تمر اليوم الأربعاء، الذكرى السادسة لمعركة "حجارة السجيل" التي خاضتها فصائل المقاومة الفلسطينية في مواجهة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في 14 نوفمبر 2012، بعد جولة تصعيد استمرت ليومين لقنت فيها المقاومة الاحتلال هزيمة مدوية.
وبدأ الاحتلال عدوانه في 2012 باغتيال نائب القائد العام لكتائب لشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة (حماس) أحمد الجعبري، إثر استهدافه مع مرافقه في غارة جوية من الطيران الحربي الإسرائيلي، بينما كانا يستقلان سيارة وسط غزة.
وقتل جيش الاحتلال خلال عدوانه 175 مواطنًا، منهم 43 طفلًا و18 مسنًا، فيما أصيب 1222 آخرين، بينهم 431 مواطناً و207 سيدات و88 مسنًا. في المقابل اعترف الاحتلال بمقتل خمسة إسرائيليين بينهم جندي وإصابة 240 آخرين.
وارتكب خلال عدوانه سلسلة مجازر بحق عائلات كاملة مثل عائلتي "الدلو وأبو زور"، ونفذ أكثر من 1500 غارة على قطاع غزة، وادعى أنه دمر 19 مقرًا قياديًا ومركزًا للقسام، فيما هدم أكثر من 200 منزل سكني بشكل كامل و1500 منزل بشكل جزئي.
واستهدف الاحتلال خلال عدوانه عشرات المساجد، ودمر اثنين منهم بالكامل بينما تضررت عشرات المساجد جزئيًا، إلى جانب استهدافه عددًا من المقابر.
وزعم أنه استهدف 180 منصة صاروخية موجهة للمقاومة و140 نفقاً للتهريب و66 نفقاً للمقاومة، و26 موقعاً لتصنيع وتخزين وسائل قتالية والعشرات من أنظمة إطلاق الصواريخ بعيدة المدى.
وقدرت الخسائر الاقتصادية اليومية المباشرة جراء العدوان في قطاع غزة بمبلغ 5 ملايين دولار، أي بإجمالي 40 مليون دولار خلال فترة العدوان.
وفي المقابل أعلنت القسام أنها أطلقت 1573 قذيفة صاروخية على مواقع الاحتلال واستهدفت طائراته وآلياته، إضافة إلى استخدامها لأول مرة صواريخ بعيدة المدى ضربت حتى 80 كلم، ولأول مرة في تاريخ الصراع طالت مدينتي "تل أبيب" والقدس المحتلة.
أما سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي فأعلنت انها أطلقت 600 صاروخ على مواقع الاحتلال من بنيها صواريخ فجر 5 وكورنيت إضافة إلى صواريخ غراد.
وكلفت صواريخ المقاومة حكومة الاحتلال نحو 30 مليون دولار لتشغيل نظام "القبة الحديدية" الدفاعية.
وأعلن اتفاق وقف إطلاق النار لإنهاء عدوان الاحتلال عبر وزارة الخارجية المصرية بعد تدخلات أمريكية وإقليمية واسعة النطاق على أن يتضمن رفع الحصار عن قطاع غزة وفتح معابره التجارية.
أما الشهيد الجعبري، يقول موقع القسام عنه إن اغتاليه شكل نهايةً مسيرة قائد فذ شجاع بدأها في العمل على انطلاق مسيرة العمل الجهادي في فلسطين، وتخللها انتزاع صفقة وفاء الأحرار، ثم اختتمها بتأدية فريضة الحج قبل أن يرتقي إلى العلياء.
ويوضح أنه ولد عام 1960م، في مدينة غزة، وما أن اشتدّ عوده، حتى أبصر الهزائم النكراء للجيوش العربية، فأيقن تمامًا أن تحرير الأوطان لا يكون إلا بمقاومة صادقة، ورجال لا تخاف في الله لومة لائم.
ويضيف الموقع أن طبعَ الجهاد والمقاومة كانت فطرية بداخل الجعبري، حيث اعتقل حينما كان يبلغ من العمر 18 عامًا بتهمة المشاركة في خلية مسلحة مقاومة الاحتلال.
وحكم عليه بالسجن لمدة 13 عامًا؛ وتأثر خلال بشخصية وفكر القائد العام لكتائب القسام صلاح شحادة (اغتيل في صيف 2002) رغم الاختلاف التنظيمي بينهما آنذاك، وسريعًا ما انضم الجعبري لصفوف حركة حماس رغم كل الضغوطات التي لاحقته.
وكرّس الجعبري وقته خلال اعتقاله في السجون المركزية في السنوات التسع الأولى من اعتقاله للاطلاع وخدمة المعتقلين، وقاد معهم عددًا من الإضرابات، وكان في كثير من الأحيان يمثل الأسرى أمام إدارة السجن التي تهابه لمواقفه القوية والحازمة.
وفي مطلع عام 1994م؛ قررت سلطات الاحتلال الإفراج عن معتقلين فلسطينيين كبادرة حسن نية تجاه منظمة التحرير بعد توقيع اتفاقية أوسلو، شريطة أن يوقع المعتقل على تعهد بعدم "ممارسة الإرهاب والمقاومة" والالتزام بالاتفاقيات.
إلا أن الجعبري رفض التوقيع مقابل الإفراج عنه، وقال آنذاك: "أمضيت في السجن 11 عامًا، وسأكمل العامين الباقين ولا يقال لي يومًا إن اتفاقية أوسلو هي التي أخرجتك من المعتقل، وإنك وقعت على تعهد بعدم ممارسة المقاومة، فلماذا نحن خلقنا واعتقلنا؟".
ويبين موقع القسام أن للجعبري دورُ كبير في ترتيب وقيادة العمل العسكري قبل وخلال انتفاضة الأقصى وتدرج في قيادة الكتائب ولعب دورًا لوجستيًّا كبيرًا، لاسيما بعد استشهاد القائد العام الشيخ صلاح شحادة.
ويوضح أنه شارك في زيادة تدريب وتسليح كتائب القسام بشكل كبير، وحوّلها برفقة إخوانه من مجموعات مسلحة إلى جيش شبه نظامي يتكون من تشكيلات قتالية نظامية.
وخلال عمله العسكري، نجا من عديد محاولات الاغتيال، وكان أبرزها، عملية الاغتيال في 7 أغسطس 2004م حينما قصفت طائرة إسرائيلي منزل عائلته في حي الشجاعية شرق غزة، فاستشهد نجله محمد (23 عامًا) وشقيقه فتحي (38 عامًا) وصهره، وعدد من أقاربه، ومرافقه علاء الشريف (27 عامًا)، إلا أنه نجا من محاولة الاغتيال وأصيب بجراح طفيفة.
لمع اسم الجعبري إعلاميًا، خلال عمليات التفاوض التي قادها نيابة عن القسام مع عدد من الوساطات العربية والدولية للإفراج عن الجندي الإسرائيلي "جلعاد شاليط" الذي أسرته كتائب القسام عام 2006م، في عملية "الوهم المتبدد".
وأكد موقع القسام، على أن الجعبري أظهر "صلابة وشراسة المفاوض القسامي، أمام المراوغات الصهيونية في كل جولة من المفاوضات التي استمرت لقرابة الخمس سنوات".
ولفت إلى أن سعى برفقة إخوانه من قادة القسام، لإخراج العدد الأكبر من الأسرى القدامى وأصحاب المحكوميات العالية، وهذا ما حدث في أكتوبر 2011م، عند إتمام صفقة "وفاء الأحرار" بنجاح كبير.
كما وأورد موقع القسام رسالته الأخيرة قبيل استشهاده والتي يقول فيها: "أنا مطمئن اليوم على حماس، فقد شكلت جيشًا قويًا، وأقر الله عيني بصفقة وفاء الأحرار، وأتمنى أن ألقى ربي راضيًا مرضياً".
يشار، إلى أنه انتهت مساء أمس جولة تصعيد بين فصائل المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال الإسرائيلي دامت نحو يومين، حيث نجح الفلسطينيون في إرغام عشرات عائلات المستوطنين في مستوطنات غلاف غزة ومدينة عسقلان على النزوح عنها، وأظهرت المقاومة عبر غرفة عملياتها المشتركة انضباطا وسيطرة عالية على الميدان.