تكثر أسماء وألقاب مصطفى بدر الدين، القيادي في "حزب الله" المطلوب من أكثر من جهة دولية، والذي يحاكم غيابيًا في لاهاي بتهمة قتل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، لكنه يبقى شبحًا تقل المعلومات المؤكدة عنه. وما يعرف الآن إنه يقود العمليات العسكرية للحزب في سوريا.
إنه "ذوالفقار" للمقربين منه، وهو "الياس فؤاد صعب" للسلطات الكويتية التي حكمت عليه بالإعدام في العام 1984، بعد اتهامه بتفجيرات استهدفت السفارتين الأميركية والفرنسية والمطار.
وهو مصطفى أمين بدر الدين للمحققين والقضاة في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، التي تشهد محاكمة غيابية لفريق من المتهمين بقتل رفيق الحريري، رئيس وزراء لبنان الراحل. وهو أيضًا سامي عيسى، الصائغ المسيحي الثري الذي يقود سيارة مرسيدس ويملك يختًا كبيرًا، لعدد كبير من العشيقات اللواتي يستضيفهن في بيته في شمال بيروت.
إلى كل الأسماء والألقاب التي سيقت آنفًا، بحسب موقع "ديلي بيست" الأميركي، هو أيضًا صافي بدر، الذي قالت وزارة الخزانة الأميركية إنه يقود التدخل العسكري لـ "حزب الله" في الميادين السورية، ويحضر شخصيًا الاجتماعات التي تحضر بحضور رئيس النظام السوري بشار الأسد، أو أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصر الله.
آخر مرة شوهد فيها بدر الدين حين كان حاضرًا في جنازة جهاد مغنية، ابن قريبه ونسيبه ورفيق دربه الطويل في "حزب الله" عماد مغنية، الذي قتلته غارة نفذتها طائرة إسرائيلية بلا طيار على قافلة عسكرية كان جهاد في عدادها، إلى جانب مستشارين إيرانيين، في المقلب السوري من هضبة الجولان.
وقالت "نيويورك تايمز" حينها إن بدر الدين نفسه كان المستهدف في الغارة، إذ كان من المفترض أن يواكب الضباط الإيرانيين، لكنه غير خططه في آخر لحظة. والمعلوم أن ضابطًا كبيرًا في الحرس الثوري الإيراني قتل في الغارة.
وليست هذه المرة الأولى التي ينجو فيها بالصدفة. فقد نجا من حبل المشنقة في العام 1990 حين غزا صدام حسين الكويت، وهاجم السجون مفرجًا عمن كان فيها، وبينهم بدر الدين، الذي فر إلى السفارة الإيرانية، التي أعادته إلى بيروت، ليستعيد فورًا نشاطه الأمني.
بفضل اتفاق الطائف، الذي وقعه اللبنانيون في العام 1989، توقفت الحرب الأهلية. فانصرف بدر الدين، أو ذو الفقار، مع رفاقه الجهاديين في رحلة جهادية بجنوب لبنان، كبدت إسرائيل 1500 قتيل، حتى قررت الانسحاب من الأراضي اللبنانية في العام 2000.
بدر الدين غير موجود بشكل قانوني. يقول أحد المدعين في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان: "لا بيانات رسمية في لبنان تفيد بأي معلومات عن مصطفى بدرالدين، فهو لم يستخرج يومًا جواز سفر، ولا رخصة قيادة، ولا تسجيل لأي عقار باسمه في لبنان، ولا تملك السلطات أي معلومات عن دخوله إلى لبنان أو خروجه منه، ولا بيانات في وزارة المالية تفيد بأنه دفع الضرائب يومًا، ولا حسابات مصرفية باسمه. فهو غير موجود، أو شبح لا يمكن اقتفاء أثره في لبنان".
نقل موقع "ديلي بيست" عن نيكولاس بلانفورد، مؤلف كتاب: "مجاهدون في سبيل الله: 30 عامًا من صراع "حزب الله" ضد إسرائيل"، قوله: "لـ "حزب الله" قيادات معروفة، كالمسؤولين الاجتماعيين ونواب الحزب في البرلمان".
أما سامي عيسى، فقد وجد الادعاء في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان أثره، إذ توصل إلى قناعة مفادها أن عيسى هذا هو نفسه بدر الدين، "وكان مالك سلسلة من محلات الصاغة والمجوهرات في بيروت، وشقة في جونية مسجلة باسم شخص آخر، ويختًا مسجلًا أيضًا باسم رجل آخر، ويقود سيارة مرسيدس ثمينة، مسجلة هي أيضًا باسم شخص آخر، وكان له عشيقات كثيرات، وشوهد مرارًا في المطاعم والمقاهي مع أصدقائه".
ويقول موقع "ديلي بيست" إنه استفهم الادعاء في المحكمة الدولية عن الدليل الذي أوصله إلى هذه القناعة، لكن رد الادعاء لم يصل حتى لحظة نشر الموقع التقرير هذا.
ويقول الموقع إن عيسى كان قادرًا من منزله في جونية أن يرى الإسرائيليين في العام 1982 ينزلون أسلحتهم وعتادهم وقواتهم من بوارجهم البحرية في أكوامارينا، التي يطل عليها منزله.
وتقول "تايمز" إن بدر الدين صار رئيسًا للوحدة 1800 في حزب الله، ونقل تجربته إلى العراق في 2003 لتأليف الوحدة 3800 التي أخذت على عاتقها تأسيس رديف لـ "حزب الله" في العراق بين الشيعة، وكذلك كان له دور أساسي في تجميع الميليشيات الشيعية في العام 2012 لمساندة النظام السوري ضد الثورة السنية التي قمت ضده.
وقد سجل في مدينة القصير اعتراضات عناصره عندما وجدوا أن تقنية حفر الأنفاق لضر العدو من الخلف، التي علموها لحماس كي تضرب الإسرائيليين، تستخدم ضدهم في الأراضي السورية.
وختم الموقع تقريره عن بدالدين قائلًا: "بعد ثلاثة أعوام من الحرب في سوريا، بشار الأسد نفسه يعترف باستنزاف قواته، وحزب الله يرسل إلى الجبهات شبانًا لم تنبت لحاهم بعد، ليعودوا في نعوش بوتيرة هي الأسرع منذ بداية الحرب. شعار بدر الدين، بحسب صحيفة مناصرة لحزب الله، هو 'النصر أو الشهادة'، ومع تكرر الغارات الإسرائيلية على القنيطرة، حيث كان من المفترض أن يقتل بدر الدين، يتساءل المرء إن كان النصر سيتحقق قريبًا".