اقتحام وزارة شؤون القدس ومحافظتها رسائل أمنية وسياسية من العيار الثقيل

images.jpg
حجم الخط

 

واضح بان ما جرى اليوم صباجاً من عمليات بلطجة واقتحام لمقر وزارة شؤون القدس ومحافظتها في ضاحية البريد في القدس،ليس فقط خروجاً عن قرارات الشرعية الدولية  ومواثيقها،بل وحتى خروجاً عن الإتفاقيات الإنتقالية التي جرى في ايلول 93 توقيعها بين المنظمة ودولة الإحتلال...والواضح بان الإحتلال في تصعيده للحرب على القدس والمقدسيين،اراد ان يستثمر سياسياً القرارات الأمريكية بنقل السفارة الأمريكية  من تل أبيب الى القدس والإعتراف الأمريكي  بالقدس عاصمة لدولة الإحتلال،وما تبع ذلك من قيام الإحتلال  بسن قوانين وتشريعات عنصرية في مقدمتها قانون ما يسمى بأساس القومية الصهيوني ،والذي في أحد بنوده يعتبر القدس عاصمة لكل يهود العالم،ولا يعترف بأية حقوق وطنية سياسية لشعبنا في المدينة...بإختصار سياسة تطهير عرقي بقصد وغرض قلب الواقع الديمغرافي  لصالح المستوطنين،وتغير المشهد الكلي في المدينة من مشهد عربي- إسلامي الى مشهد يهودي..وضمن ذلك المخطط فإنه من غير المسموح به لا للسلطة الفلسطينية ولا للقوى السياسية الفلسطينية ولا للمؤسسات المجتمعية الفلسطينية،بممارسة أي دور او نشاط او فعالية ،او القيام بأي عمل في القدس من شانه الدفاع عن وجود المقدسيين في المدينة وتدعيم صمودهم وبقائهم في مدينتهم وعلى أرضهم،وكذلك عدم السماح لا لسلطة او قوى سياسية بالتدخل في أية عمليات بيع او تسريب لعقارات وأراضي في المدينة المقدسة وضواحيها للجمعيات التلمودية والتوراتية..ولذلك وجدنا انه على خلفيات تسريب وبيع عقار اديب جوده في عقبة درويش 15  لجمعية "العاد" الإستيطانية،وما جرى لاحقاً من محاولة لتسريب عقار آخر قريب من هذا العقار،وفي ظل تحركات فلسطينية للدفاع عن عقارات واراضي المقدسيين وحمايتها من التسريب والبيع،ليس فقط من المتجردين من انتمائهم وحسهم الوطني ومن باعوا أنفسهم بأبخس الأثمان،بل من يقومون بتسريب وبيع تلك العقارات والأراضي عبر اساليب ملتوية من تزوير  وخداع وتضليل للمقدسيين،حيث جرى وخصوصاً ان الكثير من البيانات والتسجيلات والمحادثات والبوستات والفيديوهات التي انتشرت على خلفية ذلك،واحد من اهداف ذلك خلط الأوراق وضرب الحالة المعنوية للمقدسيين،وهدف أخر الوصول بالمقدسيين الى حالة من اليأس والإحباط وفقدان الثقة بأي مرجعية وطنية او دينية أو رسمية،والسعي لتشريع عمليات بيع الأراضي والعقارات للمستوطنين كشيء طبيعي.

الاحتلال وأجهزته الأمنية...في ظل ما احدثته عمليات بيع وتسريب العقارات من قبل حفنة من المرتزقة والمشبوهين والساقطين وطنياً وامنياً  من صدمة إيجابية عند المقدسيون،حيث القوى والعشائر والمؤسسات الدينية والرسمية أصدرت بيانات ورسائل،تدعو فيها المقدسيين الى عدم بيع وتسريب العقارات والأراضي للجمعيات التلمودية والتوراتية، واعتبرت ذلك ليس فقط خروجاً عن الموقف الوطني،بل فعل يرتقي الى حد الخيانة الذي يستوجب المحاسبة والعقوبة،بما يشمل فرض المقاطعة الدينية والوطنية والإجتماعية وتحريم الصلاة على البائع في المساجد ودفنه في المقابر...الخ.الإحتلال شعر بأن ذلك يهدد امنه وأمن المتعاونين معه،ومن شأن ذلك ان يعرقل من عمليات بيع وتسريب العقارات والأراضي في البلدة القديمة من القدس وما يسمى بالحوض المقدس (سلوان والشيخ جراح والطور) والمستهدفة بالتهويد بشكل أساسي،ولذلك تحركت أجهزة الأمن الإسرائيلية واعتقلت عدة مواطنين،ولتعتقل لاحقاً  مدير مخابرات القدس الأخ جهاد الفقيه ومحافظ القدس عدنان غيث،في تصعيد غير مسبوق،بحيث  قال الاحتلال بشكل واضح انه لن يسمح للسلطة او الفصائل الوطنية بالعمل في القدس،ولا باي شكل من أشكال السيادة او السيطرة،وانه لا حصانة لأي كان وزير او محافظ،وهو لا يرى في السلطة سوى سلطة بدون سلطة،فقط مسؤولياتها في قضايا وشؤون مدنية، لا تتعلق بأي شكل من الأشكال بالسيادة،وعندما يضع المحتل واجهزته الأمنية محافظ القدس تحت الحبس المنزلي لمدة أسبوع،فالرسالة واضحة،القدس خط احمر،وأي تدخل فلسطيني في شؤونها،من أي كان سيعرض نفسه لعقوبات كثيرة منها الإعتقال والطرد لخارج حدود القدس والإقامة الجبرية والحبس المنزلي،والقدس كما قال المتطرف ترامب الرئيس الأمريكي أزحيت عن طاولة المفاوضات...واليوم صباحاً ما جرى من عمليات اقتحام واسعة من قبل جيش الاحتلال ومخابراته لمقر وزارة شؤون القدس ومحافظتها ،والإعتداء على الموظفين  وتكسير المقر والعديد من الأجهزة والأثاث ومصادرة الكثير من الوثائق والحواسيب وغيرها،هي رسائل أمنية وسياسية ثقيلة من قبل دولة الاحتلال، بأنها ستمنع بالقوة وبكل الوسائل، السلطة من التدخل في شؤون القدس،بما في ذلك القيام بعرقلة عمليات بيع وتسريب العقارات والأراضي، حتى لو  وصل ذلك،ليس للإعتقال والمحاكمات للوزير والمحافظ وغيرهم من الموظفين،بل الإحتلال يذهب الى أبعد من ذلك،بانه مستعد لإغلاق وشمع الوزارة والمحافظة،ومنعها من ممارسة عملها،وما ينطبق على محافظة القدس،سينطبق على بقية مقرات الوزارات والمحافظات وغيرها من مؤسسات السلطة في الضفة الغربية،اذا ما قامت بأي عمل من شانه،ان يحد من سيطرة وإستيلاء المستوطنين على الأراضي والعقارات في الضفة الغربية...وفي ظل ما حدث اليوم فإنه بات  مطلوباً من السلطة الفلسطينية،في رد على الصلف والعنجهة والغطرسة الإسرائيلية،التي لا تقيم وزناً للسلطة،ولا تنظر اليها إلا كخادم لمصالحها الأمنية والإقتصادية،بأن تعمل على وضع قرارات المجلس المركزي الأخير والقرارات السابقة له في نفس السياق والإتجاه،وكذلك قرارات المجلس الوطني في 30/نيسان من العام الحالي،موضع التنفيذ والتطبيق،والتخلي عن الرهانات الفاشلة والسياسة الإنتظارية المدمرة،بالمراجعة الشاملة للعلاقات الأمنية والإقتصادية والسياسية  مع الإحتلال والسلطة ودورها ووظيفتها ومهامها،بما شمل وقف التنسيق الأمني بكافة أشكاله،وإلغاء اتفاقية باريس( برتوكول باريس الاقتصادي)،وسحب الإعتراف بدولة الاحتلال،وان تصبح السلطة خادمة لمنظمة التحرير وللشعب الفلسطيني.

ما حدث اليوم بإقتحام مقر وزارة شؤون القدس ومحافظتها في ضاحية البريد،وتكسير محتوياتها من حواسيب واثاث وأجهزة مكتبية،واعتداء على العاملين بالضرب، والمس بكرامة الوزير ومصادرة الكثير من الأوراق والوثائق والأجهزة،التي تخص عمل الوزارة والمحافظة،لها الكثير من التداعيات الأمنية والسياسية،فحكومة الإحتلال تقول بشكل واضح،نحن نعمل على توسيع نطاق عمل الإدارة المدنية،بزيادة عدد موظفيها وصلاحيتها،ولذلك سلطتكم ليست أكثر من سلطة خدمات بلدية، لا تمتلك أي شكل من أشكال السيادة والسيطرة على الأرض..وبالتالي لم تعد سياسة المماطلة والتسويف والإنتظار مجدية،فالسلطة الفلسطينية،عليها ان تتخذ خطوات جريئة في هذا الجانب،ترتقي الى حجم الحرب والعدوان الذي تشنه دولة الاحتلال على شعبنا وقضيتنا الفلسطينية عامة وعلى القدس خاصة،واذا ما مرت عمليات اعتقال المحافظ ووضعه في الحبس المنزلي،واهانة الوزير والتعدي عليه مرور الكرام، فإن السلطة ستخسر ما تبقى لها من هيبة عند المقدسيين.