لا زالت دولة الاحتلال الإسرائيلي تمعن في عدوانها ضد الشعب الفلسطيني، وتضرب بعرض الحائط جميع تفاهمات التهدئة مع المقاومة الفلسطينية بقطاع غزّة برعاية مصر والأمم المتحدة.
قال المحلل السياسي "هاني حبيب" في تصريح صحفي لوكالة "خبر": إنّ عملية التراشق المسلح ستستمر بين الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية، تأتي في سياق أن كلاهما يريدان إرسال رسالة إلى الداخل والخارج، موضحاً أنّ الأمر مناط بشكل كبير على ما ستخرج به عملية التقييم التي يترأسها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مع قادة الجيش والكابينت الإسرائيلي، في كيفية التعامل مع الوضع المتغير في القطاع.
بدوره، أكد رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة الأزهر د. مخيمر أبو سعدة، على أنّ الأوضاع كانت في طريقها للهدوء لولا الخروقات الإسرائيلية بالأمس، حيث كانت الأوضاع تتجه نحو التوصل إلى تفاهمات لوقف إطلاق النار، إلا أن المقاومة شعرت بأنه يجب عليها أن ترد على عملية اقتحام خانيونس واغتيال عدد من المقاومين.
وبالحديث عن إمكانية حدوث مواجهة عسكرية بين الطرفين، أوضح حبيب، أنّ المرحلة ستشهد على الأغلب موجة من التسخين والتصعيد، إلا أن الطرفين لا يسعيان للتدحرج نحو حرب واسعة.
من جانبه، أشار أبو سعدة، إلى أنّ إسرائيل على أبواب انتخابات جديدة بداية العام القادم، والمقاومة في غزة لا تريد أن تثقل على المواطنين بحرب جديدة، ففي نهاية الأمر أي عدوان لن يحل مشاكل غزّة، وإنما يزيد الوضع تعقيدًا.
أما بشأن جهود الوساطة المصرية والأممية، بيّن حبيب، أنّ هذه المرة ستكون الأمور بالغة الصعوبة على الوسطاء، وفي حال نجحت هذه الجهود في التوصل لهدوء مقابل هدوء، وهي معادلة فرضها الاحتلال، إلا أنّ سلطات الاحتلال وأجهزة الأمن والمخابرات والجيش، أقدموا على خدعة خرقت من خلالها هذه الوساطات، وخرقت فيها المعادلة التي فرضتها دولة الاحتلال، وبالتالي ستكون ثقة الوسطاء في دولة الاحتلال محدودة للغاية نتيجة ما قامت به سلطات الاحتلال في العملية العسكرية التي حدثت بالأمس شرق خان يونس، وهي عملية خرق فاضح لكل الوساطات التي كانت تتحمل مسؤولية التوصل لمعادلة الهدوء مقابل الهدوء.
ورأى أبو سعدة، أنّ إسرائيل تشعر بأنها محرجة أمام المجتمع الدولي والمصريين، كونها من بادرت بالعدوان على غزة مساء الأحد، لذلك فموقف التصعيد والتوقف عند هذه النقطة يعتمد بدرجة أساسية على السلوك الإسرائيلي، فإن قررت إسرائيل الرد فهناك مقابله رد عنيف من المقاومة الفلسطينية، منوهًا إلى أن إسرائيل تدرك حجم الحرج الذي وقعت فيه بسبب عمليتها العسكرية، بالإضافة إلى الانتقادات الواسعة في إسرائيل لفشل العملية العسكرية.
وحول توقيت رد المقاومة على العملية العسكرية، قال حبيب: إنّ "المقاومة لم تتأخر في عملية الرد، كونها لا تأخذ في الاعتبار السرعة فقط، بل عملية تقييم وتمحيص وتدقيق، فالعملية ليست مجرد زخات من الصواريخ بل تخدم خطًا سياسيًا وتخدم رؤية، وبالتالي عامل الوقت هو عامل يجب أن يكون مدروسًا وليس مجرد رد فعل".
ووافقه الرأي أبو سعدة، حيث أوضح أنّ الرد جاء بعد حوالي 20 ساعة من العملية العسكرية، كون المقاومة الفلسطينية تعتمد في الرد على المشاورات من خلال غرفة عمليات مشتركة، فلا يحق لفصيل فلسطيني الانفراد بحق الرد، وأن يقرر بمفرده البدء بعملية عسكرية واسعة.
رد الرئاسة
استنكر حبيب، موقف الرئاسة الصامت حول ما يجري في قطاع غزة، وكأن وسائل الإعلام والمستوى السياسي في الضفة الغربية تتعامل وكأنه محايدًا في هذا الإطار، محذرًا من تركه أثرًا مدمرًا على عملية التوصل لاستعادة الوحدة، مدينًا طريقة التعامل من قبل الرئاسة مع قطاع غزة.
فيما بيّن أبو سعدة، أنّ صمت الرئاسة على ما يحدث في قطاع غزة، يأتي في سياق انزعاج الرئيس والقيادات الفلسطينية في الضفة الغربية من التفاهمات المنفردة التي تجري بين حماس والجانب الإسرائيلي، سواء فيما يتعلق بإدخال الوقود والأموال القطرية إلى القطاع، أو الحديث عن تفاهمات التهدئة.
فشل ونجاح
أكد حبيب، على أن عملية شرق خانيونس التي تسلل الاحتلال خلالها بقوة خاصة لاغتيال واعتقال قيادات من القسام فاشلة بامتياز، ولكنها نجحت في اختراق الوضع الفلسطيني في أكثر من 3 كيلو ونصف، كما نجحت في الدخول إلى عقر دار الفلسطينيين، ومن ثم الانسحاب دون أن تترك قتلى أو جرحى وذلك باستخدام الحزام الجوي الناري، "وهذا هو النجاح الوحيد الذي يسجل للاحتلال، إلا أنه في التقييم العام فهي عملية فاشلة تمامًا إذا علمنا أنه تم كشفها من قبل رجال المقاومة لحظة وصولها إلى عملية اختراق القطاع".
كما اتفق أبو سعدة مع حبيب، بأنّ العملية فاشلة بامتياز، وأنها وضعت علامات استفهام كبيرة في داخل إسرائيل، من حيث التوقيت السيئ في ظل التفاهمات الأمنية الأخيرة بين مصر والأمم المتحدة مع إسرائيل، وأيضاً سماح إسرائيل بإدخال الأموال والوقود القطرية، وبذلك تكون هي من خرقت التهدئة، لافتاً إلى أنّ النجاح الوحيد الذي يسجل للعملية هو الخروج بالوحدة الخاصة بأقل الخسائر ومقتل ضابط وجرح آخر، وبدون أسر أي من عناصرها، ما عدا ذلك هي فشل بكل معاني الكلمة وبكل المقاييس.
يُذكر أنّ قوة إسرائيلية خاصة، اقتحمت مساء أول أمس الأحد، شرق خانيونس جنوب قطاع غزّة، واغتالت القيادي بكتائب القسام نور بركة ومرافقه، وبعد اكتشاف أمر القوة من قبل المقاومة، تم محاصرتها والاشتباك معها، حيث اضطر الاحتلال لإدخال سلاح الجو لإنقاذ قوته، الأمر الذي أدى إلى استشهاد 7 مقاومين وإصابة آخرين، ومقتل ضابط إسرائيلي إصابة آخر.