هزيمة اسرائيل في عدوانها على غزة

التقاط.PNG
حجم الخط

 

تعرض قطاع غزة بتاريخ 13/11/2018 لعدوان اسرائيلي جديد، غداة العملية الاسرائيلية الفاشلة في خانيونس، إما لإعادة أسرى المحتل او لارتكاب جريمة كبرى قبل التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار، أو هدنة مؤقتة بين "حماس" واسرائيل وهو ما فشل فشلاً ذريعاً.

وقبل هذا وبعده قلنا ونقول إن من المهم جداً تسريع، وبدعم مصري مشكور، لانهاء هذا الانفصال المأساوي الذي يؤثر تأثيراً مباشراً وكارثياً على مشروعنا الوطني الفلسطيني، خصوصا وأن الاحتلال يسعى لترسيخ هذا الانقسام تمهيداً لتصفية القضية عبر ما يسمى بـ "صفقة القرن" الغبية من قبل الرئيس الاميركي ، دونالد ترامب، الصهيوني سياسياً وصاحب الشيطنة المالية، حتى لو اضطر لبيع المثل العليا كما ينص عليها الدستور الاميركي ، خاصة حق تقرير المصير، ورفض التمييز العنصري وحق الشعوب بالحرية والاستقلال.

الوضع الفلسطيني المتأزم منذ احتلال العام 1967م لا بد ان ينتهي حسب القرارات الدولية وليس بانفراد الادارة الأميركية المارقة وحليفتها العنصرية اسرائيل.

ان ما يجري من مصادرات أراض واستيطان للبيوت والاعدامات المتعمدة يوميا في الضفة الغربية يجب أن يتوقف، كما أن الاعتداءات المتكررة على المقدسات الاسلامية والمسيحية، وتدنيس المسجد الاقصى يعتبر جريمة في حق الديانتين، الإسلامية والمسيحية .

الجرافات الاسرائيلية لم تتوقف عن جرف أملاك وأراضي ابناء شعبنا في الضفة بحجة بناء الطرق الالتفافية لربط مستعمرات اسرائيل المسلحة، فيما تخترع اسرائيل قوانين يومياً لخدمة المستعمرين الذين يعتدون دون توقف على المدنيين الفلسطينيين وحقولهم وممتلكاتهم.

ليس منطقياً في هذا الوضع المأساوي ان نلوم إخواننا العرب، طالما أننا نحن الفلسطينيين لم ننه هذا الانفصال البغيض، الذي يستغله الاحتلال لتنفيذ مخططاته بما في ذلك السيطرة الكاملة على مقدساتنا الإسلامية والمسيحية وتهويد القدس. ان الشعوب العربية من الخليج الى المحيط ترفض الاحتلال الاسرائيلي وحتى الدول التي وقعت مع اسرائيل على معاهدات سلام لم تقتنع شعوبها ابدا بالسلام مع الاحتلال وبهذه المعاهدات الوهمية، والسبب المباشر هو ما يمارسه الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، لأن القضية الفلسطينية هي قضية العرب الأولى، وهي مفتاح السلام في العالم أجمع. وما من شك أننا نلوم بعض حكام العرب الذين يهرولون نحو التطبيع مع الاحتلال الاسرائيلي، لان هذه الهرولة بمثابة طعن في ظهر قضيتنا المقدسة وخدمة للاحتلال، خلافا لما هو متفق عليه في جميع القمم العربية.

ان من واجب السلطة الوطنية ان تدعم قطاع غزة وتدفع رواتب الموظفين كافة وتؤمن الكهرباء والمياه الصالحة للشرب، كما أن على حركة "حماس" ان تدفع لخزينة الدولة ما يأتي من دعم من الخارج باسم قضية فلسطين، كما أن عليها تحويل جميع الضرائب التي تجبيها من الفلسطينيين لخزينة الدولة.

أما موضوع السلاح الفلسطيني فلا يجوز ابدا الاستغناء عنه بل بالعكس يجب ان يكون رادعاً للمحتل، ولكن هذا السلاح يجب أن يكون مرتبطا بحكومة الوحدة الوطنية، كما يجب ان يكون قرار الحرب أو السلم بيد القيادة الواحدة الموحدة حتى يزول هذا الاحتلال تماماً وتنسحب اسرائيل من جميع الأراضي التي احتلتها عام 1967 حسب القرار 242 وايجاد حل عادل لقضية اللاجئين حسب القرار الأممي رقم 194 للعام 1949، القاضي بحق اللاجئين في العودة والتعويض.

هذا هو المطلب اليومي للشعب الفلسطيني الذي ذاق الأمرين من هذا الانفصال المأساوي فالاستقلال والحرية أهم بكثير من المناكفات والمصالح الضيقة، والتي يغذيها اعداء الوطن حتى يتم ترسيخ الانفصال، الذي يؤذي أهلنا الصامدين في غزة، كما يؤذي الشعب الفلسطيني في الضفة والشتات والداخل لأننا شعب واحد واقع تحت أبشع استعمار أجنبي ما زال جاثماً على صدورنا، بدون أي ذنب ارتكبه الفلسطينيون بحق اليهود الاشكناز الذين شردهم النازي والذين خططت الصهيونية والاستعمار البريطاني لحل قضيتهم على حساب شعبنا وأرضه وحقوقه.

واليوم تأتينا ايران لدعم الانفصال بحجة مقاومة الاحتلال وكأننا ننتظر أي دولة في العالم تريد تفرقة الشعب الفلسطيني لأجل دعم واهن ضد محتل غاصب.

الشعب الفلسطيني يناشد " حماس" بالذات بأن لا تضع العراقيل أمام اتفاقات كانت هي و"فتح" قد وقعتا عليها برعاية الشقيقة مصر، لأن القادة الحقيقيين يجب أن يكون لهم نظرة واقعية سياسية وانسانية،بيدا عن ايران التي همها ان تفرق ولا توحد، واعني بالذات النهج الواضح والصريح لزعماء ايران، فإيران مزقت لبنان، الذي كان منارة العرب في الحرية والديمقراطية التي كان يتمتع بها ابناء هذا البلد العربي، الذي كان قبله للسائحين العرب وغير العرب، والذي احتضن الثورة الفلسطينية لسنوات طويلة، كما احتضن الكثير من لاجئي شعبنا.

ان الرئيس سعد الحريري الذي سار على خطى والده المرحوم رفيق الحريري، الذي وحد ولم يفرق، للنهوض بهذا البلد من إعمار واستقرار لا مثيل له يقف اليوم مكتوف اليدين أمام التدخل الايراني السافر ليعرقل أي استقرار لمنارة العرب، وما من شك فإن الشعب اللبناني يقف الى جانب الحق الذي يسعى اليه الحريري .

ونشير ايضا الى أن اميركا التي دمرت العراق قدمته لإيران على طبق من ذهب، كما ان سوريا ليست بعيدة عن التدخل الايراني وكذا اليمن الذي لا زال يعاني من حرب طاحنة أحد أهم أسبابها التدخل الايراني.

وعلى قادة " حماس" ان يدركوا ان هدف شعبنا بأسره وبكل فصائله وفي مقدمتها " فتح" هو انتزاع حقوقنا المشروعة وطرد هذا الاحتلال من بلادنا ولكن علينا الآن ان ندرس الواقع العالمي جيداً ونبني سياستنا بهدوء حتى ننال الاستقلال النهائي.

فلا اميركا ولا اوروبا باقية كما هي الآن، وما من شك فإن الشعب الأميركي لا يمكنه القبول باستمرار دفع بلايين الدولارات من خزينته الى دولة محتلة هدفها طرد أهل البلاد الأصليين خارج وطنهم.

إن فلسطين عربية مهما حاول الاستعمار طمس هذه الحقيقة وستبقى عربية الى الأبد وإن جميع الاتفاقات التي وقعت أو التي لربما توقع لاحقاً ما هي الاّ لأسباب سياسية عالمية وموازين قوي مجحفة طالما ظلم شعبنا وانتقصت من حقوقه، فنحن شعب عربي أصيل لا نعترف بوعد بلفور أو غير بلفور، ونقول للاسرائيليين : حتى في توراتكم وهو كتابكم المقدس وفي سفر نبيكم حزقايل ورد قوله " هذه أرض الكنعانيين أبوها أموري وأمها حثية " ولذلك من المستحيل تزييف التاريخ وحقائقه طوال الوقت ولا يمكن ايضا استمرار السكوت على ممارسات هذا الاحتلال مثلما تفعلون الآن مع أصحاب الأرض الأصليين أو كما تشرعون من قوانين عنصرية ضد شعبنا وحقوقه مثل قانون الغائبين وما يسمى " قانون القومية" وغيرهما، فشعبنا موجود وليس غائباً وحقوقه المشروعة لن تمحوها كل محاولات التزييف.نحن هنا في فلسطين ولن نرحل مهما دعمتكم اميركا والغرب من مال وسلاح فالحق لا يُلغى بالتقادم مهما طال الزمن، والأسلحة التي يتبرع لكم بها الغرب وبالأخص من جيوب دافعي الضرائب في اميركا والتي بلغت ليومنا هذا اكثر من 170 بليون دولار لن تطمس العدوان على شعب مسالم ليس له الان الا الصبر والصمود.

الشعب الفلسطيني لم ولن يركع مهما طال الزمن، واذا كان شعبنا قدم تنازلات لأجل السلام ووقف دوامة الحروب وسفك الدماء الاّ ان الجشع الصهيوني يريد ان ينفذ خطته البائسة، والتي تقول" ارضك يا اسرائيل من النهر الكبير الى النيل".

لذلك نقول للجميع بأن السياسة والمعادلات الدولية والاقليمية تتطلب من الجميع ان يسعوا للوحدة والزمن كفيل بإعادة الحق لاصحابه بالتأكيد، اذا ما توحدوا واذا ما عرفوا توجيه البوصلة نحو التحديات الحقيقية ولم يقعوا أسرى مكاسب آنية او فئوية ضيقة.