توالت ردود الأفعال المنددة بافتتاح مقهى خمور على أرض مقبرة مأمن الله الإسلامية التاريخية في القدس المحتلة، وسط غضب شديد من هذه الخطوة التي اعتبرت جريمة بحق أكبر وأعرق مقبرة إسلامية في فلسطين التاريخية، ونادت بتحرك الجهود لوقف مسلسل انتهاك حرمة المقبرة والجرائم المتواصلة بحقها، وملاحقة مرتكبيها.
وفي تصريح للشيخ رائد صلاح – رئيس الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني – قال: “افتتاح هذا المقهى هو عمل شرير مفسد يؤكد أن الاحتلال الإسرائيلي يحمل نفسية انتهاك كل مقدساتنا في القدس المبارك، عن سبق إصرار، سواء كانت مساجد أو مقابر، مع تركيزه على مواصلة انتهاكه للمسجد الأقصى المبارك.” وأضاف أن افتتاح هذا المقهى في مقبرة مأمن الله يعتبر استمرار للنهج الاحتلالي القبيح، الذي يؤكد أن هذه الاحتلال يحمل نفسية لن تتغير، وعلاجه الوحيد هو زوال الاحتلال الإسرائيلي حتى يزول شره معه”.
وحول الخطوات الممكنة لمواجهة هذا الانتهاك بحق المقبرة قال الشيخ صلاح: “في الماضي كان لنا خطوات كثيرة جدا، دارت بين النشاط الشعبي والاجتهاد بمحاولة تأخير وقوع جرائم الاحتلال على المقبرة قدر المستطاع، عن طريق الوسيلة القضائية. كما اجتهدنا أن يكون لنا نشاط محلي وعالمي، ومراسلات مع ذوي الشأن في الأمة المسلمة والعالم العربي، ولا زلنا نحمل هذا الاستعداد لكل هذه النشاطات، عسى أن ننجح في يوم من الأيام بوقف تسلسل جرائم هذا الاحتلال التي لا نهاية لها، وفي مقبرة مأمن الله تحديداً”.
وأضاف: “كما نعلم حتى الآن سوّلت للاحتلال نفسه أن يقيم متنزه في المقبرة، وموقف للسيارات وفندق، وها هو الآن يسعى الى ما يسميه زوراً وبهتاناً “متحف التسامح”، على حساب اغتصاب مقدسات المسلمين، وهو يحاول الآن أن يتمادى أكثر ويعلن عن افتتاح مقهى قد تُباع فيه الخمور على حساب قدسية هذه المقبرة الإسلامية التاريخية التي أول من دفن فيها جيل الصحابة، ثم التابعون وأتباع والتابعين ومن بعدهم”.
أما المحامي خالد زبارقة – ناشط حقوقي وقانوني مختص في شؤون القدس والأقصى -فقال: “افتتاح هذا المقهى الذي تباع فيه المأكولات والمشروبات ومنها الخمور على أرض مقبرة مأمن الله، كأنه يقول للأمة الإسلامية أنه لا يحلو له تناول الخمور الاّ على أنقاض ورفات المسلمين. هذه الممارسات هي اعتداء على حرمة الأموات وكرامة الإنسان، واعتداء على القيم الإنسانية بشكل عام، وهو الأمر الذي لا نقبله ونرفضه جملة وتفصيلاً، فافتتاح هذه المقهى هو جريمة بحق الإنسانية، ومن يتحمّل هذه الجريمة هي إدارة شبكة مقاهي ” لندفار” ورئيس بلدية الاحتلال في القدس نير بركات، وهذا الأمر يعتبر حسب عرف القانون الدولي شريك في هذه الجريمة ويتيح ملاحقته، كما أن لجنة التخطيط والبناء المحلية اللوائية التي أتاحت بناء مثل هذا المقهى تتحمّل وزر هذه الجريمة، والحكومة الإسرائيلية تتحمّل وزرها أيضا، ونعتقد أن المجرم لن يفلت من العقاب مهما طال الزمان”.
وبدوره وصف أحد متولي وقف “مأمن الله” وعضو الهيئة الإسلامية العليا الحاج مصطفى أبو زهرة في تصريحات صحفية ما جرى بأنه انتهاك صارخ لحرمة الموتى، وأن الأمر لا يقتصر على المقهى، وإنما يشمل صالة خاصة بالرقص وحانة للخمور، إلى جانب مراحيض عامة فوق قبور الأجداد من الصالحين والشهداء”.
ولفت إلى أن الانتهاك يشمل التراث الإنساني العالمي، الأمر الذي يستوجب إدانة دولية للاحتلال الإسرائيلي، وأضاف: “ندعو السلطة الفلسطينية إلى تحمل مسؤولياتها كدولة من خلال التوجه إلى منظمة اليونسكو المعنية بهكذا قضايا وصولاً إلى لجم الاحتلال، ووضع حد لعربدته الآخذة بالتصاعد. هذه المقبرة جزء من الموروث ويجب الحفاظ على كرامة الإنسان حياً وميتاً”.