المجال مع زبدة على الرأس. حتى اليوم لم توقع اسرائيل أي ميثاق في المجال النووي. وهي ترفض الخضوع للرقابة الدولية. وبالتالي فإن من الافضل الا تقف في الجبهة. ندعم كل جهد استخباري وسياسي ولكن نبقى دوما في الصف الخلفي.
"لم نجلس بصفر فعل. العقوبات الاولى ضد ايران فرضت في 2003، بتأثيرنا".
كانت هناك اعمال سرية، قلنا. 
قال: "دوما قلنا ان المشروع الايراني يمكن تأخيره ولكن لا يمكن تصفيته بالاعمال السرية. عندما أنهيت ولايتي كرئيس للموساد في 2001 قلت انه حتى 2015 لن يكون لايران سلاح نووي. ليس لطيفا لي أن اقول ذلك ولكني كنت محقا.
"كان لنا الوقت: بعضه استغل جيدا، بعضه لا. نجحنا في أن نلحق غير قليل من الدول في مجال التعاون ضد المشروع. كانت لنا نجاحات لا بأس بها، بدء ببلجيكا وألمانيا وانتهاء بدول الشرق الأقصى. أقنعنا دولا بوقف بيع عناصر كانت ضرورية للمشروع – عناصر لها استخدام مزدوج. ويدور الحديث عن كميات كبيرة – لنقل عشرين ألف عنصر. حققنا قرارا في الأمم المتحدة ضد ايران؛ دفعنا الى الأمام بتشديد العقوبات؛ جلسنا في مداولات حميمة مع الاميركيين.
"وصلنا الى أن كانت الاسرة التجارية الدولية تخشى عقد الصفقات مع ايران. فقد ابتعدت التجمعات التجارية عن ايران بسبب التخوف من التورط في اماكن اخرى، بكلمات اخرى، خسارة المال. وليس الجانب القانوني وحده هو المقرر – الواقع على الارض ايضا: فقد فهمت التجمعات التجارية بأنها ستدفع اثمانا على خرق العقوبات.
"ولكن نتنياهو أراد أن يسير خطوة اخرى. فقد حول المشكلة الايرانية الى مشكلة اسرائيلية. والدول التي عملت ضد ايران قالت في اعقاب خطاباته انها معفاة من المسؤولية. اذا ما وصلت ايران الى نقطة الحقيقة، فإن اسرائيل ستعالجها".
لماذا تخلى نتنياهو عن الخيار العسكري، سألنا.
"كل المحافل المهنية عارضت"، قال داغان. "نتنياهو كان ينبغي ان يأخذ المسؤولية الكاملة عن القرار. ولم يرغب في أخذ المسؤولية.
"عارضنا، ولكننا لم نفكر بالتمرد عليه. أي منا لم يشكك في صلاحية رئيس الوزراء في اتخاذ القرارات. أبدينا رأينا المهني وهذا كل شيء. بتقديري نتنياهو لم يقرر العملية لأنه لم يرغب في تحمل المسؤولية. لم يرغب في التوجه الى قرار دراماتيكي حيال رؤساء المنظومة بأنه عرف ان المسؤولية في نهاية المطاف ستقع عليه. بحياتي لم أره يأخذ المسؤولية عن أي شيء.
"رأيت زعماء توصلوا الى قرارات وبعد ذلك اعترفوا، اخطأنا. فأحد ليس معصوما عن الاخطاء. الفارق بينه وبين الآخرين هو الاستعداد لاخذ المسؤولية. هو قوي في الاقوال، ليس بالافعال".
ويروى عن داغان أن نتنياهو سأله ذات مرة اذا كان سمع بث الخطاب الذي ألقاه في مؤتمر "ايباك" في واشنطن. فقال له داغان انه لم يسمع ولن يسمع. فهو لا يولي أهمية كبيرة للخطابات.
اما نتنياهو ففوجئ. وقال ان ترتشل القى خطابات مهمة جدا في البرلمان.
وقال له داغان ان كل خطاب لترتشل جاء قبل فعل أو بعد فعل.
ورفض داغان التأكيد على مسمعنا بأن مثل هذا الحديث قد جرى.

مخاطر لا تطاق
"النووي الايراني"، قال داغان، "هو تهديد وجودي على اسرائيل. في هذا الشأن رأيي قريب من رأي نتنياهو. نقطتان تقلقني بشكل خاص في المفاوضات التي تديرها القوى العظمى مع ايران: ماذا سيحصل اذا ما وعندما يخرق الايرانيون الاتفاق، وما العمل بعد نهاية الفترة، عندما يقرر الايرانيون التوجه نحو سلاح نووي.
"كان بوسع اسرائيل ان تضمن ضمانات اميركية للعمل اذا ما وعندما خرقت ايران الاتفاق. اما في وضع العلاقات الحالي فمن المشكوك ان يكون ممكنا الوصول الى ذلك.
"يبذل نتنياهو الجهود حيال الاميركيين فقط. وهو لا يبذل جهدا حيال الدول الاخرى. كان ملزما بأن يسافر الى ميركيل، كامرون، اولند، بوتين – الذي يدعي بأنه صديقه – والى الصينيين. في سلوكه حيال الادارة يخلق بكلتي يديه دافعا لدى الاميركيين للمسارعة للوصول الى اتفاق. كيف سيفسر اوباما بأنه لم يصل الى اتفاق؟ أن نتنياهو اخضعه؟ أم الجمهوريون؟".
إذن ما الذي تقترحه، سألنا، الا نفعل شيئا؟
"بتهكم يمكنني أن اقول لكم، تعالوا نعلن الحرب على الولايات المتحدة، نخسر ونطلب المساعدة. ما كان يمكننا أن نفعله هو أعمال تمدد الزمن: أعمال سرية؛ تشجيع محافل المعارضة والاقليات داخل ايران؛ يوجد الكثير من الادوات. ما كنت لادخل في مواجهة اميركية داخلية، حيال الرئيس. في الكونغرس سيصفقون لنتنياهو، ولكن القوة في يد الرئيس. ما الذي سيحققه نتنياهو في هذه الرحلة؟ أنا لا أتمكن من الفهم. ما هو هدفه، التصفيق؟ هذه الرحلة هي فشل معروف مسبقا.
"رئيس وزراء اسرائيلي يدخل في مواجهة مع ادارة اميركية يجب أن يسأل ما هي المخاطر. وفي موضوع المستوطنات لا فرق بين الحزبين. وعلى الرغم من ذلك، فإنهم يبسطون علينا مظلة الفيتو. في وضع المواجهة من شأن هذه المظلة ان تختفي، وفي غضون وقت قصير ستجد اسرائيل نفسها حيال عقوبات دولية.
"المخاطر في مثل هذه المواجهة لا تطاق. نحن ندفع أثمانا باهظة اليوم. بعضها أعرفها وأمتنع عن تفصيلها".
البيت الابيض، قلنا، اعلن انه أوقف اشراك اسرائيل في المعلومات السرية حول المفاوضات مع ايران. من تجربتي، هل مثل هذا البلاغ ينزل الى الاسفل والى الجانب، لكل منظومة العلاقات مع الادارة؟
قال: "نعم هذا يحصل بسرعة كبيرة. رئيس السي.اي.ايه هو تعيين سياسي، مستشار الامن القومي هو تعيين سياسي، وزير الخارجية هو تعيين سياسي. كلهم، بما في ذلك الموظفون، يعملون حسب روح القائد. رأينا هذه الظاهرة في المواجهات التي كانت في الماضي، في قضية بولارد مثلا. نحن متعلقون بالاميركيين من حيث الوسائل القتالية الاستراتيجية. عندما يقول قادة الادارة ان اسرائيل تعمل بخلاف المصلحة الاستراتيجية الاميركية، فثمة هنا مخاطرة بعيدة المدى على اسرائيل.
"ماذا يعني ان يقول رئيس الوزراء نحن لا نحتاج الى معلومات عن المحادثات. لدينا مصادرنا؟ فهل يلمح بأننا نلاحق الولايات المتحدة؟
"مكانتنا في العالم ليست لامعة الآن. مسألة الشرعية لاسرائيل توجد قيد النقاش. لا ينبغي القضم من العلاقات مع صديقنا الاهم. وبالتأكيد ليس علنا، بالتأكيد ليس في ظل الدخول الى الدائرة السياسية الداخلية هناك. هذا ليس سلوكا مناسبا لرئيس وزراء".
قلنا، ولكن نتنياهو يرى في الاتفاق مع ايران تكرارا لاتفاق ميونيخ. يمكن أن نفهم لماذا يعمل بشكل استثنائي.
فلاحظ داغان قائلا: "هكذا يقول. أنا لست واثقا من أنه هكذا يفكر. على رئيس الوزراء أن يعمل حسب تقويم وضع واعٍ. عليك ان تفكر بالهدف. خطابه في الكونغرس لم يبحث مع الجهات المهنية. لعله تحدث مع جهات سياسية.
"الايرانيون يقفون امام هذه المسرحية ويحتفلون. وهم يشعرون بأنهم نجحوا في دق اسفين بين اسرائيل وحليفتها، بين الشيطان الصغير والشيطان الكبير".
قلنا "الولايات المتحدة هي الاخرى ادارت مفاوضات من خلف ظهر اسرائيل. فقد جلسوا مع الايرانيين في عُمان.
فقال داغان: "لست راضيا عن هذا. فهو يجسد التردي في العلاقات. ولكن الاميركيين ليسوا أغبياء. فقد عرفوا بأنهم عندما كانوا يتحدثون في عُمان – فإن السعوديين، الاردنيين والاسرائيليين يعرفون ما يحصل".

عن "يديعوت أحرونوت"