التلاعب بعدادات الكهرباء بالملايين وحقوق الناس

صلاح هنية.jpg
حجم الخط

لو أن مواطنا غلبان تلاعب بعداد الكهرباء أو المياه ليوفر على نفسه شواكل بسيطة لقامت الدنيا ولم تقعد ولتحدثت عنه منابر المساجد وازدانت الشوارع الرئيسية ومداخل المدن بلافتات كبيرة تتحدث عن حرمة وجريمة سرقة الكهرباء والمياه، ولعمم اسمه في كل موقع وكل المنابر وبات هو الذي يدمر التطور والنهوض بقطاعي المياه والكهرباء ولولاه لرأيتم التطور الذي وقع ويقع.
أما سرقة كهرباء بقيمة مليوني شيكل فالحديث عن الموضوع يمس الأمن الاقتصادي للبلد ويضر بأمن شركة الكهرباء التي ستتعرض لمتابعات ان انبست بحرف حول هؤلاء، ولن يتم النطق بضرورة تحويلهم لعدادات كهرباء مسبقة الدفع كما يحدث مع أي فقير ومقطوع، حله تلك العدادات ليتحكم باستهلاكه، ولن يتم تدفيعهم مبالغ طائلة لاستعادة التيار مثلهم مثل أي مواطن غلبان تقطع عنه الكهرباء بعد ثلاث فواتير فيدفع 80 شيكلا لاستعادتها وأظن أن هؤلاء لن يدفعوا فقد أصدروا قرارا باستعادة التيار.
لن تقف شركات الكهرباء والمياه على ركبة ونصف لمطاردة هذه الحالة وجعلها نموذجا يحتذى في التعامل مع كل القضايا بذات المسطرة ليطمئن المواطن انه مشترك محترم له ذات الحقوق وعليه ذات الواجبات، لن يصرخ في وجههم على العلن مهندس الكهرباء ويقول لهم: لن نتنازل عن القضية في القضاء ضدكم، كما فعل المهندس عندما صرخ في وجه احد الفقراء يوم اعتصمنا باب الشركة للاحتجاج على الأسعار وقال له: مهما فعلت لن نتنازل عن القضية وغدا لقاؤنا في المحكمة.
لسان حال الناس هذه القضية وازدواجية المعايير في التعاطي مع المشتركين، والمبالغ التي تدفع لاسترجاع التيار، والمبالغ المتضمنة في الفاتورة، رغم أن مجلس تنظيم قطاع الكهرباء يمتلك صلاحيات للمتابعة ويمتلك وحدة شكاوى في حال فشلت العلاقة مع شركة التوزيع، ولا زالت خدمات توصيل الكهرباء مرتفعة نسبيا، إلا أن التعرفة موحدة وتتم مراجعتها دوريا مع الشركاء كافة.
لن يتراجع احترامنا وتضامننا مع شركة كهرباء محافظة القدس، ولن يتراجع موقفنا في دعم شركات توزيع الكهرباء وضرورة ضم البلديات للشركات وحماية حقوق المشتركين ضمن نظام واحد تحققه الشركات، إلا أننا نحثهم على عدالة وتوازن المعاملة مع المشتركين، واعتبار القانون والنظام أساس التعامل وعدم اعتبار من يستقوي بمشروعه الاقتصادي او عزوته خارج دائرة الإجراءات المعتمدة للتعامل مع كل من يسرق الكهرباء ومن لا يدفع لا يجوز وجود وجهين للتعامل.
اليوم، في ضوء الفضاء الإلكتروني المتاح لم يعد بالإمكان غض الطرف عن جرائم باتت معروفة للقاصي والداني ولم يسمع أي كان عن العقاب، بينما تلقى كل الأعباء على كاهل المخيمات وكأنها مركز عدم الدفع، ترى لماذا لم تتمكن سلطة الطاقة والموارد الطبيعية من تنفيذ ما تم الاتفاق عليه مع اللجان الشعبية للاجئين والمخيمات بخصوص تنظيم معالجة المديونية والخصومات والتقسيط ليغلق هذا الملف الى الأبد، ترى هل لم يغلق ليظل شماعة نعلق عليها الديون المتراكمة على فاتورة الكهرباء من الوزارات والمؤسسات الحكومية التي تضخمت فاتورتها، وتضخم فاتورة البلديات التي يجب ان تخرج من قطاع الكهرباء وتصبح جزءا من شركات التوزيع، وتضخم فاتورة عديد المصانع والورش التي ترفض تركيب عداد دفع مسبق لأنها تعمل ليلا ولا تستطيع ان تتحمل انقطاعا «هكذا أفادت اتحاداتهم التي تمثلهم» وبالتالي لا تدفع المستحق عليها بالفاتورة، وهناك تجمعات سكانية لا تدفع وتدفع اقل نسبة التحصيل منخفضة جدا ولا يشار لهم بالبنان.
فتح ملف سرقة كهرباء بقيمة مليوني شيكل في رام الله الباب على مصراعيه لنقاش الأمر من أساسه وبات لسان حال الناس (لن ندفع نيابة عن من لا يدفع)، (لن نسمح ان تتضاعف فاتورتنا لتغطية نفقات من لا يدفعون)، (لن ندفع مبلغا مقطوعا أساسه في الفاتورة دون سند قانوني لتغطية التخلف عن الدفع عن آخرين)، باختصار لن نوزع الأعباء بين الملتزمين لتغطية نفقات من لا يدفعون نحن لسنا صندوق مانح.
مطلوب، اليوم، اعتماد معايير الشفافية في التعاطي مع المشتركين وهناك جهود بنيت في قطاع الكهرباء تحديدا بحيث تكون الشركات منفتحة على المشتركين وتتواصل معهم وتتابع قضاياهم، والشركات التجارية باتت تنظم حملات في الشهر ثلاث مرات لضمان ولاء مشتركيهم، صحيح ان موزع الكهرباء لا يوجد عنه بديل ولا يوجد خيار لاختيار الشركة التي نتعاطى معها إلا ان هذا لا يمنع من خطب ولاء المشتركين ورعاية شؤونهم، حتى ان الشركات نفسها تعترف في لحظة مصارحة انها باتت اقل قدرة على متابعة مشتركيها من ذوي العدادات مسبقة الدفع بينما الفاتورة تؤهلنا لتواصل العلاقة مع المشتركين.
عقدنا في جمعية حماية المستهلك عدة لقاءات بخصوص قطاع الكهرباء وصلت الى خمسة حول مواضيع مختلفة ومتنوعة وكان النداء الأساسي: انتم شركات تجارية لماذا لا تعتمدون الأسس التجارية القائمة على العروض والجوائز والخصومات والحوافز، لماذا تغيبون عن المشتركين ولا تظهرون إلا لحظة الفاتورة، أليس مزعجا ان تجد في مدخل العمارات السكنية الفواتير تتناثر على الأرض بعضها ليس لسكان العمارة ولا علاقة لهم بها، إلا يوجد نظام عصري للتعاطي مع هذا المشهد غير المنطقي.