أكد وكيل وزارة الداخلية اللواء محمد منصور، على أنّ دولة فلسطين ممثلة بالرئيس محمود عباس، ورئيس الوزراء، وزير الداخلية رامي الحمد الله، جادون في التعامل لترسيخ مبادئ حقوق الانسان وتجسيدها على أرض الواقع، حرصاً والتزاماً بتعهدات فلسطين بالاتفاقيات الموقعة.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقده منصور، اليم الخميس، ردًا على تقرير "هيومن رايتس ووتش" (HRW) حول انتهاكات حقوق الإنسان في فلسطين، في مقر وزارة الداخلية، برام الله، بحضور ممثلين عن المنظمة.
وأضاف منصور: "قطاع الأمن رغم أنه يعمل في ظروف غاية في التعقيد، بسبب الاحتلال الإسرائيلي، والانقسام، إلا أن الخطة الاستراتيجية لعمله تهدف إلى ضمان حقوق الإنسان، وحقوق المرأة، وحوكمة قطاع الأمن".
وتابع: "حصلنا على ردود الأجهزة الأمنية حول ادعاءات ارتكاب مخالفات بحقوق الإنسان في الضفة، وعددها 21 حالة، وتم مراجعة القرارات الصادرة عن الحاكم والسجلات الطبية والزيارات التي قامت بها هيئات محلية وأخرى دولية للتأكد من أن الإجراءات جرت حسب الأصول".
وأشار منصور، إلى استمرار التعاون مع "هيومن رايتس"، معربا عن أمله بأن يتقبلوا الملاحظات بما ورد في تقريرها بصدر رحب.
وبيّنت الوزارة، في بيان وزعته عقب اختتام المؤتمر، أنّ المنظمة قامت بإصدار تقريرها المعد سلفا ووزعته باللغتين العربية والإنجليزية دون أن تناقش وزارة الداخلية بمضمون الرد على تقريرها، وأنها لا تعترف بالقرار الأممي بقبول دولة فلسطين بصفة عضو مراقب منذ عام 2012، اذ ما زالت تستخدم مصطلح السلطة الفلسطينية، في الوقت الذي تعترف فيه بـ"حماس" كسلطة مقابلة لدولة فلسطين برغم قيامها بالانقلاب على الشرعية الفلسطينية المعترف بها دوليا.
وأوضحت أن عبارة "الشرطة المدنية لدى "السلطة الفلسطينية وحماس" تأسست عام 1993، رغم أن السلطة الوطنية لم تكن قائمه بعد، وتم إنشاؤها عام 1994، وحماس لم يكن لها وجود رسمي حتى فوزها في انتخابات عام 2006 وتشكيلها للحكومة.
يُشار إلى إلى أنّ تقرير "هيومن رايتس" اعتبر وجود مجموعة خارجة عن القانون في مخيم بلاطة والبلدة القديمة في مدينة نابلس تشكل معارضة سياسية، والمستهجن أنها اعتبرت ملاحقة الأجهزة الأمنية لهذه المجموعة أعمالا انتقامية وانتهاكا لحقوق الإنسان، مع العلم ان هؤلاء الاشخاص قاموا بتسليم أنفسهم لقوى الأمن طواعية.
وفيما يلي نص البيان الذي صدر عن الداخلية:
انطلاقاً من ايمان دولة فلسطين بقيمة الإنسان وكرامته وصون حرياته الأساسية الواردة في وثيقة إعلان الاستقلال الصادرة عن المجلس الوطني الفلسطيني عام (1988) وما جاء في القانون الأساسي الفلسطيني وتعديلاته لعام (2003) والتزاما بتعهداتها الدولية ومصادقتها على العديد من المواثيق والمعاهدات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان، والذي انعكس على سياسة دولة فلسطين بتسهيل حرية عمل المنظمات المحلية والدولية ومؤسسات المجتمع المدني القائم على مبدأ الشراكة والتكامل للاستفادة من نشاطات وتقارير هذه المؤسسات، لمنع انتهاكات حقوق المواطن الفلسطيني وضمان تمتعه بكامل حقوقه وحرياته الأساسية.
ولتحقيق ذلك فقد أنشأت دولة فلسطين لجنة خاصة لمواءمة تشريعاتها الوطنية مع الاتفاقيات الدولية، وبخاصة المتعلقة منها بحقوق الإنسان لتتلاءم مع تعهداتها الدولية.
إن وزارة الداخلية في دولة فلسطين تعرب عن تقديرها للجهود التي بذلتها منظمه "هيومن رايتس ووتش" أثناء إعدادها للتقرير وتنظر بجدية لما ورد منه حول حالة حقوق الإنسان في فلسطين تؤكد الوزارة جاهزيتها لاستمرار تعاونها مع منظمة (HRW) وغيرها من الهيئات المحلية والدولة التي تدافع عن حقوق الإنسان واحترام سيادة القانون.
وبناء عليه فقد أصدر رئيس الوزراء، وزير الداخلية رامي الحمد لله تعليماته بضرورة إجراء دراسة معمقة وبمسؤولية ومهنية عاليتين للتقرير من اجل التعرف على أي انتهاكات حقيقية لحقوق الإنسان الفلسطيني، لتلافي تكرار هذه المخالفات في المستقبل ومحاسبة المسؤولين عنها ونتيجة لهذه الدراسة، اسمحوا لي تسجيل الملاحظات التالية على التقرير.
اولا: من يقرأ عنوان التقرير وهو (سلطتان.. طريقة واحدة.. المعارضة ممنوعة.. الاعتقال التعسفي والتعذيب في ظل السلطة الفلسطينية وحماس) يدرك ان "هيومن رايتش" وهي منظمة دولية مستقلة اصدرت حكمها المسبق على أن ما ورد في تقريرها، مسلمات غير قابلة للنقاش او الرد، بدليل انها وللأسف لم تأخذ بعين الاعتبار رد وزارة الداخلية الذي حصلت عليه من الأجهزة المعنية، حيث قامت بإصدار تقريرها المعد سلفا ووزعته باللغتين العربية والإنجليزية دون أن تناقش وزارة الداخلية بمضمون الرد على تقريرها.
ثانيا: من الواضح أن المنظمة لا تعترف بقرار الأمم المتحدة القاضي بقبول دولة فلسطين بصفة عضو مراقب منذ عام 2012، اذ ما زالت تستخدم مصطلح السلطة الفلسطينية في الوقت الذي تعترف فيه بحماس كسلطة مقابلة لدولة فلسطين برغم قيامها بالانقلاب على الشرعية الفلسطينية المعترف بها دوليا.
ثالثا: ورد في التقرير عدة مغالطات نذكر منها على سبيل المثال ما يلي:-
أ) وردت عبارة الشرطة المدنية لدى (السلطة الفلسطينية وحماس) تأسست عام 1993، وانتم تعلمون ان السلطة الوطنية الفلسطينية لم تكن قائمه بعد، وتم إنشاؤها عام 1994، وحماس لم يكن لها وجود رسمي حتى فوزها في انتخابات عام 2006 وتشكيلها للحكومة.
ب) اللجنة الأمنية المشتركة لم تكن موجودة عام 2006 كما جاء في التقرير، وهي ليست جهازا امنيا مستقلا، إنما تم تشكيلها من ممثلين عن الأجهزة الأمنية المختصة عام 2014 لتنسيق الجهود الأمنية، وعدم حدوث تضارب أو تداخل في المهام والصلاحيات تسهيلا على الموطنين ولمواجهة التحديات الأمنية المتمثلة ببعض حالات الفلتان الامني ومظاهر الفوضى ومحاربة كافة اشكال الجريمة في سبيل فرض النظام وسيادة القانون وملاحقة الفارين من وجه العدالة وتقديمهم للمحاكم المختصة، علما أنه صدر قرار بتاريخ (4/6/2018) بحل هذه اللجنة، والاستعاضة عنها بمدراء العمليات المركزية في الأجهزة الأمنية من واقع اختصاصاتهم لمتابعة القضايا الأمنية.
ج) ان منظمة (HRW) تعتبر وجود مجموعة خارجة عن القانون في مخيم بلاطة والبلدة القديمة في مدينة نابلس تشكل معارضة سياسية، والمستهجن أنها اعتبرت ملاحقة الأجهزة الأمنية لهذه المجموعة أعمالا انتقامية وانتهاكا لحقوق الإنسان مع العلم ان هؤلاء الاشخاص وعددهم محدود قاموا بتسليم أنفسهم لقوى الأمن طواعية، حيث تم عرضهم على المحاكم المختصة آنذاك لاتخاذ المقتضى القانوني.
وبعد ذلك استقر الوضع في مخيم بلاطة والبلدة القديمة في مدينة نابلس.
د) جاء في التقرير "منذ ان اكتسب الفلسطينيون درجة من الحكم الذاتي على الضفة الغربية وقطاع غزة منذ 25 عاما، انشأت سلطاتهم (أي سلطات الشعب الفلسطيني) آليات اضطهاد للقضاء على المعارضة منها استخدام التعذيب".
إن استخدامها لعبارة درجة من الحكم الذاتي، بقصد الانتقاص من تطلعات الشعب الفلسطيني وقيادته لنيل الحرية والاستقلال، يقابل ذلك استخدام عبارة سلطات بهدف تعظيم المخالفات وهي سلطة واحدة.
من المعلوم أن السلطة الفلسطينية عند تأسيسها عام 1994 وعودة قوى الأمن الفلسطيني وعلى رأسها الشهيد القائد الرمز ياسر عرفات، لم تكن هناك معارضة تستحق الذكر، بل كانت تحظى بتأييد كبير، كان واضحا من خلال استقبال الجماهير الحاشدة لها سواء في قطاع غزة او والضفة وكانت في البدايات منشغلة بإنشاء المؤسسات المدنية والأمنية، ومضى فترة على انتشارها في مختلف محافظات الوطن، فلا ندري هل أنشأت السلطة آليات اضطهاد وتعذيب قبل قيامها وتشكيل الأجهزة الأمنية؟
علما ان الرئيس الراحل ياسر عرفات -رحمه الله- اصدر مرسوما رئاسيا بتاريخ (30/9/1993) بإنشاء الهيئة المستقلة لحقوق الانسان، والذي تم نشره لاحقا في الجريدة الرسمية (الوقائع الفلسطينية) تحت رقم (59) لعام 1995.
بالإضافة الى ان المادة رقم (31) من القانون الأساسي الفلسطيني تنص على إنشاء الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، وكذلك فقد اصدر فخامة الرئيس محمود عباس تعليمات بتاريخ (14/5/2013) بشأن التأكيد على الالتزام بحظر كافة أنوع التعذيب واحترام المواثيق والمعاهدات الدولية الخاصة بحقوق الانسان، وتصويب وتفعيل أدوات الرقابة ذات الاختصاص وكذلك تعليمات رئيس الوزراء، وزير الداخلية لقادة الأجهزة الأمنية بالعمل على منع التعذيب.
من المؤسف أن منظمة (HRW) صورت في تقريرها الوضع في فلسطين وكأن هناك حالة حرب والأجهزة الأمنية الفلسطينية هي التي تحتل البلاد وليست إسرائيل، وتقوم الأجهزة كما جاء في التقرير باعتداءات على نطاق واسع على المواطنين الفلسطينيين، واعتبرت أن هذه الانتهاكات هي ممنهجة، وان التعذيب سياسة حكومية وان هذه الممارسات متعمدة وبدون أي إجراءات من قبل المسؤولين، ومن المستهجن أن منظمة (HRW) تصدق روايات بعض المتهمين وذويهم وتستخدم أسماء مستعارة ولا تتعاطى مع الرد الرسمي الموثق.
وبناء على ما ذكر فإن منظمة (HRW) تطالب في تقريرها الدول والمنظمات الدولية باتخاذ الخطوات التالية:
1) مطالبة الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي (إصدار بيان عام يعبر عن القلق حيال الاعتقالات التعسفية الممنهجة التي تنفذها السلطة الفلسطينية بحق المعارضين والانتهاكات ضد المحتجزين منهم، وتعليق المساعدات لقوى الأمن المتورطة في الاعتقالات التعسفية والتعذيب الواسع النطاق).
2) تطالب المدعية العامة بالمحكمة الجنائية الدولية السيدة (فانس بنسودا) بفتح تحقيق رسمي بالجرائم الخطيرة المرتكبة في فلسطين.
3) تدعو شركات وسائل التواصل الاجتماعي ومقدمي خدمات الانترنت بالامتناع عن الإفصاح عن بيانات المستخدمين والسماح للإفراد باستعمال أسماء مستعارة علما أن الأجهزة المختصة لا تطلب مثل ذلك الا بإذن من النيابة العامة، وفق القانون، عند ملاحقة الفارين من وجه العدالة وقد ارتكبوا جرائم تمس الأمن والنظام وتقديمهم للقضاء.
4) تدعو الرئيس محمود عباس إلى تمكين هيئة حكومية مستقلة من تفتيش أماكن الاحتجاز والتحقيق وملاحقة ادعاءات سوء المعاملة وفي هذا الإطار فإن الحكومة بصدد الانتهاء من خطوات إنشاء الآلية الوطنية الوقائية لمنع التعذيب التزاما من دولة فلسطين بتعهداتها، بعد توقيع سيادة الرئيس بتاريخ (28/12/2017) على البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب، علماً ان عدة هيئات دولية ومحلية تقوم بهذه المهام بكل حرية مثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر، مكتب المفوض السامي لحقوق الانسان، الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان نقابة الصحفيين وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني.
وفي الختام فإن وزارة الداخلية سوف تواصل جهودها مع كافة الجهات المحلية والدولية من اجل ضمان احترام حقوق الإنسان الأساسية وترسيخ سيادة القانون، حيث إن الهدف الأساسي للحكومة كما جاء في اجندة السياسات الوطنية هو المواطن اولا.
اشكركم مرة اخرى على حضوركم واهتمامكم بقضايا حقوق الإنسان، وحرصكم الدائم للوقوف على الحقيقة، وارجو وان نلتزم جميعا بالمهنية والموضوعية والشفافية والحيادية عند تناول أي موضوع.